معذرة إذا كنت سأتحدث عن المستقبل ليس هربا من الماضي; ولكن ما سبق كتابه وقراءة أغلبية ساحقة, ولا بأس أحيانا أن تذهب أقلية إلي مهام سوف تصبح ملحة يوما. والمسألة ببساطة هي أن مصر اليوم في عيد رئاسي كبير, فلم يحدث منذ وحد الملك مينا القطرين أن تنافس علي ولاية- آسف رئاسة- مصر هذا القدر من المتنافسين الذين يعدون العدة لكي يقودوا هذا البلد العظيم إلي مستقبل مشرق يستحقه بلا شك. المعضلة هنا أن هؤلاء جميعا لم يتحدثوا كثيرا عن النظام السياسي الذي سوف يعملون في ظله, والدكتور محمد البرادعي يذكر دائما أنه يريد جمهورية برلمانية, وفي الندوات والمؤتمرات والأحاديث التليفزيونية فإن الجميع حتي الأستاذ حمدين صباحي يريد جمهورية برلمانية أيضا. وهنا تكمن المشكلة, فرئيس الجمهورية في الجمهورية البرلمانية شخصية شرفية رمزية تمثل وحدة البلاد, تستقبل السفراء, وتمثل البلاد عند العزاء في قادة الدول, وربما تظهر في الاحتفالات الرسمية التي تعطي فيها النياشين والجوائز. وأحيانا تنتهي ولاية رئيس للجمهورية لا يسمع عنه أحد, وفي إسرائيل لا يعرف اسم الرئيس إلا ساعة اكتشاف فضيحة جنسية. هل نتصور أن يكون السيد عمرو موسي, والسيد حمدين صباحي, والدكتور محمد البرادعي, والفريق أول مجدي حتاتة, والسفير عبد الله الأشعل, واللواء محمد علي بلال, والقاضي هشام البسطاويسي أو غيرهم من المرشحين المدنيين والعسكريين والقضاة يمكنهم أن يكونوا مجرد رؤساء شرفيين تكون مهمتهم تقديم التحية والوقوف في الاحتفالات الرسمية والتعب ساعة تشكيل الحكومات الائتلافية؟ الحالة في مصر مقلوبة إذن, وبينما ينتظر منا أن نري المرشحين لمنصب رئاسة الوزارة- المنصب الرئيسي في الجمهوريات البرلمانية- ومن ثم أحزابهم التي ستسعي لكي تحوز علي الأغلبية في مقدمة الصورة; فإننا نري رؤساء لهم أهمية محدودة للغاية في السياستين الداخلية والخارجية. هل نتصور أن يترك عمرو موسي السياسة الخارجية لرئيس وزراء آخر; أو نتصور أن الفريق أول أو اللواء سوف يسمحون لرئيس وزراء مهما كانت شعبيته أن يخطط للسياسات الدفاعية والأمن القومي؟ السؤال المطروح علي كل المرشحين: ما هو النظام السياسي الذي تترشح علي أساسه من فضلك؟ [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد