طالبت مصر رسميا بعودة نفرتيتي إلي أرض الوطن بعد غربة قرن كامل.. فقد استهل المجلس الأعلي للآثار العام الجديد بطلب رسمي إلي مؤسسة التراث الثقافي الروسي في برلين بجمهورية المانيا الاتحادية. وذلك من أجل استعادة رأس الملكة المصرية الجميلة نفرتيتي.. وهي التي نحتها الفنان الملكي تحتمس داخل الورشة الخاصة به والملحقة بمنزله بمدينة آخت آتون تل العمارنة الحالية.. والرأس من الحجر الجيري الملون وتحمل رقمAM21300 برلين. وهذا هو الطلب الثالث الذي تتقدم به مصر من أجل استعادة الملكة المصرية وعودتها مرة أخري إلي وطنها لتبقي إلي جوار زوجها الملك أخناتون وبناتها في متحفهم الجديد المزمع افتتاحه قريبا علي شاطئ نيل محافظة المنيا, أي علي بعد كيلو مترات من عاصمة العائلة الملكية بتل العمارنة, والفرق بين هذا الطلب والطلبين السابقين أنه جاء من ادارة مصرية خالصة لآثارنا علي عكس الطلبين السابقين حيث تقدم بهما أجانب كانوا يتولون أمر مصلحة الآثار المصرية, وكانت مطالباتهم بالرأس من أجل إرضاء الشعور الوطني لدي المصريين دون أن يقدموا المستندات الرسمية التي تثبت أن تمثال الملكة قد خرج من مصر بطريقة غير قانونية. أما نحن الآن فلقد اعددنا علي مدي سنوات ماضية ملفا مصريا يجمع كل الأدلة التي تثبت حالة الغش والخداع التي عمد إليها لودفيج بورخاردت العالم الألماني الذي كشف عن رأس الملكة بحفائره في تل العمارنة لكي يخرج الرأس دو ن أن يراها أمناء المتحف المصري الذين جاءوا لاقتسام الآثار بين المتحف المصري والبعثة الألمانية. إنني أشعر من هنا بصراخ الملكة نفرتيتي تستنجد بنا لكي تلحق بعائلتها وخدمها وموظفي القصر الملكي الذين سيجتمعون لأول مرة بالمتحف الآتوني الجديد.. وقد تزوجت إحدي بنات الملكة من الملك توت عنخ آمون, وأعتقد أن ما يقرب من مائة عام قد مضت علي خروج رأس الملكة نفرتيتي من مصر وقد حان الوقت لبدء المفاوضات مع الجانب الألماني الذي لن يفرط في الملكة نفرتيتي بسهولة, لكن لدي إيمانا عميقا بأن الملكة ستعود يوما ما وسنكون جميعا في استقبالها وبما يتناسب مع منزلتها كواحدة من أشهر ملكات مصر الفرعونية. لقد اعتمد الطلب المقدم لاستعادة التمثال علي نقاط أساسية مهمة تعضد الطلب المصري, ويمكن تلخيصها بما يلي: أولا: منذ اصدار المرسوم العالي عام1835 م فإن القانون المصري أصبح ينظم ويقنن عملية تصدير الآثار المصرية إلي خارج البلاد, وخلال الفترة التي تم فيها اكتشاف رأس الملكة الجميل وذلك في6 ديسمبر عام1912 م, كانت الآثار المصرية تعد وبشكل واضح ملكية عامة وليست خاصة وفقا للمادة رقم1 من قانون14 لعام1912 م والتي صدرت في12 يونيو1912 م أي قبل أشهر من اكتشاف الرأس علي العالم الأثري لودفيج بورخاردت, وقد تم إعادة التأكيد علي هذا الأمر( الآثار ملكية عامة) في المادة السابعة للائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار لعام2010 م. ثانيا: لقد تضمنت المادة11 بالمرسوم52 لعام1912 م, الذي تم تطبيقه من يناير1913 م علي وجود عملية تقسيم القطع الأثرية المكتشفة خلال عمليات الحفائر المصرح بها.. وهذا التصريح( في تلك الحالة للسيد لودفيج بورخاردت) وطبقا للمادة14 من نفس المرسوم ينص علي تقديم الآثار المكتشفة بالحفائر المصرح بها إلي مصلحة الآثار المصرية مصحوبة بقائمة القطع الأثرية المكتشفة, والقائمة الرسمية الخاصة بعملية التقسيم( والمعرفة بالفرنسية آنذاك) والتي كتبها لوفيفر في20 يناير1913 م, وهو الذي كان يرأس مصلحة الآثار في ذلك الوقت وهو فرنسي الجنسية وقام بعملية القسمة مع الجانب الألماني.. وقد وصفت الرأس بأنها رأس من الجبس الملون لأميرة من العائلة الملكية. وهناك خطأن جسيمان وقع فيهما هذا التعريف: الأول: هو أن التاج الأزرق الطويل يعرف الرأس بوضوح أنها للملكة نفرتيتي وليس لأميرة.. والخطأ الثاني: هو أن تلك الرأس لم تكن من الجبس ولكن من الحجر الجيري المغطي بطبقة من الجبس الملون, وهذا التحريف الموجود في محتوي القائمة ينتهك عددا من مواد القانون المدني المصري وخاصة المادة133 من مرسوم14 يونيو1883 م, وهو ما ينص علي أن الانتهاك( مثل الإكراه والاحتيال) وتجاوز القانون( مثل الخطأ) يبطل أي اتفقاية ما; لذلك فإنه وبسبب وجود أخطاء في محتوي القائمة بصرف النظر عن معرفة بورخاردت عن هذا الخطأ أو موافقة لوفيفر الفرنسي علي ذلك فإن عملية التقسيم نفسها تعتبر غير قانونية. ثالثا: وتدعم كل من الأدلة الوثائقية وآراء الشهود التي ترجع لفترة التقسيم فكرة عدم سوء تقدير بورخاردت وخطأه ولكن خداعه للحكومة المصرية وذلك بما يلي: 1 عندما عثر بورخاردت في6 ديسمبر1912 م علي رأس نفرتيتي, قام بتسجيلها في مذكراته ملحقة برسم واضح صغير بأنها رأس ملونة بالحجم الطبيعي لملكة منفذة بأسلوب رائع وبعد شهر ونصف الشهر ذكر في يومياته20 يناير1913 م, وهو يوم القسمة الذي تم بين مصلحة الآثار ممثلة في الفرنسي لوفيفر وبين رئيس البعثة الأثرية الألمانية بورخاردت, وكان القانون في ذلك الوقت ينص علي أن تتم القسمة بنسبة50%, ولكن التماثيل الملكية لا يتم الموافقة علي سفرها. 2 وللعلم فقد ذكر أحد الشهود وهو هانز جوستاف جوتر بوك في خطاب أرسل بتاريخ12 أغسطس1924 م أنه رفض وصف الرأس بأنها من الجص, ولكن بورخاردت أخبره بعدها عندما انتقلت الرأس إلي المانيا أنها صحح خطأ التعريف وأن الرأس من الحجر الجيري وأنه اعترف بخطئه في تعريف مادة الصنع. 3 كما ذكر جوتوبوك أن المقتش لوفيفر لم يرسوي صورة فوتوغرافية للرأس وأنه قام بفحص سطحي للقطع المدرجة بالقائمة والتي حفظت داخل صناديق مفتوحة وموضوعة في اضاءة سيئة.. كما عبر جوتر بوك عن رأيه في أن المكتشف لم يهتم بجمال القطع المكتشفة بينما رأي جوتر بوك أن بورخاردت قام بعمل مكيدة في تفعيل البروتوكول. 4 ومع إدراج مادة صنع الرأس بأنها من الجبس فإن بورخاردت قد ضاعف من فرص حصوله عليها باعتبارها قطعة ذات قيمة قليلة وكونها ضمن قائمة القطع المصنوعة من الجبس والتي كانت جزءا مهما من المجموعة التي سافرت إلي ألمانيا.. ومع اعتبار تلك الرأس بأنها لأميرة وليست لملكة برغم التأكيد كونها ملكة من خلال تاجها المميز, ولذلك يتضح أن بورخاردت قد حاول التقليل من أهمية رأس الملكة نفرتيتي لكي يحصل عليها ضمن القسمة دون اعتراض من المسئول عن القسمة من الجانب المصري وهو فرنسي الجنسية, وبرغم أنه لم يكتب القائمة فعليا إلا أن بورخاردت باعتباره مكتشفا كان المسئول عن دقة محتوياتها, حيث إن توقيعه علي نص تلك الوثيقة يعد دليلا علي الخديعة, وكما ذكر من قبل فإنه طبقا لمواد القانون المدني المصري وخاصة المواد631,431,331 من مرسوم14 يونيو1883 م وهو ما ينص علي أن الانتهاك مثل الإكراه أو الاحتيال وتجاوز القانون مثل الخطأ يبطل أي اتفاقية. وقد بدأ البحث عن كل هذه الأدلة من خلال فريق علمي أثري توجهوا إلي المعهد السويسري ونقلوا كل ماهو موجود باليوميات والمعهد الألماني, بالإضافة إلي الاتصال بكل الأجانب الذين لديهم معلومات عن هذا الموضوع, وكل النشر العلمي الذي تحدث عن رأس نفرتيتي, وقد تجمع كل هذا في المدة من2002 حتي.2005 وبعد ذلك كانت هناك واجبات قانونية قام بها المستشار أشرف العشماوي مستشار المجلس الأعلي للآثار بالإضافة إلي مناقشات جادة من اللجنة القومية لاستعادة الآثار المسروقة والتي شكلها رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف, أهم أعضائها الذين ناقشوا ودروسا هذا الموضوع هم: الدكتور نبيل العربي, والسفير عبد الرءوف الريدي, والسفير وجيه حنفي وقد اتفقوا جميعا علي أن يتم إرسال هذا الخطاب بعد مراجعته إلي الجانب الألماني وسفيرنا بألمانيا والسفير الألماني بالقاهرة.. ومازال التحقيق مستمرا ومازالت نفرتيتي تعيش علي أرض الغربة! www.zhaihawass.com