كأوراق الشجر في فصل الخريف بدأ تساقطهم واحدا تلو آخر.. وإنفرط عقد الفساد.. ومدت مصر يديها في الترعة تتوضأ وتسجد ركعتين لله.. وامتدت يدها بعد ذلك لتوقد شمعة أمام تمثال العذراء وهي تحمل وليدها وتجثو علي ركبتيها وتصلي للرب. فقد بدأت بالفعل قصة إنهيار إمبراطورية الفساد والمال التي أسسها وزراء ورجال أعمال جفت أقلام صحفيين كثيرين حتي في صحف قومية و شرخت حناجر آخرين بسبب صراخهم للمطالبة بإزاحة الستار عن حدود هذه الإمبراطورية عبر سنوات طوال وإن كان من الحق أن نعترف بأن مطالب الكشف عن الفساد كانت تقف عند حدود وزير فاسد وربما رئيس للوزراء دون أن يتجاوزه ليصل إلي ساكني قصر العروبة ومن يحيطون بهم.. إذ لم يكن من المسموح مطلقا الإقتراب من ثروات أو فساد كل من ينتمي لهذا القصر رغم علم الجميع بها!! طاشت ضربات مسرور السياف الذي زرعوه وراء كل كاتب يحاول الإقتراب من حقيقة فسادهم.. وزراء عزلوا أنفسهم عن الشارع وكان كل همهم رفع تقارير تبرئهم من أي كارثة أو فساد.. وعندما يجري كشفهم يكتفون وبدم بارد بردود علي ورق مصقول فاخر يتصدره إسم الوزارة ويليه عبارة مكتب الوزير تبدأ عادة بعبارة بالإشارة إلي مانشر حول.... فإنه لا يمت بأي صلة للحقيقة وإستعانوا في صياغة ردودهم بزملاء صحفيين حولوا بوصلة توجهاتهم الآن ليصبحوا ثوارا.. مناضلين.. مقاومين للفساد غير أنه في النهاية لم يصمدوا هم وهذه الأوراق المصقولة أمام تسونامي كشف الفساد الذي إجتاح المجتمع منذ إندلاع ثورة الشباب فسقطوا مع كل من سقط الآن ولاتزال الهاوية في إنتظار المزيد منهم..! منذ25 يناير تلك الثورة التي ألهبت مشاعر أناس كانوا قد فقدوا النطق عاد الكثيرون منهم ليصرخوا باحثين عن حق مشروع يرون أنهم افتقدوه طوال عمرهم تحقيق المساواة.. رفع المستوي الإقتصادي.. تحقيق العدالة الإجتماعية ولهم كل الحق ولكن دون أن يتركوا أية فرصة زمنية لتحقيق ذلك. ربما يكون ميراث فقدان الثقة في كل ما كانت الإدارة أي إدارة تقوله لهم علي مدي سنوات طوال.. وربما يكون حجم الفساد الذي أزيح عنه الستار في الوقت الحالي.. وربما يكون طول معاناتهم وتعليقهم في مشانق الحاجة.. وربما يكون الخوف والهلع بعد أن تهدأ الأمور من تكرار ما كان يجري قبل ذلك هو الذي يقف وراء إصرارهم علي تحقيق كل ما يطالبون بتحقيقه الآن وفورا دون أي حسابات.. غير أن إنحياز المؤسسة العسكرية منذ اللحظة الأولي لإندلاع الثورة.. وتأكيد مجلسها الأعلي في لقاء أعضائه برؤساء مجالس إدارة و تحرير جميع الصحف حزبية وقومية وخاصة يوم الثلاثاء الماضي بأن ما كان يجري قبل25 يناير لن يعود مجددا وأنه لن يسمح بأي فساد جديد من أي نوع هو الضامن لإزالة كل الخوف من نفوسنا جميعا. وحتي تكتمل المنظومة يجب أن تعلن للرأي العام تفاصيل إقرارات الذمة المالية لكل من يتولي أي منصب قيادي في أي مجال تنفيذي أوتشريعي قبل توليه المنصب أو إكتسابه عضوية برلمان التشريع وبعد هجرته له.. أن يجري إعلام المواطن ورجل الشارع بالقواعد الموضوعية التي جري علي أساسها إختيار الشخص للمنصب أوإزاحته منه بعد ذلك.. ووقتها ستظل عليا التونسية تغني ما تقولش إيه إدتنا مصر بذات كلماتها التي إعتدناها ولن يجرؤ أي أحد علي إبدال الشطر الثاني منها إلي قول هنهبش إيه من مصر!! [email protected]