كتبت:نجلاء محفوظ شارك نجيب محفوظ في ثورة25 يناير بإبداعاته وإن غاب بجسده.. كلما أعدنا قراءة نجيب محفوظ منحنا المزيد من أسراره التي تمتع العقل والوجدان معا... يكفينا إعادة الاستمتاع بآخر أعماله: أحلام فترة النقاهة لنري تألقه وحيويته وتعبيره المتفرد عن مقدمات الثورة حيث يكشف وهو بكامل لياقته الابداعية عن الفساد المستشري بمصر آنذاك وينبض بالغضب الشعبي الذي تجسد بالثورة.. تصاعدت بالثورة الهتافات المطالبة بالكرامة وهو ما عبر عنه محفوظ في المشهد البديع لرجل مقيد في عمود علي سطح سفينة يلتف حوله حبل من أعلي صدره حتي أسفل ساقيه وهو يحرك رأسه بعنف ميمنة وميسرة ويقول هذا عقابي لأنني جهلت أن أي إنسان لايمكن ان يخلو من كرامة مهما يهن شأنه.. نتوقف عند أول حلم في أحلام فترة النقاهة حيث يسوق بطل القصة دراجته مدفوعا بالجوع ليبحث عن مطعم مناسب لذوي الدخل المحدود ويجده مغلق الأبواب ثم يري صديقا له فيطالبه بترك الدراجة معه ليسهل عليه البحث فيفعل ويذهب لمطعم العائلات بأسعاره المرتفعة ويجده خرابة ملأي بالنفايات ثم يكتشف فقدانه للدراجة وللصديق.. كتب محفوظ أحلاما كثيرة عن السرقة بإلاكراه في إشاره لسرقة الوطن غصبا وليس السرقات الفردية فقط. ضاقت مصر قبل الثورة بالتخبط الواضح في كافة مجالات الحياة وهو ما عبر عنه محفوظ بقصته الرائعة, التي لخصها بأنه كلما وضع قدميه في شارع انقلب الشارع سيركا وضاق وتاقت نفسه للرجوع لمسكنه وآمن بمجيء الفرح وفتح الباب فإذا بالبلياتشو يستقبله مقهقها. من أهم أسباب قيام الثورة القضاء علي قهر وإفساد المصريين وهو ما برز عند مساومة مسئول لصاحب قلم بإعطائه ما يحتاجه من الدواء مقابل الدفاع عن الروتين والبيروقراطية, وعندما سأله عن سر حماسه لما أجمع الناس علي نقده ورفضه قال غاضبا: يا أخي ما قيمة الموظف أمام الجمهور من غير الروتين والبيروقراطية, في إشارة واضحة الي الاستمتاع بإخضاع المواطنين وإذلالهم.. ويصعب تجاهل رائعة محفوظ التي تحدث فيها عن خمسة انقضوا عليه شاهرين المطاوي وسلبوا نقوده وفروا مسرعين وشاهدهم في طابور من سيارات عديدة أوقفت المرور وتكدس الناس علي الجانبين ليروهم..