نعلم جميعا أننا نعيش فوق نفس الأرض, وتظللنا نفس السماء.. تتعطل أحلامنا لمجرد الاستيقاظ علي ضجيج يقع هنا أو هناك.. تتوقف نبضات قلوبنا من أجل بث النبض في أحد القلوب الضعيفة قد نختلف في الدين فهذا مسلم وذاك مسيحي.. لكن ذلك لم يكن في يوم من الأيام ضد توحدنا. هذه المقدمة ترجمة بسيطة لما يحدث في قرية( صول) الواقعة علي مسافة مائة كيلو جنوبالقاهرة, التي يعيش أهلها الآن علي حافة الانفجار بعد أن سقط شاب مسيحي في مستنقع الرذيلة مع جارته المسلمة, غير مبالين بواقع ذلك علي قرية وبلد بأكملها. التفاصيل المأساوية هناك كثيرة, والعقلاء قليلون.. الكل يسعي للثأر لنفسه مسيحيا أو مسلما فالمسلمون يطلبون عدم إعادة بناء الكنيسة في مكانها القديم, من منطلق كونها تقع وسط الكتلة السكنية, وأن هناك حالة احتقان, ويعرض أحدهم التبرع بقطعة أرض كبيرة لبناء كنيسة بديلة علي أطراف القرية, ولكن المسيحيين أبناء القرية يتمسكون بإعادة بناء الكنيسة في مكانها القديم وبين المطلبين, تقف الجهات الرسمية والأمنية حائرة. وتظهر العديد من المبادرات لرجال وحكماء القرية, لإيجاد حلول بديلة وتقريب وجهات النظر, ولكنها حتي الآن لا تبدو مثمرة, فعشرات الآلاف من الشباب المسلمين بالقرية يتجمهرون بشوارعها, مرددين ومنددين بما سببه الحادث من مساس بسمعتهم, لكونه متعلقا بالشرف. كانت البداية من مدخل القرية التي تعج بآلاف المواطنين حيث كان الثلاثاء السوق الأسبوعية للقرية, الحياة تبدو طبيعية بيع وشراء ومعاملات.. لكن بمجرد أن يعرف أحد أنك صحفي يتحلق حولك كل الأهالي يرددون كلمة واحدة.. احنا مظلومين.. ومحدش يعرف الحقيقة.. الأهالي جميعا يتفقون علي حماية المسيحيين وبيوتهم ونسائهم بالليل والنهار, لا أحد يسمح بالمساس بأي مسيحي علي أرض القرية.. وبرغم كل ما يدور في وسائل الإعلام هناك من يعيشون معا مؤكدين أنهم يتعايشون علي أرض هذه القرية منذ عشرات السنين ولم يحدث بينهما شقاق أو خلاف لكن الشيء الوحيد الذي يجمع عليه المسلمون ألا تبني الكنيسة داخل زمام القرية ولا مانع لديهم أن تبني علي حدود القرية حتي لا تؤذي مشاعر المسلمين والبيوت المجاورة حاولنا في البداية أن نذهب إلي موقع الحدث قطعنا شوارع كثيرة لا يتجاوز عرض الشارع ثلاثة أمتار.. الطريق إلي الكنيسة عبارة عن ممر عرضه متران بجواره سور يفصل المنطقة الزراعية هذا الممر تتقاطع عليه الشوارع الضيقة وفي الشارع الرابع تقع الكنيسة وهي عبارة عن مبني مقام علي نحو600 متر المبني مكون من دورين ومدخل ببوابة عادية مثله كأي منزل عادي تم تحطيمه كاملا وقد تحطمت جدرانه وأركانه كاملا وفي مقابله منزل أحد المسيحيين ويدعي عريان بطرس الذي تم تخريبه وتحطيم واجهته لكن الشيء الذي يذكره كل الأهالي بالخير ما فعله الحاج محمود يوسف البحيري وجيرانه عندما حمي عريان بطرس وأسرته وأخذه إلي داره وقدم لهم الإيواء والطعام مع أهل داره. كثيرة هي الحكايات والروايات وفي وسط حالة الاحتقان الشديدة بحثت عن عقلاء القرية ومنهم الشيخ محمد