حرمة الدماء والأموال في ضوء خطبة حجة الوداع، موضوع خطبة الجمعة القادمة    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    وزارة العمل: توفير 7 ملايين و240 ألفا فرصة عمل فى الداخل والخارج منذ 2014    المشاط: ترفيع العلاقات بين مصر واليابان يؤسس لمرحلة جديدة لتلبية تطلعات البلدين    إزالة 465 حالة إشغال طريق مخالف بمراكز البحيرة    تدشين 3 خطوط جديدة للشركة الوطنية مصر للطيران بالقاهرة خلال يوليو المقبل    ارتفاع أسعار المكرونة واللحوم وانخفاض الجبن اليوم الجمعة بالأسواق (موقع رسمي)    اليوم تسيير 27 رحلة جوية إلى الأراضي المقدسة    وزير الخارجية السوداني: روسيا من الدول التي ستشارك في إعادة إعمار السودان    منظمة العمل العربية: متابعة طلب فلسطين بالعضوية الكاملة فى "العمل الدولية"    بايدن يعتذر لزيلينسكى عن تأخير المساعدات العسكرية لأوكرانيا    غدا.. الأهلى يواجه النجوم ودياً استعداداً لفاركو فى الدورى    القائمة النهائية لمنتخب إسبانيا المشاركة في يورو 2024    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    مقتل سوداني بمساكن عثمان بأكتوبر    تسهيلات لراحة الحجاج.. بعثة الداخلية تستقبل آخر فوج بالمدينة المنورة| صور    مصرع شخصين داخل بيارة أثناء التنقيب عن الآثار بالبحيرة    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    نيللي كريم تستعرض إطلالتها الساحرة في حفل زفاف جميلة عوض | فيديو    تشييع جنازة نادر عدلى في العاشر من رمضان اليوم والعزاء بالمعادى غداً    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024    «مفيش بشر».. شوارع الوادي الجديد خالية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    مذكرة تفاهم بين مصر وجامبيا للتعاون في إدارة الأنهار المشتركة والتحلية    مصر وروسيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    عيد الأضحى- فئات ممنوعة من تناول الممبار    بروتوكول تعاون لاستقطاب وافدين من أوروبا والخليج للعلاج بمستشفيات «الرعاية الصحية»    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بمناسبة عيد الأضحى.. زيارة استثنائية لجميع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    أكسيوس: فشل اجتماع القاهرة لإعادة فتح معبر رفح    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    تفاصيل موعد جنازة وعزاء المخرج المسرحي محمد لبيب    اليوم.. سلوى عثمان تكشف مواقف تعرضت لها مع عادل إمام في برنامج بالخط العريض    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    يونس: أعضاء قيد "الصحفيين" لم تحدد موعدًا لاستكمال تحت التمرين والمشتغلين    وزيرة الثقافة وسفير اليونان يشهدان «الباليه الوطني» في الأوبرا    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص على الطريق الدائري في القليوبية    خلاف داخل الناتو بشأن تسمية مشروع دعم جديد لأوكرانيا    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صبرة:مبارك رقم‏1‏ وعزمي‏2‏‏..‏ والباقون أصفار كبيرة‏!‏

طوال‏30‏ عاما‏,‏ كان المصريون مسلوبي الإرادة‏!‏ كانت مؤسسة الرئاسة‏-‏ في بعض الأحيان‏-‏ مسرحا كبيرا‏..‏ ليس لإضحاك الشعب‏,‏ ولكن للضحك عليه‏!‏ كانت أسوار مؤسسة الرئاسة تزداد ارتفاعا‏,‏ بينما الفجوة بين الرئيس وشعبه كانت تزداد اتساعا‏!‏ هل كان الرئيس يعلم أن هناك أناس ينتحرون بسبب العوز والفقر, وشبابا يقتله اليأس بسبب البطالة.. وشعبا يموت في طوابير الخبز, ورجال أعمال استولوا علي أراضي الدولة بثمن بخس, وآخرين جلبوا القمح الفاسد, واستوردوا اللحوم المصابة, وموظفين كبار فسدوا تحت سمع وبصر النظام السابق! هل كان الرئيس السابق يعرف أن الأغنياء يزدادون غني.. والفقراء يزدادون فقرا!
