منذ أيام أسدل الستار علي فعاليات النسخة الثانية لمهرجان قطر البحري الذي استمر لعشرة أيام, قدم خلالها عددا من الفنون الشعبية الفلكولورية والثقافية بشكل مميز, واستقطبت اعدادا كبيرة من الزوار من كل الأعمار بلغوا نحو مائة وخمسين ألف زائر خلال أيام المهرجان علي الشاطئ الشرقي من مؤسسة الحي الثقافي كتارا, سعي المهرجان الي نشر الوعي الثقافي والحضاري بتراث قطر البحري الغني بالمواويل والغناء أو( الزهيريات) السباعية والتي تحتشد بها الأشواق والحنين للأهل والديار في ظلمة رحلات الغوص. في الحفل الافتتاحي لمهرجان قطر البحري عرضت مسرحية أسرار البحر لأول مرة وسط حضور واهتمام كبيرين بكلمة الشيخة هنادي بنت ناصر آل ثاني رئيسة اللجنة المنظمة للمهرجان اشادت فيها بروح الإلهام التي يبعثها جمال وسحر البحر الذي يمتزج بتراث قطر علي مدي اجيال في رحلة رائعة تتجدد فيها ذكريات الاجداد وتفتح الأبواب أمام الاحفاد لاستكشاف البحر وتقاليدهد الساحرة, والاحتفال به في أمسيات ثقافية وتعليمية وبيئية وترفيهية ورياضية علي مدي عشرة أيام هي عمر المهرجان. بدأت أولي فعاليات المهرجان البحث عن الحقيقة بمسرحية أسرار البحر أحد الأعمال الفنية الاستعراضية والتي تلامست فيها التقاليد القديمة للتراث البحري للشعب القطري وأحلام وطموحات المستقبل وامتزجت فيها جهود فنانين قطريين وايطاليين لينتجوا عملا مسرحيا علي أكثر من عشرة مشاهد استعراضية باشراف المخرج الايطالي العالمي غينو لاندي, استغرق انتاج المسرحية15 ألف ساعة من البروفات. وأبدع الشاعر القطري عبدالمحسن المري في أوبريت غنائي خاطب فيه الوجدان بلغة شعرية, جسد فيه حال البحارة في البحر, ونقلها من لوحة الي أخري في مشاهد تفاعلية ثرية جميلة في ايقاع موسيقي متناغم, وقدم الفنان فيصل التميمي مؤلف المسرحية لونا فنيا فريدا للوحات البحارة والأطفال فيما برع الفنان الايطالي ريناتو سيريو في رسم اللوحات الفنتازية الاستعراضية, واكتمل جمال المشهد بحوار الجد والحفيدة التي لعبت الطفلة المياسة المري دورا كبيرا في المسرحية بسؤالها عن ماضي وحاضر ومستقبل قطر, وجسد الفنان القطري ناصر المؤمن دور شخصية الجد الراوي في المسرحية الذي يحكي حكاية الانسان والبحر وأسرار الماضي وأحلام الحاضر والمستقبل. طوال أيام المهرجان كان لرواده موعد يومي مع الكرنفال الذي تشارك فيه نحو16 مركبة تحمل رموزا بحرية متعددة, وتجوب مقر المهرجان علي شاطئ الكورنيش, في اطار إحياء التراث البحري, مجموعة من العربات حملت مجسمات عملاقة لعدد من الكائنات البحرية من أسماك وقشريات متنوعة, وكان المهرجان قد عرف ومنذ يومه الثاني مشاركة عدد من الفرق الخليجية المهتمة بإحياء فنون البحر, حيث تم افتتاح هذه العروض مع الفرقة الفلكلورية العمانية تلتها الفرقة السعودية ثم الامارات العربية ففرقة من مملكة البحرين قبل ان تقدم الفرقة القطرية عروضها في ختام هذه العروض. ولقي العرض الموسيقي أسرار البحر وعروض الفقمات السيبيرية إقبالا كبيرا, وضم المعرض العديد من أحواض السمك المصممة بطريقة ابداعية والبرك التي تعرض تشكيلة مختلفة من الكائنات البحرية التي يزيد عددها علي المائة, وكشف السيد حمد التميمي المدير العام للجنة المنظمة لمهرجان قطر أن العمل الفني الرائع مملكة الرمال شارك فيه عشرة من أبرز نحاتي الرمال المعروفين علي مستوي العالم الذين قدموا نماذج رائعة مستوحاة من تراث قطر البحري, تنوعت مابين منحوتات للحيوانات المهددة بالانقراض والحياة البحرية, ووصل وزن بعض المنحوتات الرملية عشرة أطنان من الرمال المضغوطة وصب عليها الماء في مجموعة من المربعات المصفوفة عموديا, وعندما يصبح الرمل صلبا, تبدأ عملية النحت, ويتم رش غراء مائي علي المنحوتة خلال الليل لمنع تطاير الرمل. مهرجان قطر التراثي تحفة فنية رائعة تميزت بالدقة والتخطيط والسرعة والمتعة وايجاد فرص فريدة لظهور جيل جديد طموح من الفنانين القطريين قادر علي الارتقاء بالعمل المسرحي الاستعراضي الذي يوثق ويؤرخ لتراث قطر البحري.