كلهم مرشحون للسقوط.. لا استثني أحدا جميعهم ثوار أبطال شجعان كانوا في سبات عميق لكنهم استيقظوا معا بعد زوال آثار المخدر. المرشحون للسقوط أو الافول هم الحكام العرب من المحيط إلي الخليج. اما من استيقظ بعد زوال اثر المخدر فهم بالقطع شعوبنا العربية المغلوبة علي امرها سابقا, الغالبة الراكبة حاليا, وانتظروا لتروا بأنفسكم من سيغادر المسرح اليوم, ومن سيتم ركله غدا. الشاهد أن الثورة قايمة والكفاح دوار, والشاهد أن الذين يئسوا من إمكانية حددت الوحدة العربية رءت عليهم الشعوب بثوراتها لتقول لهم: وحدات الشعوب هي الابقي,, وسحقا لوحدات الحكام الاستعراضية التي لاتثبت ليلة واحدة. في كل شبر عربي ثورة.. أكثرها معلن وينتصر ويبشر بغد أفضل, وبعضها كامن يتحرك تحت الأرض في انتظار اللحظة المناسبة لينضم إلي تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين و... و...؟ بدأت نوبة الصحيان في تونس حسب نشرات الاخبار, وكان زين العابدين بن علي اول المغادرين للمسرح, فهل كان المصريون ينتظرون دقات المسرح الثلاث في تونس لينفرج ستارهم عن ثاني الساقطين؟ وهل كان الأشقاء في اليمن يسترقون السمع حتي يهبوا لطرد علي عبد الله صالح؟ قطعا المسألة اعمق من ذلك كثيرا, فالظلم والقهر الذي يعاني منه الشعب العربي قائم وجاثم علي الصدور منذ سنوات طوال لكن الحكام العرب نجحوا بطرق مختلفة في قتل أي رغبة في الثورة أو الاعتراض حتي يظلوا ملتصقين في كراسيهم, حتي إذا جاءهم الموت سلموا الكرسي لأبنائهم,. لكن الأجيال الجديدة من شباب العرب لم تتبلع الأقراص المخدرة التي ابتلعها آباؤهم. فتحوا عيونهم وآذانهم علي العالم من حولهم وايقنوا ان الموت أشرف كثيرا من الحياة في كنف الذل.. اكتشفوا أيضا ان حكامنا المحاطون بترسانات امنية لحمايتهم اضعف وأقل من أن نخشاهم خاصة إذا اجتمعنا جميعا حول هدف الاحاطة بهم. وماحدث في تونس حين حرق الشاب نفسه امام الشرطية لم يكن إلا إشارة البدء لجيوش شعبية كامنة في الأصل جاهزة ومستعدة للانقضاض.. وماحدث في مصر حين تجمع الشباب في ميدان التحرير لم يكن إلا إشارة البدء لشعب بأكمله يريد محو ثلاثين عاما من الظلم والقهر والسرقة والفساد والتخلف لبلد كان منارة وحضارة العالم. وماحدث في اليمن ضد علي عبد الله صالح لم يكن إلا لحظة إفاقة واجازة من القات للخلاص من رجل يريد تسليم اليمن بيضة مقشرة لولده وكأنها ميراث عن ابيه. وإذا كان علي عبد الله صالح لايزال علي كرسيه حتي كتابة هذه السطور, وإذا كان الأخ العقيد لم يغادر خيمته حتي كتابة هذه السطور فلا ريب أنهما سقطا بالفعل ولم يعد لهما مكان في اليمن أو في ليبيا, ومايفعله الزعيمان ما هو إلا حلاوة روح ستصعد إلي بارئها ان عاجلا أو اجلا. ولأن الأشياء الجميلة تصبح أحيانا معدية مثل الأمراض فقد اهتزت الكراسي بالفعل أسفل حكام المغرب والجزائر والسودان وسوريا وعمان والبحرين, وبدأ بعضهم في العطاء الجزيل لشعوبهم من باب تغيير نوع المخدر حتي يناموا كما كانوا نائمين طوال السنوات الماضية, لكن لااحد يضمن لهم ذلك ليس لأنهم اصيبوا بالعدوي ولكن لأن العرب جميعا اطلعوا علي العالم من حولهم واكتشفوا ان الحرية أهم من الثراء, والمشاركة في الحكم أهم من امتلاك شقق وفيلات وقصور وأراض, اكتشفوا ان الحياة باحترام وكرامة لايكون إلا إذا كنت مشاركا في اختيار من يحكمني ومشاركا في وضع مناهج التعليم التي سيدرسها أبنائي, ومشاركا في اختيار اللغة التي تخاطبني بها وسائل إعلامي. إذن تعالوا نتخيل معا آخر يوم في هذا العام, تعالوا نحلم بيوم2011/12/31, وقد اصبح الوطن العربي من محيطه إلي خليجه مكتسيا بلون الورد وليس بلون الدم. يرفل في ثياب الرضا وليس في سلاسل القهر.. يتذوق طعم الاستقرار ولايغطيه العار.. مشغول بالغد وماسيحققه فيه للأجيال القادمة من انجازات وليس بالأمس وماحواه من آلام وعذابات. وحتي يأتي ذلك اليوم سنظل نغني مع أم كلثوم: ثوار ثوار ولآخر مدي ثوار ثوار. [email protected]