وإن كان يعرف فتلك مصيبة.. وإن لم يكن يعرف فالمصيبة أعظم! وطوال30 عاما, كانت مؤسسة الرئاسة تقيم حواجز من السرية, فلا أحد يجرؤ علي الكلام! ثم جاءت ثورة25 يناير, فكسرت حواجز الصمت, وأطاحت بقواعد السرية, وخرج علينا من يكشف ما كان يحدث طوال هذه السنوات التي كان فيها الصمت سيد الموقف.. فقد قرر محمود صبره الذي استقال من منصبة ككبير إعلاميين بمكتب الرئيس السابق قبل8 سنوات, أن يزيح الستار عما كان يحدث في تلك المؤسسة الحساسة طوال مدة خدمته علي مدي18 عاما في مكتب الرئيس.. صبره قرر فجأة أن يتكلم علي مسئوليته الشخصية.. واليكم التفاصيل:
كنت تعمل في إدارة المعلومات برئاسة الجمهورية.. فكيف كنتم تتعاملون مع المعلومات التي ترد إليكم؟
- لقد تعلمت خلال عملي في18 عاما بالرئاسة أن أختار المعلومة, والإحساس بأهميتها, وقد اكتسبت ذلك بالممارسة, وأذكر أنه في بداية تعييني بمكتب الرئيس كان هناك داعية سلام إسرائيلي من حركة السلام الآن ويدعي إيبي ناتان, وقد أعلن أنه سوف يعبر قناة السويس بمركب محملة بالورود, لتوزيعها علي المصريين في السويس, وبورسعيد, والإسماعيلية, ووقتها لم يكن السلام قد اكتمل, وربما تكون هذه المعلومة عادية بالنسبة إلي شخص آخر خارج مجال المعلومات, لكني آثرت إرسالها للرئيس في نبأ عاجل, وتذكرت كيف أن خطة إسرائيل لشن العدوان علي مصر, كانت تقوم علي إرسال مركب لعبور قناة السويس, وحين ترفض مصر, يجري استهدافها عسكريا, بدعوي أن مصر لم تحترم الاتفاقيات, ولذلك قررت إرسال نبأ رغبة داعية السلام بعبور القناة بشكل عاجل.. والحقيقة أننا لا نرسل الخبر كما يرد إلينا, فنحن نتعامل معه, بالترجمة إذا كان يحتاج لذلك, ونقوم بصياغته, وتركيز المعلومات الواردة به, ثم ترسل إلي الرئيس ضمن النشرات التي ترسل يوميا, في الساعة الخامسة صباحا, والثانية ظهرا, والتاسعة مساء, أما الأخبار العاجلة فيتم إرسالها في وقتها, وحينما تكون النشرة مطولة, يقول الرئيس أنا مش فاضي اقرأ كل ده, وذات مرة ألقي النشرة في وجه سكرتيره الخاص, وقال له: إنت جايب لي كشكول!!.. وللعلم كانت هناك قيود علي حجم النشرة, ولم يكن هناك اتصال مباشر بيننا وبين الرئيس, وهذا كان عيبا في النظام, حيث كان هناك ستار حديدي حول الرئيس السابق, وكان من حوله يتصرفون من منطلق, هذا يعجبه, وهذا لا يعجبه!
ومن فرض هذا الستار حول الرئيس السابق حسني مبارك؟
- زكريا عزمي!
