مصر لم تفقد رجالها بعد, في الأزمات يزيل شبابها آثار الصدأ عن وجوههم وأرواحهم, ففي الشدائد تعرف الرجال, في بولاق الدكرور أعادوا صياغة صفحات التاريخ بكلمات قليلة وأفعال كثيرة عنوانها الشهامة والرجولة, فأعادوا للوطن هيبته وللمواطنين الأمن. لم يكتف محمد وأحمد وريمون وآخرون كثيرون بالقبض علي المجرمين والارهابيين ولكن أعادوا المسروقات أيضا, والمدهش أنهم أقاموا معرضا لها تحت عنوان الصحوة تلك الصفة التي ربما جاء اختيارها مصادفة, ولكن الحقيقة تؤكد أن مصر وأبناءها فعلا يعيشون الآن حلم الصحوة الذي تحول إلي حقيقة. رجال وشباب تتفاوت أعمارهم, لكن وجوههم تؤكد مصريتهم, فقد اختلفوا كثيرا عن ذي قبل. ويقول السيد محمود سليمان صاحب محل: منذ يوم الثلاثاء الماضي خرجت المظاهرات تندد باسقاط النظام وكنا نرافق قوات الشرطة وبعد صدور الأمر العسكري بنزول القوات المسلحة للشوارع, بدأنا نري بعض اللصوص يتجولون في الشوارع بمسروقات من شركة الأسواق الحرة ومحلات المهندسين وفي اليوم التالي اجتمعنا أنا وسكر أبو ضيف ومحمد السيد محمود وخالد محمود ومحمد علي ومحمود مكي وصديق أبو ضيف وصبري عطية وأهالي المنطقة وكتب ورقة في الصباح وقلنا بها صحي ضميرك نناشد من خلالها اللصوص لاعادة المسروقات لنقطة بولاق الدكرور من خلال اللجنة وقام كل من عرف بأن هناك مسروقات لدي بعض الاشخاص بمناشدته بإعادتها دون أن يلحقه الضرر, وبدأنا نتلقي التليفونات بوجود مسروقات في بعض المنازل, فقمنا بإقناعهم بإعادتها وأرسلنا سيارات نصف نقل لإحضار المسروقات. ويضيف صبري عطية, من شارع ناهيا, أن اللجنة تمكنت من استعادة عشرات الثلاجات والغسالات ومكانس وموبايلات وأجهزة حاسب وماكينات تصوير وفوجئنا بصندوق مغلق لما فتحته وجدت لوحات أرقام سيارات تزيد علي200 لوحة بشمعها, وقمنا بتسليمها للأسواق الحرة. الحاج رمضان عبده يقول إن كلمة واحدة هي التي حركت هؤلاء الناس جميعا, وهي أن مواطني بولاق اتهموا بالسرقة من قبل سكان حي المهندسين, ولكن هذا دفع الشباب إلي بذل كل الجهود لاعادة المسروقات. الحاج حسن عبده يقول: ان شباب بولاق لا يخافون وهي المنطقة الوحيدة التي لم يحدث بها سرقات دون حاجة لأي مساعدة حكومية, نحن ومعنا أبناء الطوايل قمنا بحماية الحي بالكامل. وأضاف سكر محمد أبو ضيف فكهاني: اننا شرفاء ومصر كلها تعلم ذلك وقد جمعنا بضاعة لا تقل قيمتها عن4 ملايين جنيه ونقوم بتسليمها للشرطة. ويقول عبدالغني الجمال إننا قمنا بانشاء لجان دفاع شعبية من رجال الحي لتأمين الشوارع والممتلكات منذ اليوم الأول للأحداث وجمع كل ما تمت سرقته لاعادة تسليمه للشرطة ورجال القوات المسلحة. ويقول المحاسب عبدالصبور عبدالله رئيس قطاع بشركة مصر للأسواق الحرة, انه بعد الأحداث الحزينة المؤسفة والخراب المدمر للشركة, حضرت إلي بولاق الدكرور ووجدت من أهاليها كبارا وصغارا ورجالا ونساء كل أصول الشهامة وأصول التعامل وقاموا بمساعدتنا في إحضار البضائع المسروقة التي لاتقل قيمتها عن100 مليون جنيه تقريبا وسجلنا البضاعة التي تسلمناها من اللجنة في كشوف لحين حصرها فيما بعد. ويؤكد محمد رجب جنايني: أن شباب المنطقة يواجه المساجين والمسجلين الذين هجموا علي مقر الشركة وسرقوا محتوياتها عقب خروج قوات الأمن المركزي من المنطقة. أما أسامة علي فقال ان أهالي المنطقة لاحظوا وجود شباب خطر في المنطقة, فوقفوا علي مداخل بولاق الدكرور وقمنا بمواجهتهم والتحفظ عليهم ومصادرة المسروقات وغادرنا المكان بعد أن أيقنا أن ما يفعله شباب بولاق ليس حملة لاعادة المسروقات لأصحابها, ولكنها حملة شعبية في حب مصر والدفاع عن مواطنيها.