سقطت مصداقية القاضي "ريتشارد جولدستون" علي إثر إسقاطه لمبادئ القانون ومعايير العدل عندما تراجع عن التقرير الذي كان قد دبجه عندما ترأس البعثة الأممية لتقصي الحقائق حول المحرقة التي سلطتها إسرائيل علي قطاع غزة وأطلقت عليها عملية الرصاص المصبوب -27 ديسمبر 2008/18 يناير 2009 -وكان التقرير المذكور قد رفع إلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر سنة 2009 واتهم جولدستون فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب أثناء هذا العدوان، يومها رفضت إسرائيل التعاون مع بعثة "جولدستون" ووصفت التقرير بأنه محرف ومتحيز ومفبرك. ** مفاجأة من العيار الثقيل!! لقد فجر "جولدستون" مفاجأة من العيار الثقيل في الأول من أبريل الحالي عندما كتب مقالاً في الواشنطن بوست يقر فيه بأنه أخطأ عندما اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وأنها تعمدت استهداف المدنيين في غزة خلال المحرقة التي قامت بها وأنه يتراجع اليوم عن إدانتها وأن التقرير كان سيفضي إلي استنتاجات مختلفة لو توافرت لديه المعلومات الموجودة بحوزته حالياً عن مجريات الأمور في غزة، والأكثر من هذا أنه اتهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأنه يتخذ مواقف مناوئة لإسرائيل ودعا هذا المجلس إلي إدانة الاعتداءات الفلسطينية بالقذائف الصاروخية علي المدن والقري الإسرائيلية، ولا شك أن جولدستون بتخريجه الجديد هذا تحول فيه بين النقيض إلي النقيض لأنه بتراجعه عما سبق ووثقه يبرئ إسرائيل من جرائم الحرب التي ارتكبتها في عدوانها علي القطاع وراح ضحيتها 1400 فلسطيني وخمسة آلاف جريح. ويخشي أن يؤدي كلامه هذا إلي منح إسرائيل مظلة لشرعية شن حرب جديدة علي غزة، فهو يلقي بالتبعة علي فلسطيني غزة والقذائف الصاروخية التي يصوبونها علي المدن والقري الاسرائيلية. وكأنما يقول إن إسرائيل بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب وأن ما تقوم به مبرر لأنه دفاع عن النفس. ** حقائق تدين اسرائيل لقد أثار مقال "جولدستون" لغطا وجدلا في أوساط كثيرة، فلا شك أن محاولة تبرئته لاسرائيل جاءت صادمة للعرب والفلسطينيين، فبعد أن قدم تقريره عن محرقة اسرائيل علي غزة حصلت بعثة تقصي الحقائق التي أنيط بها إجراء تحقيقات علي أرض الواقع علي أدلة كافية تؤكد ارتكاب اسرائيل لجرائم حرب علي نطاق واسع وجرائم ضد الانسانية وجاء هذا البحث منسجما مع استنتاجات توصلت إليها تحقيقات قامت بها منظمات أخري كان من بينها المركز الفلسطيني لحقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة وبعثة تقصي الحقائق التابعة لجامعة الدول العربية. أي أن تقرير جولدستون لم يكن منفردا بتوثيق الحقيقة الدامغة والتي تدين اسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة. ** التقرير ومزبلة التاريخ وما من شك في أن تراجع "جولدستون" عن تقريره وما جاء فيه قد صبَّ بالايجاب في صالح اسرئيل ولهذا بادر "بيريز" مطالبه بالاعتذار للكيان الصهيوني بدعوي أنه تجاهل في تقريره السبب الرئيسي لعملية الجيش الاسرائيلي في غزة ألا وهو إطلاق الآلاف من القذائف الصاروخية علي مدنيين اسرائيليين وأن الجيش بذلك يكون قد تصرف من منطلق الدفاع عن النفس وأنه من أكثر جيوش العالم التزاما بالاخلاقيات. أما "نيتانياهو" فطالب برمي تقرير "جولد ستون" في مزبلة التاريخ لأن جيش اسرائيل علي حد زعمه الأكثر أخلاقا في العالم وجنوده علي خلق رفيع. لقد أثلج صدر اسرائيل تنصل "جولد ستون" من تقريره وانتهزت الفرصة وتعاملت مع تنصله كوثيقة رسمية يبرئ فيه نفسه من هذا التقرير المشوه. وهنا يثور تساؤل: هل يمكن للتقرير المذكور أن يلغي بعد أن بات وثيقة معتمدة للأمم المتحدة؟ علي الرغم من أن التقديرات الدولية أفادت بصعوبة إلغاء تقرير "جولدستون" حول عدوان اسرائيل علي غزة إلا أن اسرائيل رأت في الموقف الجديد ل "جولدستون" نسفا للتقرير.ولذا بادر "نتنياهو" وكلف مستشاره للأمن القومي بتشكيل فريق من