وما سر قوته داخل الرئاسة؟
- قبل أن أجيب, دعني أعود بالذاكرة إلي الوزير سعد شعبان, وكان يتمتع بكاريزما, وشخصية قوية, وكان زكريا في ذلك الوقت لايجرؤ علي المرور من الساحة اللي فيها مكتب الوزير شعبان, لكن الفرصة واتته, واستطاع أن يقترب من الرئيس السابق, وبالتالي تمكن من الإطاحة بكل من حوله,وكان زكريا قد بلغ من القوة مبلغا خطيرا, فلم يكن يسمح لأحد من الوزراء بالاقتراب من الرئيس السابق, فقد روي لي أنه منع صفوت الشريف حينما كان وزيرا للإعلام من التحدث إلي الرئيس السابق, حيث نادي عليه زكريا, وقال له: أنت رايح فين؟.. ووقتها لم يكن صفوت الشريف بلا أنياب.. باختصار لم يكن هناك مسئولين كبار في الرئاسة, لكن كان الرئيس مبارك رقم واحد, وزكريا رقم(2).. والباقون مجرد أصفار كبيرة, كما أنه هو الذي أطاح بالوزير سعد شعبان, ومؤخرا روي الدكتور حسام بدراوي أنه كان في مقابلة مع الرئيس السابق وقت ثورة25 يناير, وخرج بدراوي, لاستكمال بعض المعلومات, ثم عاد لمقابلة الرئيس السابق, فمنعه واحد من أفراد البروتوكول, وحسب رؤيتي الشخصية, لا يجرؤ البروتوكول علي ذلك, وإنما الذي منعه زكريا عزمي, فقد كان الرئيس السابق, قد قرر التنحي, زكريا لا يريد ذلك, لأنه بتنحي الرئيس كان زكريا سيفقد كل شيء, وكان حريصا لآخر يوم علي أن يفرض ستارا حديديا حول الرئيس مبارك..
وهل هو الذي أطاح بالدكتور مصطفي الفقي سكرتير الرئيس السابق للمعلومات؟
- بالتأكيد, هو الذي أطاح به, وكان يحول دون اقترابه من الرئيس السابق, والفقي شخصية محترمة, ولديه علم ورؤية, وقدرة علي التحليل, والتفكير العميق, وكان الفقي معتزا بنفسه, ولأن طبيعة عمله كسكرتير الرئيس للمعلومات, فإن الأمر كان يستلزم أن يكون كثير التردد علي الرئيس, وده يجنن زكريا, لذلك منع الفقي من استخدام مسماه الوظيفي في الرئاسة, ولم يحدث أن كان له غير تصريح واحد لوكالات الأنباء طوال مدة عمله بالرئاسة, وكان يخشي أن, يصبح الفقي نجما, أو مقربا من الرئيس, فتولي تحجيمه, في المقابل كان د. مصطفي يفضل دائما أن يكون بعيدا عن الصراعات, ولا يريد الدخول في مشاكل مع زكريا عزمي..!!
ولماذا خرج الفقي من الرئاسة؟
- قلت إنه كان هناك ستار حديدي حول الرئيس السابق, ولم يكن زكريا يسمح لأحد بالاقتراب, وهناك واقعة شهيرة تروي, ويري البعض أنها ساهمت في خروجه من الرئاسة, وتتلخص هذه الواقعة في أن سيارة الدكتور الفقي كانت تسير في الممنوع بعد أن ألقي محاضرته بالجامعة الأمريكية, وحدث اشتباك مع إحدي طالبات الجامعة التي كانت تسير في نفس الشارع, وأخذت تصيح في السائق, ثم صعدت علي رئيس الجامعة الأمريكية, وعلمت أجهزة الأمن بالواقعة, فأرسلت بها علي الرئاسة, والحقيقة أنه جري تضخيم الموقف نكاية في مصطفي الفقي.
ما أبرز الإدارات في مكتب الرئيس؟
- هناك إدارة الصحافة والإنباء, وتضم المعلومات, والصحافة والأنباء, ثم المهندسين, والسكرتارية, والرمز والشفرة, والأرشيف الرسمي.
مبارك والصحافة الإسرائيلية
كيف كانت صورة الرئيس السابق حسني مبارك في الصحافة الإسرائيلية؟
- كانت تأتينا وسائل الإعلام الأجنبية, ومن بينها الصحف الإسرائيلية, بينما كانت ترد إلينا تقارير إدارة الاستماع السياسي من الإذاعة المصرية, وفيها كل ما كان يذاع عن الرئيس, وكنا نعرض عليه كل ما كان يستحق أن يعرفه, والحقيقة أن نظرة إسرائيل للرئيس كانت ايجابية, فهم كانوا يرون أنه حليف استراتيجي, وداعم لعملية السلام, وأنه صمام الأمان بحكم قيادته لأكبر دولة في المنطقة العربية.
