كتبت:دعاء خليفة ..بالله عليكم لا تنسوا الشهداء, ابني ملحقش يفرح, كان يحلم بالزواج وأن ينجب كل سنة طفلا, لكنه مات ولن يكون له طفل يحمل اسمه.. بهذه الكلمات اجترت الأم المكلومة والدة الشهيد مصطفي جمال الورداني ذكرياته, مطالبة علي الأقل بتصحيح اسم شهيد السويس الذي ظهرت صورته في ميدان التحرير تحمل اسم محمد جمال الورداني. وفي كتاب ثورة هزت العالم في18 يوما, تقول الأم: بعد رحيل ابني لم يعد لنا إلا ما يخلد اسمه وذكراه, بعد أن فقد حياته وأحلامه من أجل مصر. مصطفي شاب تألم كثيرا, وارتطمت أحلامه بصخور واقع مؤلم وشديد القسوة, لكنه في النهاية لقي ربه شهيدا في جمعة28 يناير. وبكلمات تختلط بالدموع ومرارة لوعة الفراق, اختصرت الأم شخصية الابن بقولها إنه كان رجل بجد. يشعر بالناس ويعطف علي الفقراء ومجاذيب الشوارع في الوقت الذي يتجنبهم الناس خوفا منهم. وتحكي الأم أن مصطفي أتي لها ذات يوم ليطلب منها بطانية لأن فيه واحد بردان في الشارع, فقالت له لدي بطانية لكني أعتز بها وكنت أتمني أن احتفظ بها لابنك فقال لها: مش مهم هاتيها علشان فيه واحد يرتجف من البرد, هكذا كان عطوفا, رقيق القلب والمشاعر وهو ما يجعل أخته الصغيرة يسر ذات الثماني سنوات, تبكي كلما ضايقها أحد قائلة: أنا عايزة مصطفي. لكن الشاب العطوف كان دائما مايصبو إلي حياة كريمة وآدمية لم ينلها, فمنذ أن حصل علي الدبلوم الفني الصناعي وهو يلف كعب داير علي جميع شركات السويس في محاولة يائسة للبحث عن عمل. ورغم أنه كان يحمل كثيرا من الطاقات, وليس لديه سقف للطموحات, فانه اضطر في النهاية لأن يعمل في إحدي شركات أبوالعينين, بعقد مفتوح, وقع فيه استقالته قبل توقيع عقد التعيين كما تقول الأم التي لا تفارقها نظرات ولدها المسكورة. وتستطرد الأم: كان يعمل بدون حوافز ولا مكافآت ودون أمن صناعي, حتي أنه فقد جلد يديه بسبب عمله في هذه الشركة, لكنه كان دائما ما يردد أحسن من القعدة في البيت. وفي يوم25 يناير خرج ليطالب بالحرية وباصلاح أحواله هو وغيره من الشباب ومن يوم الجمعة الغاضبة التي تركت الحزن حيا يعتصر قلبي باقي العمر, أصيب مصطفي برصاصة اخترقت فم المعدة وخرجت من الظهر.. رصاصة أودت بحياة مصطفي ليسطر اسمه بين شهداء الثورة. حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن اختطفوا أرواح أبنائنا هكذا تردد أم مصطفي متسائلة عن السبب في أن حبيب العادلي لم يعاقب حتي الآن علي دم الشهداء, إلا لو إحنا مانسواش.. وتضيف الأم الجريحة, أن القصاص يجب أن ينال من الجميع بداية من حسني مبارك وحتي أصغر عسكري ساهم في زهق أرواح الشهداء أو إصابة جريح يمكن أن تلازمه الإعاقة باقي العمر, ولنتذكر دائما أن أي حرية أو رخاء سوف يعيشه أبناؤنا في المرحلة القادمة هو ثمرة لما بذله هؤلاء الشهداء والجرحي.