بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان الاستعداد لانتخابات الشيوخ    هبوط كبير في عيار 21 الآن.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    إسرائيل تهدد حماس بإجراء مرعب في غزة حال فشل التوصل إلى اتفاق    «محاولة خبيثة».. أول رد إيراني على العقوبات الأمريكية الجديدة بشأن سفن النفط والطاقة    «مصرُ» و«غزة»... التاريخُ يشهدُ بما يُغنينا عن الكلام    مديرة الاستخبارات الأمريكية تتوعد المتورطين بفبركة تقارير التدخل الروسي المزعوم    زلزال جديد يضرب جزيرة روسية بقوة الآن    الكابينت الإسرائيلي يناقش ضم مناطق في غزة حال عدم التوصل إلى اتفاق مع حماس    حرمه منها كلوب وسلوت ينصفه، ليفربول يستعد لتحقيق حلم محمد صلاح    موعد مباراة الأهلي الأولى في الدوري المصري    سائق نيسان «أوليفر رولاند» يتوج ببطولة العالم للفورمولا e في إنجلترا    اللقطات الأولى لخروج قطار عن القضبان واصطدامه برصيف محطة السنطة في الغربية (فيديو)    أمطار وانخفاض درجات الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم الخميس.. طاقة إيجابية في انتظار هذا البرج    هشام عباس بذكريات "التسعينيات" وفريق وسط البلد ب"تكتيك مبتكر" يشعلان حفل الصيف بالإسكندرية (فيديو)    أقوى رد على شائعة طلاقهما، رامي رضوان يفاجئ دنيا سمير غانم بعرض "روكي الغلابة" (فيديو وصور)    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    احذروها في الصيف.. 7 مشروبات باردة تهدد حياة مرضى الكلى    الدفاع الروسية: اعتراض 13 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي روستوف وبيلجورود    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    حنان مطاوع تنعى لطفي لبيب: "مع السلامة يا ألطف خلق الله"    بالأسماء| ننشر حركة تنقلات وترقيات قيادات وضباط أمن القاهرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    مذكرات رجل الأعمال محمد منصور تظهر بعد عامين من صدور النسخة الإنجليزية    من بيتك في دقائق.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل (الرسوم والأوراق المطلوبة)    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    إيرادات أزور تتجاوز 75 مليار دولار ومايكروسوفت تحقق أرباحا قياسية رغم تسريح الآلاف    يعشقون الراحة والسرير ملاذهم المقدس.. 4 أبراج «بيحبوا النوم زيادة عن اللزوم»    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس بالثورة السياسية وحدها يحيا الإنسان

أعترف منذ البداية بأن مصر الآن تمر بمرحلة اقتصادية حرجة جاءت نتيجة آثار الثلاثة عقود الماضية‏,‏ بالاضافة الي ما أصاب مصر من شلل وركود اقتصادي فترة ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتي الآن وما تلاها من تعطل نسبي في كل نواحي الانشطة الاقتصادية‏.‏ إن مصر تواجه صعوبات بالغة الخطورة في ميزان المدفوعات علي المدي القصير والمتوسط والطويل, فضلا عن تضخم في معدلات الاسعار بشكل متزايد الحد مع تواضع معدلات التشغيل وتدني نسبة الادخار العائلي.
ولايخفي هنا ان تلك المشكلات تفصح بجلاء عن حالة عدم توازن اساس في الميزانية العامة للدولة وفي ميزان المدفوعات خاصة في اضطراب بين الطلب النقدي الكلي المحلي والأجنبي واجمالي العرض الحقيقي منه, اما المشكلة الثالثة فتعرقل التنمية الاقتصادية وتبطئ من معدلات نموها, في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية التي مازالت تعاني منها مصر حتي الآن, ما لم يتم تدبير الموارد الداخلية والخارجية اللازمة لملء الفجوة بين المدخرات المحلية والاجنبية ومعدلات الاستثمار المرجوة.
ولقد تم في السابق تغطية عجز الموازنة وميزان المدفوعات عن طريق الإصدار الجديد أو طرح أذون الخزانة, بالاضافة الي المنح والقروض, بل تم ايضا تغطية جانب من هذا العجز حتي زمن قريب عن طريق زيادة الديون القصيرة الاجل الداخلية والخارجية, ولكن اليوم ونتيجة لكل ما حدث تقلصت تحويلات العاملين من الخارج والاستثمارات المتدفقة الاجنبية وايرادات قناة السويس والسياحة والموارد البترولية, ولن تقدر الحكومة بهذا الحال علي كبت الضغوط التضخمية والركودية, ولن تستطيع الحفاظ لفترة طويلة علي دعم السلع الاستهلاكية الاساسية للحفاظ علي مستوي معيشة الطبقات العريضة من الشعب المصري.
وعليه من الواضح أن مثل هذه الاوضاع لايمكن ان تستمر طويلا, ومن المسلم به ايضا انه لاتستطيع اي بلد لأمد بعيد ان تستهلك اكثر مما تنتج.
