صعدت شامخة الي مسرح الأوبرا في حفل أقامته جمعية رسالة لتكريم أمهات الشهداء, تتحدث بقوة ووجع عن ضرورة ملاحقة قتلة ابنها ورفاقه من شهداء ثورة52 يناير والقصاص منهم, وقالت إن العقاب العادل العاجل هو المطلب الوحيد لأهالي الشهداء, وطالبت أم مينا المواطنة المصرية المسيحية التي فقدت ابنها البكر والوحيد المصريين جميعا ألا يتخلوا عن روح وحدتهم الوطنية. التي نصرت ثورتهم, وألا يستجيبوا لأية محاولات للفرقة, وقالت بتأثر: نحن في مصر شعب واحد, ومن لا يصدق يأتي ليراني أنا وأمي وأخوتي ونحن ننظف ونمسح المسجد الجديد الذي أقيم في منطقتنا.. وعندها تعالت هتافات الحضور.. مسلم.. مسيحي.. كلنا مصريين, واندفع إليها كثير من المسلمين يقبلون رأسها. كانت كلمات أم مينا هذه المرأة المصرية البسيطة هي تعبيرا عن الوجدان المشترك للشعب المصري الذي ظل يتعايش مسلموه ومسيحيوه قرونا من الزمن في تسامح ووئام, دونما حدوث ما يعكر إلا في العقود الأخيرة, ثم جاءت ثورة يناير لتعيد من جديد التأكيد علي هذا التلاحم, وتختلط فيها دماء المصريين مسلميهم ومسيحييهم, حيث سقط فيها نحو04 مسيحيا وأصيب كثيرون. لايستطيع المرء أن يفرق أم مينا عن سواها من أمهات الشهداء المسلمات اللاتي كن يجلسن بجوارها, ومشاعر الفقد واللوعة نفسها وسمت وجوههن جميعا.. كان ذلك أكثر ما يحيرني في السابق عند وقوع أي أحداث للفتنة الطائفية في مصر كيف يفرق هؤلاء المفتونون بين بعضهم البعض.. إن التعصب الديني هو أسوأ أنواع التعصب وأبشعها, وأشدها قسوة, لأن الجرائم ترتكب فيها باسم الله وكتبه ورسالاته, وهو منها براء. ولعل المهمة الكبري للمصريين الآن هي بناء وحدتهم الوطنية, وسيبقي ذلك مرهونا بالجدية والصدق في إطلاق مبادرات حقيقية تقتلع جذور الفتنة, ولا تكتفي بمعالجات سطحية لقضايا مصيرية, وقبل كل ذلك إقامة دولة القانون والمواطنة التي يكون كل الأفراد فيها ببساطة متساوون أمام القانون, تماما كما هم أمام الله.