حقيقة قد تبدو مقززة للبعض.. لكنها النتيجة التي توصل إليها فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد, التي تقول: إن سطح التليفون المحمول قد يحتوي علي كم من البكتيريا والفيروسات يزيد81 مرة علي كم البكتيريا والفيروسات الموجودة علي مقبض قاعدة التواليت في الحمام, وأن03% علي الأقل من بين هذه الميكروبات مثل فيروس الإنفلونزا تنتقل عدواها ما بين الأصابع وراحة اليد, وربما الأنف والفم والمحمول. وفي دراسة أخري نشرتها مجلة حوليات الميكروبيولوجي والمضادات الحيوية تبين من خلال فحص002 فرد ما بين استشاري وطبيب مقيم وممرضات والعاملين في41 حجرة للعمليات, و8 أسرة داخل غرف الرعاية المركزة والطوارئ, أن التليفون المحمول من أهم وسائل نقل العدوي للمرضي داخل المستشفيات بواسطة هؤلاء الأشخاص, وهو ما يطلق عليهNosocomial يnfection, وقد تم أخذ مسحة لعمل مزرعة وحساسية للبكتيريا من أيادي وأصابع هؤلاء الأشخاص, وأيضا من علي سطح تليفوناته المحمولة, وأظهرت النتائج أن59% من التليفونات المحمولة ملوثة بنوع واحد من البكتيريا علي الأقل, بينما كان هناك53% من تلك الموبايلات يحمل نوعين مختلفين من البكتيريا11% تحمل ثلاث سلالات أو أكثر من البكتيريا, وأن هذه السلالات من البكتيريا التي تم عزلها من الأيدي تضاهي السلالات نفسها التي تم عزلها من المحمول. إلا أن الشيء الأخطر من هذا الكم هو نوعية هذه السلالات التي تم عزلها, فمعظمها(25%) كان من نوع البكتيريا العنقوديةS.sureus, بينما تم عزل نوع خطير من البكتيريا يطلقون عليه اختصارا مرساMRSA في5.21% من التليفونات المحمولة, وهذا النوع من البكتيريا في غاية الصعوبة من حيث الاستجابة للمضادات الحيوية العادية, وفي حالة نجاح تلك البكتيريا في الوصول إلي الأنسجة العميقة داخل الجسم, فإنها تسبب مضاعفات خطيرة, قد تنتهي بالوفاة, خاصة للذين لديهم ضعف في الجهاز المناعي لأي سبب من الأسباب, وقد ارتفعت نسبة انتشار العدوي بسلالة مرسا داخل المستشفيات من2% عام4791 لتصل إلي06% من بين جميع أنواع العدوي البكتيرية عام4002, وذلك بسبب الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية في فرنسا. أما في الولاياتالمتحدة فيبلغ عدد الذين يصابون بذلك النوع من البكتيريا كل عام حسب تقرير مركز السيطرة علي الأمراضCDC نحو49 ألفا, مما يؤدي إلي وفاة91 ألف مريض كل عام بسببها, وقد تم عزل سلالة بكتيريا مرسا من الكيبورد للكمبيوتر, وأذرع البلاي ستيشن, إلي جانب التليفون المحمول في المستشفيات, بالإضافة إلي ماسبق ذكره من سلالات تم عزلها من علي أسطح المحمول, فهناك أيضا بعض السلالات التي تم عزلها والتي توجد في القولون وتخرج مع البراز, فهناك3.13% من البكتريا السالية, و4.12% من البكتيريا الغائطيةColiform, و3.7% من نوع إنتيروكوكاي, و9.11% من الفطريات. وفي دراسة أخري تم إجراؤها علي أربعين من أطباء التخدير حيث أجروا عملية التعقيم في غرفة ما قبل العمليات, ثم سمح لهم بإجراء مكالمة واحدة من تليفونهم المحمول, وتم أخذ مسحة للكشف عن وجود بكتيريا قبل وبعد إجراء المكالمة, وأظهرت النتائج أن83 من بين الأربعين طبيبا قد التقطوا أنواعا مختلفة من البكتيريا, بعضها