أخيرا رقد الشهيد المجهول في قبره ينعم بمرتبة الشهداء.. أخيرا رد له جزء من حقه الضائع.. أخيرا تأكد أن مصر كلها أهله وأنه لم يعد مجهولا بل هو شهيد ثورة مصر. في مشهد مهيب ودعت الأهرام أمس الشهيد المجهول ذا الوجه المبتسم في جنازة شعبية كبيرة ضمت المئات من أبناء مصر وشباب الثورة الذين توافدوا منذ الصباح الباكر حاملين مشاعر الأبوة تجاه الشهيد فأحاط العشرات بمشرحة زينهم في انتظار جنازة الشهيد التي تعطلت لبعض الوقت بسبب الإجراءات الروتينية في استخراج تصاريح الدفن حتي خرج جثمان الشهيد ملفوفا بعلم مصر لتحمله سيارة إسعاف الأهرام إلي مسجد السيدة نفيسةوالذي وقف علي أبوابه المئات لاستقبال الشهيد وسط زغاريد مئات الأمهات اللاتي حضرن خصيصا مرددات هتافات كلنا أم الشهيد ليخرج نعش الشهيد محمولا وسط هتافات' لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله'. وقبيل صلاة الجنازة خطب إمام مسجد السيدة نفيسة قائلا:' أن الشهيد المبتسم ظل مجهولا لشهور حتي حان الوقت ليلتف بحنان المئات من أبناء الشعب المصري الذين حضروا خصيصا لوداعه وتكريمه والدعاء له.. وردد إمام المسجد آيات الله' ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون'. وعن سر ابتسامة الشهيد تحدث قائلا: إن بسمة الشهيد تعني أن المؤمن يموت وفي جبينه العقد, وإذا ابتسم واستبشر فلا يملك العلماء إلا أبشروا لأن الشهيد قد رأي بشارة ربه بالجنة, ويكفيه فخرا وشرفا أنه رأي بشارة الجنة قبل أن ينزل إلي قبره مرددا آيات الله' إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم بها توعدون'.. وطالب إمام المسجد بأن ينال من قتل الشهيد وغيره من شهداء الثورة الجزاء الرادع متسائلا بأي ذنب قتلت.. فحساب من قتلهم عند الله عسير., وبعد الانتهاء من صلاة الجنازة دعا المشيعون للشهيد بالرحمة والمغفرة ورفع العشرات منهم صورته التي نشرتها الأهرام مطالبين بمحاكمة من قتل الشهداء, لينطلق بعدها موكب جنائزي مهيب ضم عشرات السيارات التي انطلقت خلف الشهيد علي مقابر القوات المسلحة في مدينة نصر حيث ووري جثمان الشهيد الثري في مقابر أسرة إحدي قارئات الأهرام وهي السيدة دينا عبدالحميد كشك, وتابعت القصة من بداية نشرها متبرعة بدفن الشهيد في مقابر أسرتها . وأكدت أنها تشعر بالألم الشديد لما وقع من ظلم علي شباب مصر أثناء أحداث الثورة مؤكدة أن المبتسم وغيره من المئات ضحوا بأرواحهم من أجل مصر فإنهم يستحقون كل التكريم, خاصة أن ذلك المجهول ظل منذ28 يعاني من الوحدة في ثلاجته.. مؤكدة أنها شعرت نحوه بمشاعر الأمومة والأخوة, وأن واجبها نحوه أن يكون إلي جوار والدها, مطالبة بتكريم كل شهداء ثورة يناير.وأضافت أنها تتقدم بالشكر لكل العاملين بالمشرحة لتعاونهم في إنهاء إجراءات دفن الشهيد مطالبة كل أسرة بمصر بأن تتبرع بدفن بقية الشهداء المجهولين. وكانت الأهرام قد تبنت قصة الشهيد من بدايتها باحثة عن أسرته ولم تتعرف عليه إلا أسرة واحدة; إلا أن تحليل الDNA أثبت عدم نسبه إليها, ورغم ذلك تواجدت هذه الأسرة في الجنازة, مؤكدة أنها مازالت تحمل مشاعر الأبوة تجاه الشهيد. وبعد الانتهاء من الجنازة قرر العشرات من المشيعين إقامة عزاء شعبي للشهيد الجمعة القادمة أمام مسجد عمر مكرم عقب صلاة المغرب التي تبنت قصة الشهيد.