بحكم عملك في إدارة المعلومات بمكتب الرئيس.. هل كنتم تطلعون علي الرسائل المهمة.. وما هي نوعية هذه الرسائل؟
- بالطبع, كنا نطلع علي رسائل الرئيس, والخطابات التي كان يكتبها الدكتور أسامه الباز مستشار الرئيس لشئون السياسية, حيث كان يكتبها بخط يده, ثم نقوم نحن بمراجعتها بمنتهي الدقة, ثم يجري كتابتها علي الآلة الكاتبة, تمهيدا لعرضها علي الرئيس فيما بعد.. ومن بين الرسائل المهمة, تلك التي أرسلها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان في عام1986, والتي طلب فيها من الرئيس مبارك شن هجوم علي ليبيا, حين كان القذافي داعما للمنظمات الفلسطينية, وتعرض الرئيس لضغوط كبيرة, لكنه رفض, وسبق أن تلقي الرئيس برقيات من الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون تدعوه لضرب السودان بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا, لكن مبارك رفض أيضا.. وانطباعي الشخصي أن الرئيس السابق كان يتجنب الأمور التي كان يمكن أن تضعه في مأزق, أو أزمة, فقد كانت سياسته الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح!
هل حدث اختراق لاتصالات الرئيس, أو رسائله الخارجية؟
- طبيعي جدا أن تكون اتصالات الرئيس مشفرة, وتقوم بهذه المهمة إدارة من ضباط المخابرات, والمهندسين الفنيين, والجميع كانوا علي درجة عالية من الكفاءة, وأذكر هنا واقعة السفينة كيلي لاورو التي اختطفها أفراد فلسطينيون, عندما كانت تبحر من أثينا في أكتوبر من عام1985, وجاءوا بها إلي بورسعيد, وتم خلال عملية الاختطاف قتل مواطن أمريكي, وبعدها حضرت كبار القادة في منظمة التحرير الفلسطينية, ودخلوا في مفاوضات مع مصر, وتم الاتفاق علي الإفراج عن الرهائن, في مقابل تسليمهم الخاطفين الفلسطينيين, أو علي الأقل عدم السماح للأمريكان باختطافهم, أوتسليمهم لأمريكا, وفي تلك الأثناء طلبت الولايات المتحدة من الرئيس تسليمها الخاطفين, فأكد الرئيس لهم أنهم غادروا مصر, فأكد له الأمريكان أنهم سمعوا الاتصال الهاتفي بينه وبين كبار مساعديه, وأبلغوه بأنهم متأكدون من وجود الخاطفين داخل الأراضي المصرية!
كيف كانت انطباعاتك حول الرئيس هل هو عصبي؟
- الانطباع المؤكد لدي, والذي سمعته ممن عملوا مباشرة معه, أن الرئيس السابق كان مستعدا للإطاحة بأي أحد, سواء غضب منه, أو غضب عليه, أو بسبب وشاية من أحد.
هل كان جمال مبارك يتردد علي قصر عابدين؟
- لا.. لم أره ولا مرة.. لكنه كان دائم الاتصال بالمكتب منذ عام1997, وكان يسأل عن معلومات, ويستفسر عن أشياء, وكانت كل طلباته في مجال عمل الرئيس, وكان يطلع علي خطابات الرئيس الصادرة للوزراء, أو القادمة منهم!
لماذا ابتعد د. أسامه الباز؟
- لأنه شعر بتدخل جمال مبارك في أمور كثيرة, مع أن الباز كان رجلا بسيطا, ولم تكن هناك خطورة من وجوده كمستشار للرئيس للشئون السياسية, ولم يكن ينافس أحدا, ولأنه يحترم نفسه, آثر الابتعاد, وكان يأتي فقط حينما كان الرئيس يستدعيه.. وأتذكر أن انه جاء ذات مره لكتابة خطاب للرئيس, وكانت هناك سيارة دائما في انتظاره وحين أنهي الخطاب, نزل علي الدور الأول, ولم يجد السيارة التي تنقله علي منزله فطلب من سيارة الخضار أن تقوم بتوصيله. هكذا كان الدكتور أسامه الباز بسيطا, جدا, ومتواضعا جدا.
