في تطور درامي غير متوقع فوجئت كل الاطراف في الارض المحتلة بمقال نشره القاضي ريتشارد جولدستون في مجلة نيوزويك الامريكية يتنكر فيه لما خلص اليه تقريره الذي اجراه عن عملية الرصاص المصبوب علي غزه نهاية ديسمبر2008 وبداية يناير2009 والتي راح ضحيتها ما يقرب من1500 شهيد ودمرت خلالها القوات الاسرائيلية البنية التحتية للقطاع المحاصر وهدمت آلاف المنازل. وبالطبع تلقفت الحكومة الإسرائيلية المقال تلقف الكرة وخرج نيتانياهو يؤكد ان اسرائيل كانت تدافع عن نفسها وطالب الاممالمتحده بإلقاء التقرير في مذبلة التاريخ' حسب تعبيره'. ورد الفعل في رام اللهوغزه لم يكن اقل بل كانت البيانات الصحفية التي تدين وتشجب تصدر عن معظم المسئولين وفي خضم هذا اللغط تطفو التساؤلات عن تقرير اممي قانوني يتنكر له صاحبه في سابقه لم تشهدها المنظمة الدوليه وما هو البعد القانوني لمقال القاضي الجنوب افريقي الذي ظل عامين يدافع عن تقريره في كل المحافل؟ وما هو التأثير السياسي للقنبله التي نزع فتيلها جولدستون؟ وما هو رد الفعل الفلسطيني القانوني في مواجهة التأزم الذي يعتري الملف حملت هذة التساؤلات وغيرها الي الدكتوره حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة الثقافة والإعلام بالمنظمة وكان معها هذا الحوار. ما هي قانونية المقال الذي نشره القاضي جولدستون وهل من الممكن ان ينسف التقرير برمته كما ادعي الجانب الاسرائيلي؟ علاقة جولدستون انقطعت عن التقرير بعد استجوابه في مجلس حقوق الانسان في جنيف الذي صدق بالاغلبيه علي التقرير واحاله الي الجمعية العامه في الاممالمتحدة ولا يربطه بالتقرير سوي انه يحمل اسمه. ورغم انه يحمل اسمه فإنه لم يجره بمفرده وانما كان يقود فريقا من القضاه جميعهم مكلفون من الاممالمتحده والنتائج التي خلصوا اليها كانت بالاجماع وكان ضمن دفاع جولدستون عن رأيه امام اللوبي اليهودي سواء في الولاياتالمتحدة او جنوب افريقيا هو ان تقريره وصل الي نتائج بالاجماع من اعضاء الوفد الاممي وجميعهم علي خبرات كبيره في القانون الدولي ومجال حقوق الانسان. وان التقرير لا يحمل ولا فقره واحده بها رأي او إنطباع شخصي وانما النتائج جميعها هي خلاصة شهادات المجني عليهم في غزه من اعضاء الوفد وصور حيه للدمار الذي خلفه العدوان الاسرائيلي ووثائق قدمتها منظمات حقوقيه مدعمه بالصور الحيه التي تؤكد ان اسرائيل استهدفت المدنيين وتسجيلات لناشطين ومراقبين من جنسيات مختلفه ووثائق لا مجال فيها لابداء الرأي.. وتضيف الدكتورة عشراوي اذا كانت هذه اقوال جولدستون فما الذي يمكن ان يضيفه في مقاله الذي ادعي فيه ان المعلومات المتوافرة حاليا لديه كان من الممكن ان تقود الي نتائج مختلفة؟ فماهي هذه المعلومات وكيف تؤثر علي ماذكره من قبل بان النتائج جميعها نتاج دلائل وقرائن ومنذ عامين يدافع عن تقريره في كل محفل. اذن كيف تقرأين هذا التغيير الحاد في موقف جولدستون القاضي الاممي؟ ريتشارد جولدستون لم يعد القاضي الذي يشرف علي التقرير وانما شخص عادي كتب مقالا في صحيفه واسرائيل تعلم وهو نفسه يعلم ان هذا لا يؤثر في مسار التقرير قانونا اما لماذا التغير؟ فأقول ان الرجل تعرض لضغوط لايقوي عليها بشر خصوصا انه يهودي وصلت الي حد منعه من حضور تعميد أبنائه في الكنس اليهودي وحرمانه من اللقاءات السياسية والدينية والاجتماعية وممارسة الاضطهاد الممنهج منذ ان قدم التقرير في ايلول2009 والازدراء والتهديد بالقتل واللوم والتأنيب من كل يهودي يقابله والحديث عنه بأنه خائن وعدو للساميه ووصفه بألفاظ قاسيه في وسائل الاعلام حتي الادراة الامريكية وجهت له اللوم وقالت وزيرة الخارجيه هيلاري كلينتون ان التقرير ظالم وغير موضوعي ويجب اسقاطه فورا.. ووصلت الضغوطات الي ممارسة الاضطهاد علي ابنته ودفعها الي التأثير عليه للتراجع عن اقواله وتراجعه هذا يمثل سابقه غير معهوده في القانون الدولي ومنظمات الاممالمتحدة ويمثل سقوطا وانهيارا اخلاقيا قبل به جولدستون بما يؤكد ان الضغوط كانت عميقه وسافره. هل ثمة مسئولية علي الجانب الفلسطيني في تأخر التعاطي مع التقرير الي الحد الذي جعل جولدستون يتراجع؟ التأخير في المتابعة ليس في فلسطين ولكن بيروقراطية المؤسسة الدولية, وخصوصا ان الولاياتالمتحدة صوتت ضده امام مجلس حقوق الانسان مما جعل التقرير يتحرك كالسلحفاة ولكني لا اعفي الجانب الفلسطيني من المسئوليةلان حالة الانقسام التي تشهدها الضفه وغزه جعلت كل جانب يشكل لجنة تحقيق في الحرب ورفضت غزه السماح لقاضي السلطة بالتحقيق والاطلاع فجاء تقريره قاصرا يفتقد أبسط اسس التحقيق الدولي ومن ناحية حماس تم عمل تحقيق اتهم بعدم الموضوعية والتجني وافتقد عناصر كثيره ما كانت ستوجد لولا الانقسام الجاري وكان امام النظمة الدولية تقريران من جانب واحد كلاهما منقوص وهذا الاشكال أثر بالسلب في عملية الملاحقه ومساعي الحراك في الجمعية العامه ومجلس حقوق الانسان. واذا كان تغير جولدستون لا يحمل أي أثر قانوني علي ادانة اسرائيل.. فهل ايضا لا يحمل اثرا سياسيا في مسار التصديق عليه امام الجمعية العامه عندما يطرح للتصويت؟ انك لا تستطيع السيطرة علي العنصر الذاتي والنفسي والعاطفي واذا انتفي الاثر القانوني فمؤكد ان الاثر السياسي سيظل قائما وبكل تأكيد سيؤثر علي الدول الاعضاء في اثناء التصويت علي التقرير وهذا ما تهدف اليه اسرائيل لذلك أري أن تمسك الجانب الفلسطيني بعدم قانونية هذا الطرح هو خطأ استراتيجي لابد ان نتنبه له ويجب التحرك لدحض الحجج الاسرائيلية وابراز جرائمها في غزه وعمل حمله دعائيه لكل دول العالم لمواجهة الحملة الاسرائيلية. ولكن ماذا بعد.. ماهي الخطوات القادمه في التعاطي مع التقرير وملاحقة القاده الاسرائيليين؟ سوف نستمر في المطالبة بعرض التقرير علي الجمعية العامه والملاحقة القانونية لمن ارتكب جرائم حرب في المحاكم الدولية ولأننا لسنا دولة لكي نتوجه للمحكمة الدولية قدمنا طلبات الي مؤسسات حقوقية لتقديم اسرائيل الي محكمة العدل الدولية واقامة دعاوي أمام المحكمة الجنائية ونطالب بالاستماع الي الدول السامية الموقعة علي اتفاقية جنيف لبحث تنفيذ الاتفاقيات الموقعة فان تقرير جولدستون ليس فقط ما نلاحق به اسرائيل في ممارساتها فهناك تهويد القدس وضم الأراضي ومصادرتها وهدم المنازل وبناء جدار الاستيطان والحصار والعزل وعندنا خطوة سياسية لقبول فلسطين في الاممالمتحدة في شهر ايلول القادمثم قبل كل ذلك الاحتلال القائم منذ67 وكل ما تقوم به اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.