دائما ما يبحث الإنسان عمن يخفف عنه القلق والمواجع والآلام, ويبوح له بما يعتريه من كآبة وأحزان, ويشكو له ما يعترض مسيرته من ظلم وازدراء, ثم يناشده تقديم النصح والتوجيه والارشاد, وهو الحال الذي عليه أصحاب الرسائل التي يستعرضها اسبوعيا بريد الجمعة طوال سنوات وسنوات, والتي في مضمون معظمها اشارة إلي الجوانب السلبية التي تشوه صورة المجتمع, مثل الظلم والفوضي والفساد, والتسلط والانانية, وعدم الإيثار, والتعالي والجبروت واللامبالاة, والغش والمحاباة, وانهيار المباديء وتدهور الاخلاق, ناهيك عن الأجواء المحيطة التي يعكر صفوها البطالة, وتتعدد فيها الأزمات, وتندر فيها الحاجات, وهي الجوانب والأجواء التي انتقدها جموع الشباب, وضحوا خلال ثورتهم المباركة بأرواح البعض منهم طمعا في القضاء علي كل هذه السلبيات. فتحية إجلال لشهداء ثورة شباب الخامس والعشرين من يناير الذين لم يتردد أحد منهم في تقديم روحه وجسده وقودا لهذه الثورة المباركة, وتعظيم سلام لمن لم ترهبهم القوة المفرطة, أو تثني عزيمتهم أساليب البلطجة وجحافل البلطجية, وكل التقدير والاحترام لمن لم يحيدوا, ولو قيد أنملة عن مبادئهم السامية لتغيير النظام, وعظيم الزهو, والإعجاب بمن ارتفعت أيديهم واكتست أجسادهم بأعلام مصر خفافة وزاهية في أروع تعبير عن الولاء والانتماء, وجزيل الشكر لمن سطروا أروع ملحمة في تاريخ ثورات الشعوب ضد الفساد والمفسدين, وضربوا للعالم أعظم مثل, وأرقي نموذج, وأغلي درس في الصمود والتضحية ضد الظلم والطغيان, ودعاء من القلب لمن جعلوا ميدان التحرير مصدرا لإلهام كل متعطش للحرية, ومزارا عالميا تشع من جنباته أضواء الثورة, ويفوح منه عطر النصر, وتهب عليه نسمات الحرية. فهيا نتكاتف لتحقيق أهداف ثورتنا العظيمة, ونعمل بجدية لكي نجني ثمارها, ونسارع ببناء وطن جديد نحن أهل له, ونحارب الآفات الاجتماعية التي تنخر بقسوة في جذورنا العريقة, فلابد من سماحة في التعامل بدون تعال أو غرور, ومراعاة للضمائر, وابتسامة علي الوجوه, وتهذيب للسلوك, وانتظام في الصفوف, والتزام في المرور, واحترام للقانون, فلا غش ولارياء, ولا كذب أو نفاق, ولا رشوة واستغلال, ولا فوضي وإهمال, ولا كسل وتخاذل, ولا تزوير لعملة ومستندات, ولا ترويج لشائعات, ولا مغالاة لأسعار, ولا بصق في شارع أو تدخين في مكان عام, ولا إلقاء مخلفات, ولا ترويع آمن أو تخويف ضعفاء. ولنتحل بالصبر والعفو عند المقدرة, ونوقف المشاحنات, ونحترم الرأي والرأي الآخر, ولتكن كلماتنا صادقة ومعاملاتنا أمينة, فنعم للحوار, ولا للكذب والرياء, ولا تنصت علي أبرياء, ولنخفض من أصواتنا, ونساعد صغيرنا ونوقر كبيرنا, ونقدس الوقت ونحترم تعهداتنا. ولنكن أصحاب مباديء وولاء وانتماء, ولنجتهد لتحقيق العدالة والتكافل, فلا إضطهاد ولا تفريق بسبب دين أو ملة, ولا تقصير في دفع زكاة مال ولا حجب معونات مستحقة, ولنحقق بالجهد والمثابرة محو الأمية, وندعم الثقافة والمثقفين, ونشجع البحث والابتكار, ولا لمواكب الوزراء أو لحراسة بودي جارد للوجهاء, ولا للمرتبات والأجور الفلكية, ولنودع الدروس الخصوصية, ونوصل الدعم لمستحقيه. وعلينا أن نطهر مصر من المخدرات, ونحمي شبابنا من الإدمان, ونتصدي لسلب الأراضي ونهب الآثار, ونعمل علي تطوير العشوائيات, والتوسع في المشروعات, والمحافظة علي نقطة مياه مهدرة, وعدم المساس بالمرافق العامة, وزيادة الوعي, وتفعيل الذوق العام, واحترام رجال المرور, وتشجيع السياحة وتجنب استغلال السائحين, وعندها يحق لمصر أن تستعيد دورها الريادي في المنطقة, ونرفع هاماتنا عاليا, ونزهو ونعتز بأننا أصحاب حضارة عمرها7 آلاف سنة. فؤاد علي الطير لواء مهندس