وما سبب خروج اللواء إبراهيم عبد اللطيف من الرئاسة؟
- كان اللواء عبد اللطيف مساعدا لوزير الدفاع, وتولي مكتب الرئيس, وذات مرة, كان الرئيس سوف يسافر للخارج, فذهب اللواء عبد اللطيف لوداعه في المطار, وأقلعت الطائرة, وأغلق اللواء هاتف السيارة, في حين طرأ أمر ما, واتصل به الرئيس من الطائرة, فإذا بالرئيس يجد الهاتف مغلقا, وانتهي الأمر بخروجه من الرئاسة
ما ابرز ما كانت تحتويه النشرات التي كنتم تعدونها للعرض علي الرئيس؟ وهل كنتم تركزون علي الأحداث الخارجية أم الداخلية؟
- كنا نتابع الشأن الخارجي من خلال وكالات الأنباء, والصحف, وكانت الإذاعة تساعدنا بتقارير عما يحدث في العالم, وعن كل مايذاع عن مصر, وبالممارسة عرفنا الأشياء المهمة, والأشياء التي لا جدوي منها, فقد كنا نحاول اختصار النشرة علي أقصي قدر ممكن, حتي لا ينزعج الرئيس
ومشاكل الحياة اليومية للمواطنين.. هل كانت تصل إلي الرئيس ؟
- لم يكن يطلب منا تضمين النشرات التي كنا نرسلها للرئيس, أية معلومات عن مشاكل المواطنين, أو معاناتهم, أو همومهم, فقد كان لنا عمل محدد, وكانت مشاكل الناس خارج السياق المطلوب منا, بصراحة: لم تكن الأشياء الخاصة بالمواطنين تصل للرئيس.. وأذكر أننا كنا نتابع قناة الجزيرة باستمرار, ونضع عناوينها ضمن نشرة المعلومات التي نرسلها للرئيس, فطلبوا منا عدم متابعة الجزيرة, بدعوي أن الرئيس كان يتابعها بنفسه.. والحقيقة أنه كان لا يمكن أن تصل أي معلومة عن الشأن الداخلي للرئيس إلا من خلال زكريا عزمي.. إحنا كنا بنشتغل بمنطق أربط الحمار مطرح مايعوز صاحبه
لكننا كنا نقرأ بين الحين والآخر عن استجابات الرئيس, لعلاج مواطن, أو تدخله لحل مشكلة؟
في الحقيقة, كانت استجابات الرئيس التي تنشرها الصحف, محاولة لتجميل وجه النظام, وهذه كان يقوم بها الدكتور زكريا عزمي!
من هم أبرز رؤساء التحرير الذي كانوا ضيوفا دائمين علي قوائم مديح الرئيس مبارك في نشرات المعلومات؟
- كلهم تقريبا.. فقد كانت نشرات المعلومات التي نرسلها للرئيس تحتوي علي كلمات المديح, والإشادة, التي كان دائما رؤساء التحرير يكتبونها عن الرئيس, وعن انجازاته, بصراحة هم كانوا دائما يشيدون بالرئيس من منطلق: اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي!