ويتضح مما سبق انه ينبغي ان يكون هدفنا الاول العمل تدريجيا علي الارتقاء بالاقتصاد المصري الي اقتصاد يعتمد علي الذات, وهذا هو الموضوع الذي يجب ان يجمعنا تحته اليوم يا شعب مصر, ان هدف سياستنا الاقتصادية المباشر يجب أن يكون ضمان قيام اقتصاد ديناميكي يعتمد نسبيا علي الذات, وذلك لايعني ان تكون سياستنا المعلنة هي الاستغناء عن تدفق رأس المال الاجنبي بأشكاله المختلفة.
ذلك ان الرأي عندنا اننا لانملك أن نفعل ذلك في ظل الاقتصاديات المتدخلة والعولمة, وإنما يعني العمل علي الارتقاء الي اقتصاد مصري يعتمد, وكما سبق الذكر علي الذات نسبيا بالسيطرة علي الثغرة في الموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات والثغرة بين الادخار المحلي والاستثمار الكلي بما يترتب علي هذا من اعفاء مصر مستقبلا من ان تواجه استمرار مشكلة تمويل العجز عن طريق الاقتراض الداخلي او الخارجي بما يوقعها فيما يسميه الاقتصاديون( مصيدة الأثر المتسلسل المحلي أو الاجنبي) التي لابد ان تقضي بالبلاد الذي تقع فيها الي حالة تبعية اقتصادية للبلاد التي تزودها بتلك القروض باستمرار, كما كان الحال طوال الأربعين عاما الماضية.
ومهما يكن من أمر فان اتخاذ موقف ايجابي من الوضع المقلق للموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات ومكافحة الضغوط التضخمية وتدني مستويات التشغيل وانخفاض الادخار القومي يتطلب اتخاذ موقف حاسم من أولي الامر هنا, ذلك أنه في دولة آخذة في النمو كمصر يعاني معظم سكانها من انخفاض في مستوي او نوعية الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين, فيجب اعادة النظر عن طريق ترشيد الإنفاق العام والخاص والنظر ايضا في ترتيب اولويات جدول السلع المدعمة, بحيث تقصر علي السلع الأساسية لجموع المواطنين.
واني اؤمن بأنه مازال هناك مجال واسع لترشيد تلك النفقات دون احداث انخفاض في مستوي او نوعية الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين.
اما بالنسبة للاستهلاك الخاص فيجب ان يؤخذ في الاعتبار ألا تتعدي معدلات الزيادة السنوية للاستهلاك الخاص عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ويقتضي هذا فرض رقابة محكمة علي الزيادة المطردة في استيراد السلع الكمالية والقضاء علي التهرب الواضح من الرسوم الجمركية خاصة عن طريق المناطق الحرة, كما يجب العمل بكل الوسائل علي إعادة زيادة الصادرات من السلع المحلية ذات الميزة النسبية العالمية مع التحفظ بالنسبة لتصدير البترول الخام ومشتقاته.
ومن ناحية اخري لايخفي ان الحد من معدل الزيادة في الاستهلاك الحكومي سوف يضع حدا للضغوط التضخمية ويحرر الموارد اللازمة لرفع معدلات الادخار, اما السياسة التي تنتهجها الحكومة في المجال النقدي وفي مجال سوق الاوراق المالية فأقل ما يقال فيها هو أنها محل نظر.
نخرج من هذا بأن علي مصر ان تواجه مشكلاتها بشجاعة وحزم, كما واجهت تشوهات النظام السياسي قبل ثورة يناير, ولن يتم اصلاح احوالنا ما لم نبذل اقصي الجهد في زيادة انتاجنا القومي من السلع الزراعية والصناعية, ومن ثم يجب جعل مكان الاولوية من اهداف خطتنا هي التوسع الزراعي والتكثيف علي اساس علمي يتفق مع طبيعة العوامل الاجتماعية والسلوكية لابناء الريف وان يكون للتوسع الرأسي مكان الصدارة في هذا المجال, علي انه لما كانت الارض القابلة للزراعة وموارد المياه في انخفاض, ولما كنا لم نستطع لامد طويل كبح المعدلات العالية لزيادة السكان التي تلتهم الرقعة الزراعية, فانه يتمثل في التصنيع السريع الزراعي وغير الزراعي الطريقة الرئيسية لزيادة الدخل القومي ولتحسين مستوي المعيشة وتوفير العمالة المنتجة المستوعبة للزيادة المستمرة في اعداد الاشخاص القادرين والراغبين في العمل, ومن هنا تبدو الاهمية البالغة لاصلاح حال القطاعين الزراعي والصناعي اللذين ينبغي ان يبقيا عصب الاقتصاد المصري.
إن دفع عجلة التنمية الاقتصادية علي النطاق اللازم لتحقيق ما تقدم ليس بالامر السهل, ولكنني أعترف بأني لا أري بديلا لذلك وان كانت صراحتي هذه مقلقة للبعض, فأقول: رحم الله أستاذي العظيم المرحوم الاستاذ الدكتور/ زكي الشافعي مؤسس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عندما كان يدأب علي استهلاك محاضراته في تدريس الاقتصاد بقوله: إن الصدق سواء في قاعة الدرس أم في اسداء النصح للدولة التزام مهني علي كل من يتصدي للتخصص في ميدان عمله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.