مرضية وخطيرة, ويمكن أن تكون قاتلة. والحقيقة أن المريض عندما يدخل المستشفي طالبا العلاج يكون أكثر تعرضا للإصابة بالعدوي أكثر من أي وقت آخر لعدة أسباب: أولا: أن هذا المريض ربما يعاني من مرض مزمن مثل أمراض الكبد, والفشل الكلوي, والسكر وغيرها, مما يؤثر علي مناعته, ويقلل كفاءتها. ثانيا: أن هذا المريض يتعرض للكثير من التدخلات العلاجية التي قد تكون سببا في إدخال العدوي له بصورة مباشرة مثل الحقن من خلال الوريد, أو الغسيل الكلوي, أو تركيب قسطرة, أو استخدام أقنعة للتنفسي الصناعي, أو نقل الدم أو أحد مشتقاته في حالة عدم إجراء الفحوصات والتأكد من تعقيم كل هذه الوسائل وتغييرها من مريض إلي آخر, بل إن مكان الحقن في الوريد لابد أن يتغير كل فترة حتي لا يكون وسيلة للتلوث ودخول الميكروب من خلاله إذا استمر لمدة طويلة. ثالثا: معظم هؤلاء المرضي يستخدمون مضادات حيوية قد تكون السبب في اختلال توازن الميكروبات كانت تعيش بصورة متكافلة, ولا تسبب أي أعراض قبل ذلك. رابعا: قد يكون المريض بعد التخدير في حالة لم يستعد معها وعيه تماما, وكذلك ردود الفعل المهمةمثل الكحة التي تحميه من دخول بعض الميكروبات والسوائل إلي القصبة الهوائية, مما يسبب له الإصابة ببعض أنواع الالتهاب الرئوي. لكن تري من أين تأتي الميكروبات المختلفة التي تعدي المريض في جو المستشفي الذي يفترض أنه نظيف ومعقم؟ والإجابة قد تأتي إما من المريض نفسه من خلال الميكروبات المتكافلة التي تسكن في فمه وحلقه وعلي جلده وفي أمعائه وقولونه, لكنها لا تسبب له أي مرض إلا في حالات نقص مناعة الجسم فتنشط وتسبب أعراضا مرضية, أو من خلال الزوار الذين يزورون هذا المريض ويسلمون عليه ويقبلونه, وهم أيضا يحملون العديد من الميكروبات التي قد تكون كامنة وأحيانا ظاهرة فتنتقل عدواها إلي المريض الضعيف بأسرع مما يتخيلوا, أو من خلال الآلات والأدوات الجراحية أو الدم ومشتقاته والحقن وفلاتر الغسيل الكلوي غير النظيفة ودون تعقيم, أو من خلال التكييفات وما تحمله من ميكروبات مثل الليجيونيلا والإنفلونزا وغيرها, وأيضا من خلال الممرضات والأطباء والحكيمات الذين ينتقلون من مريض إلي آخر لكي يفحصوه دون أن يغسلوا أيديهم قبل ذلك أو حتي من خلال السماعة التي يستخدمونها للكشف عليهم, ولنضف إلي كل هذه العوامل الآن التليفون المحمول الذي يحمله الأطباء والزائرون, وأحيانا المرضي دون الاهتمام بنظافته وتعقيمه. ومن أكثر أنواع العدوي التي تحدث من داخل المستشفيات هي عدوي المسالك البولية والكلي, وتمثل ثلث حالات العدوي, تليها عدوي الجهاز التنفسي, ثم عدوي الجروح نفسها وعدم التئامها, وفي بعض الحالات تسمم الدم إذا انتشرت العدوي في الدم دون علاج, مما يؤثر علي حياة المريض, وكل هذا يؤدي إلي زيادة مدة إقامة المريض بالمستشفي, وزيادة تكاليف علاجه, بالإضافة إلي زيادة معاناته فوق ما يعاني من أمراض. وأخيرا ينبغي أن ننصح الناس بشكل عام, والأطباء والممرضات بشكل خاص, بأن ينظفوا تليفونهم المحمول بقطنة مبللة بالكحول أو أحد المطهرات الموثوق بها, إلي جانب غسيل اليدين المستمر الذي ينقذ مليون شخص كل عام من الموت, حسبما ورد في مجلة لانسيت الطبية العريقة.