بعيدا عن نظرية المؤامرة! بعيدا عن نظرية المؤامرة في محاولة فهم ما يجري حاليا ضد ليبيا باسم حق المجتمع الدولي في ضرب الديكتاتورية والاستبداد المتمثلة في نظام القذافي تحت رايات نبيلة اسمها مسئولية حماية المدنيين.. يظل السؤال الضروري هو: هل في تاريخ تلك الدول الغربية التي تقود التحالف العسكري والسياسي ضد ليبيا علامات مميزة في سجل التضحية بأرواح أبنائها وثروات شعوبها من أجل مصلحة شعوب أخري تختلف عنها ثقافيا وحضاريا... أم أن الدوافع بالنسبة للعراق' سابقا' وليبيا' حاليا' هي دوافع مصلحية بحتة تتعلق بما تختزنه الأرض العراقية والليبية من النفط؟ أعتقد أن الجواب واضح ولا يحتاج إلي جهد أو اجتهاد- من جانبي أو من جانب أحد غيري- فلم يعرف عن هذه الدول أي قدر من الارتباط بين سياساتها الخارجية الفعلية من ناحية وما تتبناه في خطابها الإعلامي والسياسي من مباديء إنسانية وأخلاقية من ناحية أخري... وإنما العكس هو الصحيح حيث تتغلب النفعية المادية علي أي اعتبار آخر لتتسع مساحة التفسيرات والتبريرات اللازمة لتمرير سياسات الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير. ولكن علي الجانب الآخر لابد أن نعترف بأن بقاء عورة غياب الديمقراطية كعنوان بارز للمشهد السياسي في العالم العربي هو الذي يوفر المناخ الملائم لهذه الذرائع والمبررات أمام القوي الطامعة في ثروات المنطقة والراغبة في إعادة رسم خريطتها علي ضوء موازين القوي العالمية الجديدة التي تختلف عن موازين مطلع القرن العشرين التي شهدت رسم خريطة المنطقة الحالية طبقا لاتفاقية' سايكس بيكو' والمعروفة باسم' الاتفاق الودي' بين بريطانيا وفرنسا عام1904 الذي أعقبه صدور وعد بلفور عام1917 بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين لإقامة حاجز بين شرق العالم العربي وغربه. وما أبعد المسافة بين التفسير العلمي والتاريخي للأحداث وبين التفسير التآمري الذي يستسهل القائلون به إلقاء كامل المسئولية علي الآخرين وحدهم لمجرد إبراء الذمم من ناحية أو تبرير التورط في الجرم من ناحية أخري! خير الكلام: كل الديون يمكن سدادها ما عدا ديون الحرية! [email protected]' المزيد من أعمدة مرسى عطا الله