القاسم المشترك! لا حديث يعلو هذه الأيام فوق حديث الديمقراطية ومن ثم ينبغي فتح حوار وطني واسع وجامع حول الأسس التي تضمن قيام نظام ديمقراطي يلبي الطموحات المشروعة للشعب التي عبرت عنها ثورة25 يناير في هتافاتها وشعاراتها التي تتوافق مع الحقيقة العلمية التي تقول بأن الديمقراطية في البداية والنهاية إطار تنظيمي يصنعه البشر بأيديهم بعيدا عن أي غيبيات أو إلهامات فردية! وبصرف النظر عن أي تعريفات مجردة للديمقراطية فإن القاسم المشترك في سائر الديمقراطيات يرتكز إلي عاملين أساسيين ينبغي توافرهما... أولهما الضمانات الدستورية لحماية الحريات العامة وثانيهما الإطار التنظيمي الذي يضمن لكل التيارات السياسية أن يكون لها صوت مسموع ودور يتناسب مع حجمها في إدارة شئون الحكم بالبلاد. وفي اعتقادي أن العنصر الأهم هو صحة الإدراك بأن الديمقراطية لا يجوز اختصارها في أطر حزبية ومجالس برلمانية محصنة دستوريا وقانونيا فقط.. وإنما لابد من توفير حد مقبول ومعقول من الركائز الاقتصادية والاجتماعية التي يستحيل الاطمئنان إلي إمكانية قيام ورسوخ البناء الديمقراطي في غيبة منها... وأظن أن أي إطلالة علي المشهد الراهن الذي تعكسه احتجاجات اجتماعية واقتصادية ومهنية واسعة يغني عن أي تعليق إضافي! إن من حق البعض أن يحلم لمصر بقفزة هائلة وواسعة علي طريق الديمقراطية والاستشهاد علي صحة وضرورة الحلم بالصورة المثالية للديمقراطية الغربية ولكن المسئولية الوطنية- بعيدا عن انفعالات اللحظة الراهنة- تتطلب الانتباه إلي أن الديمقراطية الغربية بصورتها الراهنة هي محصلة تطور سياسي واقتصادي واجتماعي لأكثر من قرنين من الزمان شهدا العديد من الثورات والانتفاضات والاحتجاجات بينما كانت خزائن هذه الدول تتراكم فيها الثروات المنهوبة من الدول الخاضعة للاستعمار الأوروبي والتي بفضلها توافرت الركائز الاقتصادية والاجتماعية لصنع الديمقراطية. إن ما تقوم به لجنة تعديل الدستور ليس سوي نقطة بداية لوضع الأسس لتعددية حقيقية تجعل تداول السلطة أمرا ممكنا بعد انتهاء الفترة الانتقالية الراهنة.. ومن حسن الحظ أن الاتجاه السائد يحبذ عدم التسرع في اعتماد توصيات لجنة تعديل الدستور قبل فتح حوار وطني واسع حولها يسترشد به المجلس الأعلي للقوات المسلحة عند إصدار مرسوم طرح التعديلات للاستفتاء العام. خير الكلام: لا تمتدح العباءة حتي ترتديها! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله