في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن في الوقت الحالي وماصاحبها من مشكلات اقتصادية كبيرة وتوقف الكثير من الأعمال والمشروعات التي كانت تضم آلاف العمال,اصبحت هناك أزمة اقتصادية كبيرة وانتشر الكساد وارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير, والاسلام يأمرنا بالعمل علي نشر المودة والرحمة والايثار, وقضية الأموال التي تصرف علي الحج والعمرة خصوصا لمن أدي فريضة الحج قبل ذلك من الممكن أن تكون نواة لحل المشكلات الاقتصادية التي نعاني منها في الوقت الراهن. الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة يقول: فرض الله عز وجل الحج علي الانسان القادر الذي يستطيع أداء هذه الفريضة والحج مرة واحدة في العمر, والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم حج مرة واحدة وأدي العمرة أربع مرات, لكن في ظل الظروف التي يمر بها الوطن في الوقت الحالي ووجود الكثير من الأسر التي تعاني من قسوة الحياة نتيجة الأحداث الأخيرة فإن التبرع بأموال الحج والعمرة لخزينة الدولة, أو انشاء صندوق خاص بهذه الأموال ويتم توجيهها للمساعدة في حل المشكلات الاقتصادية فإن هذا يعد ضرورة شرعية وواجبا دينيا وأخلاقيا يجب أن يتحقق ويكون نموذجيا يتم العمل في مثل هذه الأمور, فعلي كل انسان أدي فريضة الحج ولديه الاستطاعة المادية ويريد أن يؤدي الحج أو العمرة مرة أخري أن يتبرع بهذا المال لخزنة الدولة وله أجره عند الله عز وجل وعليه أن يعلم ويثق في أن الله سبحانه وتعالي جعل لذلك أجرا كبيرا ولهذا أري أن الظروف التي تمر بها مصر في الوقت الحالي تستدعي أن نعيش في تقشف وأن نقلل المصروفات علي مستوي الافراد ومستوي الدولة. ومسئولية الافراد هنا تقع علي عاتق كل القادرين الذين لديهم أموال تزيد علي حاجتهم ومن الممكن أن توجه لما فيه صالح فئة كبيرة من أفراد المجتمع أو توجه لانشاء مشروعات قومية يتم من خلالها تشغيل الشباب وقد يتم استخدام هذه الأموال لاصلاح المرافق العامة التي تعرضت للدمار حتي يستفيد منها الناس, والشريعة الاسلامية كلها عدل ورحمة وهذا يتطلب أن يشارك اصحاب الأموال في أداء الواجب الاجتماعي لسد حاجة الفقراء والمساكين. أما الدكتور فياض عبد المنعم استاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر فيقول: هذه القضية ندخل لها من منظور المقاصد والأهداف الكلية للنظام الاسلامي, فهناك ضروريات وهذه الضروريات تبلغ أهميتها وتزداد عندما تمس جانبا كبيرا من فئات المجتمع المسلم, وطبقا للواقع الاقتصادي الحالي وللظروف الصعبة التي يعانيها المجتمع فان القادرين ومن لديهم المال الذي يزيد علي حاجتهم عليهم مسئولية كبيرة في ارساء مبدأ التكافل ومساعدة المحتاجين وهذا قول الله تعالي يسألونك ماذا ينفقون قل العفو فكل انسان لديه مال يزيد علي حاجته وقد أدي الحج أو العمرة قبل ذلك فمن الضروري والواجب عليه شرعا أن يوظف هذا المال في مكان يعود بالنفع علي الأمة وخصوصا في وقت الأزمات والمحن التي تكاد تعصف باستقرار المجتمع حتي يجد كل انسان مايكفيه بدلا من أن تنتشر الجريمة والسرقات في الشوارع, فالعبادات يعود نفعها علي الشخص الذي يقوم بها, أما المسائل التي يعود نفعها علي عموم الأمة فان لها الأولوية, أجرها عظيم عند الله والله سبحانه وتعالي قال ليس البران تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة وهذا يؤكد أن التوازن الاجتماعي بين أفراد المجتمع ضرورة والشريعة الاسلامية تنظر الي تقوية الأمة علي أنها مقصد شرعي أساسي, والقوة الاقتصادية هي أساس تقدم المجتمع المسلم, وهناك مسئولية كبيرة تقع علي عاتق علماء الدين والدعاة في أن يحثوا الناس علي مثل هذه الأمور وأن يبينوا لهم الأجر الكبير الذي أعده الله عز وجل لمن يفعل ذلك, وأن مصلحة الأمة تستدعي التكاتف والوحدة.