هذه رسالة مواطن محب لبلده, وسوف أحاول أن أكتب ما يملي عليه ديني أولا استنادا إلي قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ثم عقلي وقلبي وضميري ثانيا, استنادا علي ما جاء في الأثر بأن حب الوطن من الإيمان وبطبيعة الحال فإن كل مشاعري وأحاسيسي متركزة إلي أوضاع اليمن وأحواله, خصوصا فيما يتصل بحجم الدمار والخراب الذي وصل إليه ما ينتظر أن تصل إليه الأمور إذا ما تطورت الأحداث علي نحو يدعو للتشاؤم ولا ريب أنه بعد كل هذه المظاهرات والاحتجاجات التي عصفت باليمن شماله وجنوبه أصبحت تدرك سيدي الرئيس اليمني أن كل عطية أو بلية تصيب الوالي وتدفع به إلي اتخاذ قرارات غير صائبة إنما تعود بالدرجة الأولي إلي البطانة التي تلتف حوله فهي من تدفع به إلي الامام أو تخسف به إلي قاع الأرض. كما رأيت طوال سنوات حكمك فإن سياسة الارضاء والإسكات وتكميم الأفواه بمنح العطايا والهبات وتوزيع المناصب التي كانت أحد اساليب المكر والخداع التي أشار عليك بها ممن هم حولك لم تجد نفعا كما أن سياسة اضعاف أو تقوية طرف ضد أطراف أخري لم تجد نفعا هي الأخري وقد رأيت كيف نشأت جماعات وقوي متعددة بفعل تلك السياسة ومن بعدها عمدت هذه القوي والجماعات إلي محاربة الدولة وأحرجتها في الكثير من المواقف كما أن بعضها للأسف رفع شعارا مقيتا وغير مرغوب فيه لدي مختلف الاطياف السياسية ولدي كل مواطن يمني شريف ألا وهو الانفصال وعودة التشطير, وذلك حلم بعيد المنال سنرفضه من جهة وندافع عن الوحدة بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة وارادة من جهة ثانية. سيدي الرئيس لك أن تعلم وأنت تعلم لأنك أشرت إلي ما سوف أقوله منذ فترة ليست بعيدة عندما قلت إنه وبعد سنوات طويلة من حكمك حاولت بجهدك البشري أن تقدم لوطنك ما استطعت تقديمه وكعادة كل البشر أصبت هنا وأخطأت هناك غير أن أهم عثرة أو خطأ وقعت فيه تمكينك شيوخ القبائل وانصافهم من العودة إلي صدارة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد أن كان الرئيس إبراهيم الحمدي في منتصف سبعينيات القرن الماضي قد أقصاهم عن هذه المشاركة الأمر الذي مكنهم من العبث بأحوال الوطن والمواطن من خلال التلاعب بالمال العام والكسب غير المشروع ونهب أراضي الدولة والمواطنين علي امتداد الوطن شماله وجنوبه. وجمع الكثير منهم بين الحسنيين السلطة والثروة فتضخمت ثرواتهم بشكل يثير الريبة ويدعو للمساءلة ولو أن ميزانية شئون القبائل والتحويلات الخاصة برموزها وشخوصها صبت باتجاه بناء المدارس والمستشفيات والمرافق الحكومية لظهرت اليمن بصورة أفضل مما هي عليه, وليتمكن الناس من العيش بشرف وعزة وكرامة. وكما رأيت من أعدتهم إلي واجهة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من شيوخ القبائل وغيرهم من القوي السياسية قد استباحوا حرمة الوطن وتسلقوا علي أكتاف الفقراء والمساكين كما أنهم تنكروا لكل ما قدمته لهم وبلغ دهاء بعضهم أن أشار علي أبنائه وبعض من أعوانه توزيع أنفسهم علي مختلف الاحزاب والتنظيمات السياسية تحسبا لما سوف تؤول إليه الأوضاع في المستقبل وذلك ما فعلوه يقينا منذ أوائل القرن الماضي وتشهد ثورة سبتمبر علي دناءة أفعالهم ومكرهم ودهائهم عندما انقسموا علي انفسهم ما بين مؤيد ومعارض للثورة وعندما أعلنت الجمهورية العربية اليمنية في اوائل الستينيات من القرن الماضي دخل المعارضون والمؤيدون في خندق واحد واقتسموا للأسف كعكة النصر الذي لايستحقونه وها هم الآن يستغلون الاحداث ويتقدمون باستقالتهم من الحزب الحاكم الواحد تلو الآخر ليس حبا في الوطن وإنما سعي إلي استغلال الأوضاع وانتهاز فرصة الاحتجاجات وتقديم أنفسهم, باعتبارهم أحد أهم الفاعلين في تحقيق منجز التغيير والاسقاط والحق أننا كشفنا لعبتهم وهرمنا من أفعالهم لن نسمح لهم بالعودة إلي الصدارة علي المستوي السياسي أو الاقتصادي, وحتي الاجتماعي, لأن اليمن لم يعد في حاجة إلي مختلف ألوان الطيف لتحكمه أو تستأثر باحواله السياسية والاقتصادية وخصوصا اللون الأحمر المقيت. سيدي الرئيس بكل الحب أقول لك إن التفوق في العدد والعدة والمساندة القبلية كثرت أو قلت لا يمكنها إلحاق الهزيمة بانتفاضة الشعوب كما أن محاولة الترقع أو إجراء تعديلات شكلية من أي نوع هنا أو هناك لن تجدي نفعا في الوقت الحالي, كما أنني لا أشاطركم الرأي أن ما يحصل في اليمن مجرد تقليد اعمي لما حدث في كل من مصر وتونس وأنه لايستند علي حقائق ووقائع تفصح بما لا يدع مجالا للشك بأن الفساد بمختلف اشكاله كما هو مستشر في القمة فانه كذلك ضارب بجذوره في القاع عند صغار الموظفين أما الحديث عن وجود غرفة عمليات تدار من داخل تل أبيب لتقويض الأوضاع في البلاد العربية ومنها اليمن فمسألة مضحكة أكثر منها مبكية لأن الحقيقة هي أن ما يحدث من حراك شعبي علي مستوي الوطن العربي يزعج إسرائيل أكثر مما يطمئنها. اعتقد والاعتقاد أعلي مراتب اليقين بأنك قدمت لليمن الكثير كما أن اليمن قد منحك أكثر مما قدمته له, شرف تمثيله وتشريفه في مختلف المحافل الاقليمية والدولية طوال ثلاثة عقود ومن هنا فانني أري أنه آن الأوان لفارس اليمن أن يترك الساحة نزولا علي رغبة شعبه وحرصا منه علي سلامة أمنه ووطنه غير أن التوقيت بات من الأهمية بمكان وكلما اسرعت في دراسة ما سوف تقوله وتودع به شعبك, كبرت في نظر ابنائك الوحدويين الذين أصبحوا في اوائل الثلاثينيات من عمرهم فعامل الوقت كما رأيت كان مسألة فارقة في سقوط الرئيس المصري والتونسي علي النحو الذي شهدناه لذا فانني ادعوك بكل الحب إلي الانسحاب والتنحي قبل فوات الاوان, كما انني آمل ألا تلطخ يدك بدم ابناء وطنك علي نحو ما يقوم به مجنون ليبيا وأولاده ومن جهتنا نعاهدك نحن شباب الوحدة أن نظل مستيقظين لكل من توسوس له نفسه الانقضاض علي المنجزات التي صنعتها ومعك كل الشرفاء وفي مقدمتها الوحدة اليمنية المباركة.