يبلغ ابني من العمر16 عاما, وكنت أعتبره هادئ الطباع بالنسبة لمن هم في مثل سنه وبالذات في فترة المراهقة, حيث انه لا يفتعل المشاكل دون سبب, ومطيع إلي حد ما إلا ان فيه خصلة لم اكن اعلم خطورتها الا بعدما تابعت مباراة الزمالك والإفريقي التونسي. ويؤسفني ان اقول إنني تأكدت أن ابني كان واحدا من هؤلاء الشباب الذين نزلوا إلي ارض الملعب لعدم تقبله هزيمة فريقه المفضل, فهو متعصب رياضيا إلي حد المرض وأقلقني ذلك كثيرا لكنني راجعت نفسي من باب أن تشجيع الرياضة أفضل من تدخين السجائر والتسكع في الشوارع كما يفعل الشباب في سنه, فهو يحفظ اسماء اللاعبين ومراكزهم عن ظهر قلب, ويحرص علي حضور المباريات مع رابطة المشجعين الذين يطلقون علي انفسهم( الالتراس) وكنت اعلم انا ووالده كل ذلك ولم نمانع في ان يصبح شغله الشاغل ممارسة الرياضة وتشجيعها. وبعد انتهاء المباراة التي وقعت بها المهزلة دعوت الله ألا يكون ابني من هؤلاء الذين خربوا وأفسدوا استاد القاهرة, وكانت صورتهم عارا علي الرياضة المصرية, وانتظرت عودته بفارغ الصبر لأعنفه علي ما فعله فإذا به يخبرني بأنه برغم تعصبه لم يكن من هؤلاء الغوغاء, ولكنني شاهدت ووالده صوره علي هاتفه المحمول مع زملائه في أرض الملعب وهم يحتفلون باقتحامه وافساده, وعندما حاول والده منعه من الذهاب إلي المباريات وتجمعات روابط المشجعين او التواصل معهم عبر الانترنت, ثار ثورة عارمة وعلا صوته لأول مرة وفقد اعصابه.. حينها ادركت ان التعصب تملك منه وسيطر علي حياته وتصرفاته بشكل خطير ووجدتني ووالده في حيرة من امرنا.. كيف نعالج تعصبه دون ان نجعله يثور أو يغضب أو يعند فيرتكب اخطاء ونصبح مثل من يعالج السيئ بالأسوأ؟ * نحن نشجع الرياضة ولكننا نكره التعصب.. هذا هو التعبير الذي ينطلق علي لسان الكثيرين الذين يجدون متعة في متابعة مباريات كرة القدم, وتشجيع فرقهم المفضلة.. لكنهم يكرهون التعصب ولا يطيقون العنف. أما من خرجوا علينا باسم الالتراس فهم لا يمتون للرياضة بصلة, ويجب توعية الشباب بعدم الانسياق اليهم, ولا التشبه بهم.. فالرياضة اخلاق, والفريق الذي يتعرض للهزيمة يجب ان يتحلي بالهدوء والصبر, لأن الأمر في النهاية لا يعدو أن يكون ترفيها عن النفس وليس معركة فيها فائز ومهزوم. الا يدرك ابنك وأمثاله نتائج ما فعلوه في استاد القاهرة من تخريب واعتداء علي اعضاء الفريق الضيف؟.. والانطباع السيئ لما حدث عربيا وعالميا؟.. لقد دفع هذا التصرف الأحمق رئيس مجلس الوزراء الدكتور عصام شرف إلي الاعتذار لتونس, وسوف يتعرض فريق الزمالك لعقوبات إفريقية وعلينا الآن ألا نعود لمثل هذه التصرفات غير المسئولة وأن نتصدي بكل قوة لمثيري الشغب حفاظا للأمن واشاعة الأمان من جديد. ايها الشاب الثائر: ليتك توفر جهدك فيما يفيدك ويعود بالنفع علي بلدك.. وكفاك تعصبا!