الباب أصبح مفتوحا أمام تأسيس الأحزاب بالإخطار وفقا لعدة شروط بسيطة لاتحمل الكثير من التعقيدات.. وما علي المؤسسين إلا إخطار لجنة شئون الأحزاب وهي لجنة قضائية تقوم بفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب طبقا لأحكام القانون.. ويري خبراء العمل الحزبي أن التعديلات المقترحة تقدم تسهيلات غير مسبوقة لكن التخوف من تبسيط هذه التسهيلات ستؤدي إلي ظهور نحو مائة حزب جديد إلي جانب الاحزاب ال(25) القائمة ومعظمها أحزاب ضعيفة ولاتستطيع المنافسة.. والتخوف أن تتساقط الاحزاب الجديدة نتيجة مشكلات التمويل وعدم وجود الخبرة واللجوء لإنشاء أحزاب أسرية وغيرها.. وقضية تمويل الاحزاب من الاشتراكات والتبرعات من مصريين دون خصمها من وعائهم الضريبي سينشأ عنها عجز تمويلي خاصة مع إلغاء دعم الدولة للأحزاب, وهنا ستضطر الأحزاب لقبول أموال من الخارج من تحت التربيزة أو تنهار أو تتصرف تصرفات غير قانونية تعرض الحياة السياسية والاجتماعية للخطر, وهناك جانب آخر غاية في الخطورة وهو إنشاء الأحزاب علي اسس دينية غير معلنة فتفجر الفتنة الطائفية وتهدد الأمن القومي.. يقول أحمد عبدالحفيظ نائب رئيس الحزب الناصري إن الأهم طريقة تأسيس الأحزاب وهل هو اخطار فعلي أم تسمي الطلب إخطارا فقط وهو لن يكون إخطارا في حقيقته؟ ولكي يكون إخطارا فقط لايكون للجهة التي ستتلقي الاخطار أي رأي في تكوين الحزب من عدمه ويصبح الحزب قائما بمجرد إخطار هذه الجهة ويكون عليها إذا رأت أن هذا الحزب لم يستكمل الشروط أن تلجأ للقضاء مباشرة لاتخاذ مايراه في هذا الشأن سواء بإلزام الحزب بتعديل برامجه ولوائحه أو بإعلان إنهاء وجوده. الشيء الثاني شروط العدد المتقدم بإنشاء الحزب بما يضمن جديته علي الأقل في الفترة المقبلة التي تتطلب جدية في الحياة السياسية بما يقتضي عدم إتاحة الفرصة للأحزاب العبثية التي يتقدم بها أشخاص مع عائلتهم وأصدقائهم دون جدوي حقيقية وفي رأيي يجب أن يشترط لقيام الحزب توقيع نحو5 آلاف مواطن من عدد من المحافظات متنوعة وبحد أدني من محافظة ويكون من بينهم مسلمون ومسيحيون ونساء ورجال وأن تلزم الاحزاب القائمة بتوفيق أوضاعها طبقا للقانون الجديد, وهذا ضمان للجدية يرتبط بالنص الدستوري الذي يبيح لكل حزب له عضو واحد منتخب في البرلمان أن يتقدم بالترشيح لرئاسة الجمهورية فلايجوز الاتاحة لبعض الشخصيات تكوين أحزاب وهمية علي الورق, فإذا انضم أحد أعضاء البرلمان لحزب من هذه الأحزاب أصبح لهذا الحزب الحق في تقديم مرشح لرئاسة الجمهورية في حين أن هذا الحق لايحق لأي مواطن أن يتقدم لهذا الترشيح إلا بالحصول علي توقيع30 ألف مواطن أو30 عضوا منتخبا في البرلمان, كما يجب أن ينص في القانون علي عدم جواز انتقال الأعضاء البرلمانيين لأي حزب إلي حزب آخر خلال الدورة البرلمانية نفسها. هل التسهيل في إنشاء الأحزاب خطر مثل التعقيد. لابد من ضمان للجدية ووضع شروط لتحقيقها, والاخطار يتم بالأعضاء المؤسسين الذين وثقوا توقيعاتهم علي تأسيس الحزب ومع البرنامج واللائحة الداخلية. وخطر التعقيد يمنع أحزابا جادة أو توجهات جادة سياسية واجتماعية حقيقية وخط التسهيل الزائد يؤدي لنوع من التهريج السياسي وتفتيت القوي السياسية وشرذمتها بما يمنع قيام حياة حزبية وسياسية حقيقية وقوية ويعيدنا إلي الجمود الذي تسبب في ثورة يناير. يتوقع أن يصل عدد الاحزاب الجديدة حوالي من30 إلي40 حزبا وسوف