رفض الشعب المصري وفي مقدمته ثوار الشباب منذ الأيام الأولي للثورة التدخل الأمريكي, أو أي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية لمصر, رفض بشدة ما صدر عن الرئيس الأمريكي أوباما الذي دعا فيه لإسقاط النظام في مصر فورا, ورفض الشباب تصريحات وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الشهيرة, لأن معني إسقاط النظام الآن يعني إسقاطه بالأمس, وعجبت وتعجب معي كثيرون عن مدي صفاقة الإدارة الأمريكية في تعاملها مع الشعب المصري, وكأن مصر قد أصبحت لا أقول ولاية أمريكية, بل مستعمرة أو محمية أمريكية تابعة لواشنطن, أو كأن شعب مصر مستسلم للإملاءات الأمريكية, أو أنه يفزع من تهديدات الكونجرس الأمريكي بقطع المعونات عن مصر كلما رفضت الانحياز الأمريكي الأعمي للسياسات العدوانية الإسرائيلية القائمة علي احتلال ونهب الأراضي الفلسطينية خلافا لجميع الأعراف والمواثيق والاتفاقات الدولية قد يقال إن الموقف الأمريكي من إيمانهم بالديمقراطية وحماية حريات الرأي والتعبير وحقوق الإنسان, وهذا أمر قد نفهمه ونتقبله مع أنها تغض الطرف أحقابا طويلة عن كثير من الأنظمة يغيب عنها تماما كل مظاهر الحرية والعدالة الخاصة والعامة مادام بقاء هذه الأنظمة يخدم مصالح أمريكية مباشرة, أو أن هذا الموقف الأمريكي يحافظ علي المصالح الأمريكية في تأمين العبور الآمن لقناة السويس لاستمرار تدفق البترول بأسعار مقبولة لها, وهذا صحيح, وما يجب أن نعلمه جميعا أن السياسة الخارجية للدول لا تقوم علي المشاعر والعواطف, وإنما تقوم علي المصالح وحدها, ولكن ما يهمنا هنا هو سؤال واضح: ألم تفكر الولاياتالمتحدة ولو لحظة واحدة وهي تملي رغباتها علي الشعب المصري وغيره من شعوب المنطقة التي تطالب بحقوقها وحرياتها أن تقول لإسرائيل ولو مرة واحدة كفاك عدوانا علي الأراضي الفلسطينية, وقد كانت الصدمة الكبري عندما استخدمت أمريكا حق الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع تقدمت به المجموعة العربية تطلب توقف إسرائيل عن بناء المستعمرات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام1967 وفي القدسالشرقية. لعل هذه الصدمة تفيق الشعوب العربية من جديد علي أن الكونجرس والإدارة الأمريكية تضرب عرض الحائط بالحقوق الفلسطينية والمشاعر العربية انطلاقا من اعتبارات سياسية داخلية تحابي اللوبي الإسرائيلي من أجل الانتخابات المقبلة أملا في أصوات اليهود وتأثيرهم ونفوذهم. ثورة الشباب عندنا نقية وبيضاء, يؤذيها أن تتدخل أمريكا علي الخط تحت دعوي ومزاعم الحقوق العالمية للإنسان, في حين أن السياسات الفعلية لهذه الإدارة تقف موقفا لا تتقبله شعوبنا سواء تجاه القضية الفلسطينية, أو تجاه بلد عظيم مستقل له سيادة مثل مصر, لا يجوز لهذا الكونجرس مهما علا شأنه أن يهددنا بقطع أو تخفيض المعونات. فهل تفيق الفصائل الفلسطينية أيضا, ولو مرة واحدة, قبل أن تنتهي القضية الفلسطينية ويسدل الستار عليها إلي أجل لا يعلمه إلا الله!! [email protected] المزيد من أعمدة ابراهيم نافع