ياسين النفري رئيس قطاع بوزارة التربية والتعليم وأمام القرية الذي روي لنا بمشاركة الكثيرين حكاية المأساة.. التي ترجع إلي ما يقرب من عشر سنوات حيث الاحتقان عندما بدأ المواطن نبيل عياد الذي يعمل تاجرا بمشاركة آخرين في بناء دار مناسبات للمسيحيين في هذا المكان الذي يملكه وكانت مساحته لا تتجاوز مائة متر ثم جرت التوسعات وبني علي أنه منزل وبعد فترة بسيطة أعلن المسيحيون بحماية ومساندة أمن الدولة أنها كنيسة وعندما اعترض المسلمون جري اعتقال العشرات وكلما كانت تحدث مشكلة يتم الاعتقال والتهديد لكل من يتكلم في الموضوع.. والناس كما يقول الشيخ ياسين لم يعترضوا علي مبدأ البناء بقدر اعتراضهم علي المكان وأنا شخصيا أعلنت أكثر من مرة رغبتي في التبرع بعشرة قراريط علي زمام القرية تبلغ400 ألف جنيه لكي يبني عليها كنيسة جديدة حقنا للدماء ولكنهم يرفضون الآن.. المهم أنه ظلت حالة الاحتقان المكتوم برغم أن عدد المسيحيين لا يتجاوز ثلاثة آلاف وعدد سكان القرية يزيد علي40 ألف نسمة حتي وقعت الكارثة الأخلاقية عندما قام شاب مسيحي يدعي محمد عزيز علاقة آثمة مع جارته المسلمة وظل يجاهر بالعلاقة وحاول أهل الفتاة منعه كثيرا وهددوه بالقتل لكن أجهزة أمن الدولة قامت باعتقال بعض أهالي الفتاة ظنا منهم أن هذا سوف يوئد الفتنة. وفي هذه الأثناء انتشرت الشائعات بأن هذا الشاب جري الاحتفال به بالكنيسة بعد عودته للقرية, وحاول الحكماء التدخل لدحض هذه الشائعات دون جدوي. منذ عشرة أيام فوجئ الأهالي بقصة جديدة بطلها شاب يدعي أشرف لبيب اسكندر تشير لوجود علاقة غير شرعية مع امرأة مسلمة تسكن بجواره, وهنا تفجرت مشاعر الشباب المسلم متذكرين الواقعة التي لم يمر عليها سوي عام. فقام أحد الشباب من أهل الفتاة الأولي بقتل والدها وهو عمه ويدعي فوزي عبدالحليم انتقاما لعائلته, باعتبار أن الفضيحة تلاحقهم.. وكانت المفاجأة أن هذا الشاب تم قتله أيضا في تبادل لإطلاق النيران بين أفراد العائلة. سقط اثنان بإصابات خطيرة.. وفور انتشار الخبر في أرجاء القرية تحرك الشباب المسلم متوجهين إلي الكنيسة بأعداد غفيرة جاوزت الآلاف ليقوموا بهدمها بمعاولهم وإضرام النيران بها غضبا من قيادات الكنيسة التي اتهموها بالسلبية الشديدة تجاه هذه الوقائع. ورغم تدخل قيادات القوات المسلحة ومديرية أمن حلوان وجميع المسئولين فرض حراسة مشددة علي جميع مواقع الكنيسة ومنع الاقتراب أو التصوير, إلا أن الأمور لم تهدأ بعد ويبدو أنها تحتاج للبحث عن حلول أخري. ورفض الشباب محمد محمود دويدار والشيخ خالد وعلام محمد ما يقال بان السلفيين وراء ما يحدث في اطفيح, مؤكدين أنها فتنة ثقيلة. أما الأب بلامون راعي الكنيسة فقد طالب بالاستجابة لرغبة الشباب المسيحي المطالبين بإقامة الكنيسة في مكانها وان الشباب غاضب بسبب تحطيم الكنيسة وحرقها. ولم يعلق الأب بلامون علي طلب المسلمين بنقل الكنيسة, مؤكدا انها مكان للعبادة يتجمع فيه المسيحيون رافضا الاتهام بممارسة أي أعمال أخري غير العبادة داخل الكنيسة.