هل تعتقد أنه كانت هناك معلومات مضللة تصل إلي الرئيس؟
- كانت مهمتنا جمع المعلومات فقط من مختلف المصادر المكتوبة, وإذا كان هناك تضليل يحدث فالمسئول عنه من يرسمون مسار توصيل المعلومات للرئيس, ولم يكن زكريا عزمي يجرؤ علي التغيير في المعلومات التي تتضمنها النشرة التي نقوم بإعدادها, لكنه كان يمكن أن يطلب أن تكون النشرة قصيرة, وموجزة, أو يطلب استبعاد الأخبار التي قد تغضب الرئيس.. واذكر أن البعض كان يتطوع لتحسين الصورة علي غير الحقيقة, فذات مرة تكلم عميد كلية الزراعة بالإسكندرية أمام جمال مبارك بصراحة مطلقة, وأثار العديد من القضايا كالبطالة, وغيرها, فإذا بأحد أعضاء الحزب الوطني ينهر العميد, وهاجمه هجوما عنيفا, وقال له: أنت أكيد عايش في كوكب تاني, أنا أبحث عن موظفين وناس تريد العمل, ولا أجد, الناس هي اللي مش عاوزه تشتغل, وأضاف عضو الحزب الوطني: لازم نطهر الحزب من الناس المغرضة التي لا تفهم الحزب, ولا سياساته, ولا تتفهم أفكاره.. والرئيس نفسه كان يستهين بمعارضيه.. فأثناء تشكيل البرلمان الموازي قال: خليهم يتسلوا.. وفي إحدي كلماته عن حركة كفاية قال: وإيه يعني. أنا ممكن أجيب ناس أدفع لهم فلوس ويقولوا مش كفاية!!
ولكن زكريا عزمي كان من اشد المعارضين لسياسات النظام تحت القبة مع أنه الرجل الثاني في الرئاسة؟
- أنت بتصدق.. معارضة زكريا تحت القبة كانت سينمائية.. فهو صاحب التعبير الشهير الفساد في المحليات للركب.. فكيف يقول ذلك وهو الرجل المهم في السلطة التنفيذية, والرجل البارز في الحزب الوطني الحاكم, وهو النائب القوي تحت القبة, فلماذا كان يكتفي بالتحذير فقط, دون أن يدفع اتخاذ قرارات من الرئاسة لمواجهة الفساد
تمكن العديد ممن عملوا في مؤسسة الرئاسة من تكوين ثروات هائلة.. هل كان ذلك بشكل شرعي من خلال مرتباتهم, ومكافآتهم الكبيرة.. أم ماذا؟
- مرتبات العاملين بالرئاسة عادية, لكن البعض كون ثروات من استغلال اسم الرئاسة, وقد حضرت مدير عام شئون العاملين اللواء محمود حلمي وهو يبحث عن آلية قانونية لزيادة المكافأة التي كان يتقاضاها الدكتور أسامه الباز فوق مرتبه, والتي كانت تقل عن ألف جنيه, ويحسب لزكريا أنه رفع مرتبات العاملين بالرئاسة لكي تتساوي مع مرتبات العاملين بمجلس الوزراء, أما الدائرة الخاصة فكان من الممكن أن تحصل علي بدلات, ومكافآت, وهدايا, وكان من الممكن أن يأتي ضيف خليجي, ويترك مبلغا من المال يتم توزيعه علي العاملين, وبعد فترة كانت هذه المبالغ تدخل خزينة الرئاسة.
يتردد أن علاقة الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق بالرئيس كانت قوية جدا.. فما مدي صحة ذلك؟
هذا الكلام حقيقي, فقد كانت العلاقة بين يوسف والي والرئيس علي خير ما يرام, لكنه تم إبعاده عن الساحة السياسية, ضمن خطة إبعاد الحرس القديم تمهيدا لتنفيذ سيناريو التوريث.. ولا شك أنه لم يكن ممكنا أن تتم عملية الإطاحة بمسئول إلا وكان زكريا داعما, ومسهلا لها, إما لدوافع شخصية, أو التمهيد لعملية التوريث, أو لأنه كان يري هذا المسئول أو ذاك ضد مصلحة الرئيس.
لقد آثرت الصمت لسنوات طويلة, حتي بعد أن خرجت من الرئاسة في عام..2002 ويردد البعض أنك قررت أن تتكلم لأنك خرجت مفصولا من العمل بالرئاسة.. فما مدي صحة ذلك؟
لم يتم فصلي من الرئاسة, لكني استقلت في عام2002, فقد كانت علاقتي بالأمم المتحدة قد توطدت قبل الاستقالة بعام, حيث كنت مهتما بالصياغة التشريعية, وكنت أحاضر في الجامعة الأمريكية في هذا التخصص منذ عام1984, لذلك استقلت للعمل مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, ولكي أدير عملي في مجال التدريب القانوني, والصياغة القانونية كما ذكرت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.