الإنسان في الدنيا لديه اختيارات مفتوحة.. حتي ما يبدو منها مقفلا.. وهو يختار ما يروق له, أو أفضل المتاح ولو مؤقتا.. حسب ميوله, مزاجه, تطلعاته, مدي سعة أفقه. وهو يتجه إلي الخير أو إلي الشر.. إلي إسداء الخير للناس أو أنه علي العكس يميل إلي إيذاء الناس, ويجد في هذا متعته المفضلة؟! هل يؤثر الآخرين علي نفسه أم أنه يؤثر نفسه علي الآخرين, حتي ولو كانوا من أقرب الناس إليه.. وهذا كله يحاسب عليه, ويقيم عند الله بموجبه.. والله جل جلاله خلقنا وأوجدنا لفترة محدودة علي ظهر الأرض, لتتم عملية التقييم علي أساس ما فعلناه بأنفسنا أو فعلناه بغيرنا, فيقول ذو الجلال ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون( يونس14).. والله لا يظلم أحدا, ويجزي كل واحد منا بما عمل جزاء وافيا وأن ليس للإنسان إلا ما سعي. وأن سعيه سوف يري. ثم يجزاه الجزاء الأوفي( النجم39 41).. وكل إنسان ينبغي أن يكون علي بينة من أمره, ويتيقن أن كل شيء يعمله يحسب له أو يحسب عليه, فالله رقيب علينا في كل خطواتنا ما يكون من نجوي ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدني من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم( المجادلة7) فأين تذهبون؟ فلو أدرك كل واحد منا أن الله رقيب علي أعماله وعلي أقواله, بل حتي علي نيته التي يبيتها وسيحاسب علي ذلك كله, لربما غير من سلوكياته وتصرفاته وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله علي كل شيء قدير( البقرة284) فليس أمامنا إلا الإستقامة, في السر والعلن, إذ أن ما نفعله في السر لا يخفي علي الله ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفي علي الله من شيء في الأرض ولا في السماء( إبراهيم38).. لن نهرب من الله, ولن نهرب من الموت الذي هو الخطوة التي يليها البعث والنشور يوم القيامة قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون( الجمعة8).. هذه هي قصة الخلق التي ينبغي أن يعيها كل إنسان وأن يعمل وفق ما تضمنته من إشارات, فمن عمل بمقتضاها سلمت له دنياه, وفاز في آخرته بجنة عرضها السماوات والأرض خالدا فيها أبدا, ومن عمي عنها أو لم يعبأ بها فله ما أراد, وعليه ما حمل.. اعلم أن هناك مستهزئين.. وهذا أمر ليس بجديد.. فهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان, وقد جاء ذكرهم في كتاب الله المجيد فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتي يلاقوا يومهم الذي يوعدون( الزخرف83).. وأعلم أن هناك من لا يقرأون.. هم يظنون أنهم في غير حاجة للقراءة فكيف يعلمون؟ وأقول ما لهم وللقراءة.. إنهم لا يعلمون...