بعد صدور الإعلان الدستوري الذي سوف يحكم الشأن السياسي في الفترة الانتقالية حتي الانتهاء من الانتخابات البرلمانية والرئاسية, وتسليم السلطة إلي المؤسسات المدنية المنتخبة شعبيا وديمقراطيا, وبعد إصدار ما يستتبعه هذا الإعلان من قوانين مجلسي الشعب والشوري ومباشرة الحقوق السياسية وإنتخاب رئيس الجمهورية في الأيام القليلة المقبلة, نصبح إزاء مهمة جديدة قد تفوق ضرورتها الملحة عملية إرساء قواعد الديمقراطية علي المشهد السياسي المصري, ونعني بذلك قضية إعادة هيبة الدولة واستعادة قوة القانون وتطبيقه علي المخالفين له أفرادا أم جماعات. وفي ذلك نطالب القوات المسلحة وما أكثر مطالبنا منها هذه الأيام, ولكنه قدرها الذي تفرضه عليها الظروف التي تمر بها مصر حاليا ألا تترك مواقعها الأساسية والحيوية قبل أن تسترد سلطة القانون ممن بدأوا تطبيقه بأيديهم وبأنفسهم تحت أي دعاوي أو أي مسميات سواء بالحق أو بالباطل. نطالب القوات المسلحة بالتعاون والتنسيق مع الشرطة والمحليات بوضع خطة أمنية ذات جدول زمني يسودها تطبيق مواد وروح القانون لحل قضايا, نحسبها الآن هينة, ولكنها في الحقيقة إن لم نسارع في السيطرة عليها ستشكل خطرا داهما علي إستقرار وأمن ومستقبل الوطن, وقد يكون في مقدمة هذه المخاطر هؤلاء الساعون إلي السلطة في ظل سماحة الثورة, وتفسير أهدافها وفقا لهواهم وأغراضهم والذين بدأوا في إقامة الحدود طبقا لأعرافهم الخاصة ليثبتوا وجودهم علي الساحة, ولنري نموذجا واضحا لنواياهم المقبلة عابثين بأمن ووحدة مصر وشعبها, ضاربين بعرض الحائط سيادة القانون والعدالة في دولة المحبة والسلام. وليس بعيدا عن بصرنا وسمعنا ما نشاهده من فوضي حقيقية في الشارع المصري كله, وعلي مستوي جميع المحافظات, فالبعض يصادر أملاك الدولة والأفراد بغير حق, والبعض يستولي علي الميادين والشوارع والأرصفة مخالفا كل اللوائح والنظم تحت دعاوي الكسب ولقمة العيش التي يمكن حلها بإيجاد أماكن بديلة تكفل لهم هذا الحق, والبعض الآخر يحلو له فرض رأيه باستخدام العنف والبلطجة وترويع المواطنين لفرض الرأي, وأحسب أن صور سيطرة أصحاب الميكروباصات خير دليل علي ما نقوله, وقد أصبح ذلك كله يؤثر تأثيرا محسوسا علي عدم إنضباط الحركة المرورية مع عودة الصفوف الثنائية والثلاثية في الشوارع المصرية مما أثر علي مصالح الجماهير وازدياد توترها وقلقها علي مستقبل ومصير الوطن. لقد أصبح الجميع علي علم ووعي بالمخاطر الاقتصادية التي تواجهها مصر, ولكن الغالبية تقف أمام هذه الظواهر بموقف سلبي, إما خوفا من الإرهاب الجديد, وإما خوفا من الاتهام بالثورة المضادة. فهل توقف القوات المسلحة والشرطة هذه المخاطر, وهذه المخاوف؟. [email protected] المزيد من أعمدة ابراهيم نافع