بدأت عجلة العدالة في الدوران لتطهر البلاد من منظومة الفساد التي هيمنت علي كل شيء طوال عدة سنوات, ولتقتص من كل فاسد استغل موقعه لنهب هذا الوطن, وتحويل قوت الشعب الي مليارات في البنوك يستمتع بها, وأبناء الوطن غارقون في الفقر والجهل والعشوائيات والأمراض الخبيثة. صباح أمس سأل المستشار المحمدي قنصوة رئيس محكمة جنايات الجيزة في بداية الجلسة مرتين: هل المتهم موجود؟.. فوقف حبيب العادلي وزير الداخلية السابق داخل القفص ليرد: أيوه موجود. وصباح أمس أيضا نادي حاجب محكمة جنايات القاهرة علي المتهم محمد حسني مبارك وقرينته ونجليهما وزوجتيهما. فرد أحد المحامين بانه حاضر بتوكيل رسمي من الأسرة للدفاع عنهم في قضية تجميد أموالهم ومنعهم من السفر. هذان المشهدان يمثلان أهمية كبري علي طريق مكافحة الفساد في مصر, ولم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتخيل منذ عدة أسابيع فقط, أنه سيري هذين المشهدين, لكنهما أصبحا حقيقة واقعة نراها ونتعامل معها بفضل ثورة يناير ودماء الشهداء التي روت لنا الطريق نحو الحرية. إن عجلة العدالة التي تدور بسرعة الآن للاقتصاص من الفاسدين والمخربين, تؤكد جدية المجلس الأعلي للقوات المسلحة في القضاء علي الفساد ومحاكمة رموزه مهما كانت شخصياتهم أو مراكزهم السابقة. وهي ترسخ أيضا الثقة بين أبناء الثورة والمجلس الأعلي, وتعني ان اهداف الثورة ستتحقق أولا بأول, وأن من ظنوا أنهم يعيشون في بروج مشيدة بمأمن من أي عقاب, يمثلون الآن مرغمين بين يدي العدالة وداخل قفص الاتهام لتتم محاسبتهم علي ما أقترفت أيديهم. وستظل العدالة هي الهدف الأسمي للثورة, وهي في نفس الوقت الطريق للتخلص من كل آثار الماضي البغيض وفتح صحفة جديدة بدون فساد أو مفسدين.