يختص أكثرها بعد أول انتخابات. ومن المتوقع أن ينسلخ بعض أعضاء الاحزاب القائمة لينسوا أحزابا أخري أو ينضموا لاحزاب جديدة وستؤثر في الاحزاب القائمة لأن الأحزاب القائمة لم تتدارك نفسها ولم تتأهل للأوضاع الجديدة وبالتالي قد لاتكون مستعدة لمواجهة الوضع الجديد علي الأخص إذا حدث المتوقع وهو أن أعدادا كبيرة من عضويتها ستتركها للانضمام لأحزاب جديدة. ويشير المستشار أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي إلي أن التعديلات المقترحة لم تشمل الاشارة إلي ضرورة توفيق الاحزاب القائمة لأوضاعها وفقا للتعديلات الأخيرة, الأمر الثاني لم يكن في النصوص ما يؤكد تميز الحزب في برنامجه السياسي وهو أهم المعايير التي تبني المفاضلة علي أساسها وتمنح الأحقية للحزب من عدمه وذلك باعتبار أن التميز في البرنامج السياسي هو المعيار الرئيسي للمفاضلة والرؤية المحددة التي يظهر من خلالها للجنة القضائية لتنظيم شئون الأحزاب مدي قبول الحزب من عدمه. ونحن نسمح بتعدد الاحزاب ولكن لا نسمح باهدار الهدف والقيمة التشريعية من وجود الاحزاب في مصر, كما يؤكد الفضالي لأن كثرة الأحزاب خطر وذلك وفقا لطبيعة الشعب المصري, فالحرية هنا لابد أن تكون هادفة مع وجود معايير وضوابط فيجب أن تكون هناك محددات لإنشاء أحزاب جديدة وضوابط تمنع أي خروج عن الهدف من التعددية الحزبية في مصر. ويتوقع وجود اكثر من100 حزب جديد علي الأقل في الفترة المقبلة, لانريد ضوابط وقيودا, لكن نريد ضمانات وشروطا حتي لا ينفلت الأمر إذا فقدنا الضمانات التي تحافظ علي الشرعية, ونتوقع ظهور أحزاب قوية. سوف تفرز الممارسة الحزبية علي أرض الواقع عددا قليلا من الأحزاب القوية لكنها لن تستطيع تحديدها مسبقا, ويتوقع انسلاخ بعض الأعضاء من الأحزاب وتكوين أحزاب جديدة عملية, نجاحها مشروط بالممارسة الحزبية علي أرض الواقع بمعني أن هناك تجارب عديدة للاحزاب القائمة, تثبت أن الحزب الذي لا يضم كوادر فعالة وقوية يكون غير جدير بالوجود ويتلاشي وجوده. ورغم وجود25 حزبا الآن أعتقد أن5 أحزاب هي الفعالة ومن بينها حزب السلام الديمقراطي لوجوده في الشارع والقري ومعظم أنحاء مصر. ويتوقع أن تعمل الأحزاب الدينية علي أن تكون قوي دينية أكثر منها سياسية حتي لو كانت التصريحات عكس ذلك, وهنا لا أقصد الاخوان المسلمين فقط بل أقصد المسيحيين والمسلمين وكافة التيارات الدينية فيجب أن يكون الحزب قائما علي أساس مدني, والخطر الوحيد الذي أراه يهدد مسيرة العملية السياسية في مصر, التمويل الخارجي والتوجه الديني, بالمعيار مصداقية في عمل أي مؤسسة تعمل في السياسة أو النواحي الاجتماعية لابد من الأخذ بمعيار البعد عن الدين والتمويل الخارجي. بعد ظهور القانون الجديد واختفاء أمن الدولة سوف تعطي الفرصة لبعض الأحزاب الجادة القائمة لتمارس نشاطها بطلاقة وحرية وبالتالي تكون أحزابا قوية وقادرة علي المنافسة في العمل السياسي والاجتماعي, أما الأحزاب الجديدة فالفرصة أمامها إنما تحتاج لبعض الوقت لتقوي حيث لدي ما يثبت أن هناك تمويلا خارجيا مفتوحا علي مصراعيه لبعض الأحزاب ولدي بعض المستندات المؤكدة لذلك وبقوة وهي مستندات دولية, مما يمثل خطرا علي الحياة السياسية والاجتماعية في مصر وممكن أن يؤدي لفوضي ويجب مراقبة هذا الجانب بقوة من جانب الدولة. هل سيحدث اندماج لبعض الاحزاب؟ يري أحمد الفضالي أن هناك بعض الأحزاب سوف تسقط وتتلاشي لانها لن تستطيع التعامل مع المستجدات في الأحداث الحالية وأهمها ضرورة التعامل بحرية بعيدا عن السيطرة والتوجيه الحكومي, فهناك أحزاب كانت تعمل من خلال التوجيه وسياسة رد الفعل, أما الآن فلا مكان لمن يحاول الارتكان لأي قوي إلا القوي الوطنية والشارع المصري. حزب الشباب غنيمة اقتسمتها القوي السياسية القائمة ولا تصدق من يحاول البعض أن يزعم أن لديه قيادات الشباب في ثورة25 يناير فهو ادعاء غير مطابق للحقيقة, لكنهم موزعون في القوي السياسية والأحزاب الأخري. أري أن مستقبل الأحزاب في خطر إذا لم يتم صياغة ضوابط وضمانات كفيلة بوجود أحزاب فاعلة ووطنية ومرتبطة بالشارع المصري, فما يحزنني أنني وجدت ورأيت علي الشاشات والصحف العديد من رموز النظام السابق وهم يعلنون بدء إنشاء حزب جديد كنتاج للثورة وهذا ما يؤلم ويضحك في نفس الوقت. وأصوب قرار فصل الصحف عن الاحزاب لأنها أصبحت سبوبة وأصبح الحزب عبارة عن جريدة ورئيس تحرير وليس تنظيما سياسيا, اتخذنا قرارا من5 أشهر بعدم إدارة عملية الصحف والمجلات وتركها لأهل الخبرة, ولذلك أسندت في الحزب إدارة الجريدة وشئونها لمجلس خاص بها برئاسة رئيس التحرير واستقلالية كاملة إدارية وتحريرية ولا تعبر عن الحزب. ويتناول وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي إقرار عدم تعارض مبادئ الحزب وبرامجه مع الدستور ومقتضيات حماية الأمن القومي المصري والوحدة الوطنية ويؤيد عدم انطواء برامج ووسائل الحزب علي إقامة نوع من التشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية ولا أري أن الاحزاب القديمة لا يوجد بها ما يتعارض في برامجها مع هذه الضوابط, لكن أري أن ذلك يمكن حدوث بعضه في الاحزاب التي ستنشأ حديثا خاصة أن بعض الجماعات الاسلامية أعلنت عن نيتها إنشاء أحزاب سياسية وفي المقابل أعلنت طائفة مسيحية عن إنشاء حزب مسيحي وهو ما سيترتب عليه حتما الإضرار بالوحدة الوطنية لأنه سيولد مشاعر عقائدية متضاربة تؤدي إلي إذكاء نيران الفتنة الطائفية وهو ما يعرض الأمن القومي المصري لخطر. ويعتقد أن لجنة شئون الاحزاب في ثوبها الجديد وتشكيلها الوارد بالمادة الثامنة بقانون الاحزاب تتحمل مسئولية الحفاظ علي الضوابط الموضوعة في هذا القانون من أن يكون الحزب ببرنامجه ومبادئه يترتب عليه المساس بالوحدة الوطنية والقومية, وتشكيل المادة الثامنة تغير بما كنا نطالب به من أن تكون لجنة قضائية مستقلة وهو ما ترتب عليه عدم تحكم الحزب الحاكم في الاحزاب المعارضة له. ويتوقع أن هناك العديد من الاحزاب التي ستنشأ لأن الأمر أصبح بالإخطار وهو ميسر جدا, وهنا مشكلة كبيرة تعيد الرأسمالية لتكوين الاحزاب واستمرارها خاصة بعد الإعلان عن إلغاء الدعم المقرر للأحزاب, ولذلك لابد أن يكون المؤسسون ورئيس الحزب من الأغنياء الذين يستطيعون الاتفاق علي نشاط حزب سياسي واجتماعي في جميع المحافظات, خلاف الأحزاب الاشتراكية التي لا تملك رؤوس الأموال التي تمكنها من تنفيذ برامجها وطموحاتها الحزبية. ومن هنا فإن المادة رقم11 قد حافظت علي أن تكون للاحزاب موارد مالية من طرق مشروعة وهي اشتراكات الأعضاء وتبرعات الاشخاص المصريين, واستثمار الأموال في أوجه غير تجارية وهذا يعرقل تمويل الاحزاب تماما حيث لا نحصل علي اشتراكات ذات قيمة ولا توجد تبرعات في هذا المناخ مما قد يحكم علي كثير من الاحزاب بالتراجع والسقوط وعدم قدرتها علي أداء دورها.