كثيرا ماتساءلت وأنا أري تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أكثر فأكثر في مصر خلال السنوات الأخيرة.. لماذا لايثور المصريون علي أوضاعهم المعيشية المتدهورة..؟ كانت جميع جوانب الحياة اليومية لهذا الشعب الطيب في هذا البلد العظيم تتراجع الي الوراء.. حتي سلوك الناس اليومي أصبح فوضويا قائما علي البقشيش في تسيير أي عمل يريد المرء أن يقوم به.. لقد تمادي النظام الحاكم في مصر في فساده.. وأصبح المجتمع ينقسم الي أثرياء ثراء فاحشا وسريعا لا يدل علي نشاط اقتصادي نظيف.. وإنما يدل علي تزاوج السلطة مع المال وهذا أسوأ أنواع الفساد الاقتصادي. أما بقية الشعب فقد تدهورت معيشته.. وأصبح أصحاب الكفاءات من أفراد الشعب مضطهدين. وعندما عدت في المرة السابقة من مصر التي أحببتها واخترتها لدراسة الصحافة في جامعة القاهرة.. وأقمت بيتا بها لأتردد عليها.. كنت غاضبة لكل جوانب التدهور في حياة المصريين الذين اعتقلهم نظامهم فأصبحوا محبوسين فيه ولا يستطيعون تغييره بسبب القسوة والظلم الذي يتعرض له أي معارض يخاف منه النظام في ظل قانون الطوارئ الظالم الذي فرض عليهم منذ أكثر من ثلاثين عاما.. وكتبت مقالي الذي نشرته أين القاهرة التي كنت أعرفها. الا انني اليوم فخورة بهذا الشعب العظيم الذي صبر كثيرا ودفعه شبابه ليثور من أجل كرامته.. فاتحد الجميع من أجل ثورة التغيير.. ومازالوا صابرين رغم الفقر وحاجة الموظفين في القطاع الخاص الي رواتبهم للانفاق علي أسرهم.. لكنهم مصرون ومتحدون بطريقة غير مسبوقة وتدل علي ولادة عهد جديد من الديمقراطية والتحضر في جوانب حياتهم اليومية التي أهم ماسوف يدعمها احترام القانون وتطبيقه علي جميع أفراد الشعب.. أري منذ الآن مصر مشرقة بشعبها العريق الذي سبق الدول العربية كلها علما وفكرا وتعليما حتي اننا لاننسي أن أوائل المدرسين في الخليج من المصريين واللبنانيين.. وهل ننسي الأفلام المصرية التي كانت تعبر عن حضارتهم وتقدمهم عندما كان الخليج العربي في بداية طريقه الي الحضارة الحديثة؟ ان ماحدث في مصر أمر إعجازي ان يثور الشباب ويطالبوا بتغيير الحكومة وفرض الحاجة الي نائب رئيس جمهورية الأمر الذي كان يتجاهل تنصيبه الرئيس حسني مبارك طوال فترة حكمه( اي ثلاثين عاما), كما فرضوا تغيير الدستور الذي كان يهدد الحكم الجمهوري في مصر.. وأن ينفذ الرئيس حسني مبارك كل طلباتهم, واحدة وراء الأخري.. أما كان من الأفضل له لو أنه استجاب لهذه المطالب الشعبية من قبل.. اليوم لايفيد ذلك فقد انكشف الغطاءعن فساد معظم المسئولين ووردت أنباء عن ثروة الرئيس وعائلته الضخمة التي ذكرت جريدة الجارديان البريطانية انها مابين40 و70 مليارا.. فمن أين حصل علي هذه الأموال الطائلة اذا لم يكن من زواج السلطة بالمال.. البوابة التي يدخل منها الفساد في الدولة فيصبح المسئولون أثرياء بين ليلة وضحاها.. وينسون مشاكل الشعب وهمومه لأنهم يعيشون في برج ثرائهم غير المشروع يتمتعون, بمظاهر الرفاهية, ومعظم الشعب يعاني الفقر والجوع والظلم وغياب القانون الذي ينظم المجتمع ويتقدم به.. لذلك آن الأوان ليتمتع الشعب المصري بخيرات بلاده الغنية.. المتعددة.. وتصبح مصر أم العرب قوية متقدمة بمؤسساتها القائمة علي دولة المؤسسات والقانون العادل والعلم. ان مايحتاج اليه المصريون في المستقبل هو اجتماع اصحاب الكفاءات التي تمتليء مصر بهم وبعضهم عباقرة وصلوا الي العالم بمعلوماتهم واختراعاتهم بعد ان يأسوا من واقعهم الروتيني البيروقرطي في بلدهم لمدة ثلاثين سنة وأكثر, فهاجروا الي الدول المتقدمة الحضارية ليتفوقوا علي غيرهم بمواهبهم الخلاقة.. اليوم بلادهم بحاجة اليهم ليبنوا مصر المستقبل ليساعدوا علي بناء حضارة بلادهم التي انتظرت طويلا, الي ان جاء شبابها لإنقاذها من الرجوع الي الوراء وأخذ خطواتها الي طريق الرقي والحضارة بإذن الله.