وكان هجوم القوات السوفيتية هذا أمرا غيرفي منتصف ليلة العشرين من شهر يناير1990 قامت القوات السوفيتية بالهجوم علي باكو من جميع الاتجاهات, بما في ذلك بحرا . وكان ذلك في محاولة يائسة وفاشلة تماما لإنقاذ النظام الشيوعي ودحر الكفاح الوطني التحرري الأذربيجانيمسبوق من حيث اعتداؤه علي مواطنين مسالمين غير مسلحين في أذربيجان السوفيتية, الأمر الذي خلف موجات من الشعور بالصدمة في جميع أرجاء الجمهورية. وقد شهدت الجمهوريات السوفيتية هجوما مماثلا سابقا لهذا الهجوم, بيد أنه لم يتخذ ذلك النطاق الذي اتخذه في حالة الهجوم علي أذربيجان, ففي باكو, وبحجة إعادة النظام الي المدينة اقتحم الجيش السوفيتي المدينة بوحشية بالغة محاولا سحق حركة التحرر التي كانت تحظي بالتأييد وبالزخم. وقد تم تنفيذ العملية العسكرية التي أطلق عليها الضربة ضد الحركة المعادية للسوفيت, والمؤيدة للديمقراطية والتحرر في أذربيجان, وذلك بموجب حالة الطوارئ التي أعلنتها اللجنة التنفيذية الدائمة العليا لعموم الاتحاد السوفيتي ووقع عليها الرئيس جورباتشوف. ولم تكن أوامر ميخائيل جورباتشوف باستخدام القوة ضد المدنيين الأبرياء إلا محاولة يائسة لوقف تفسخ الحكم الشيوعي في أذربيجان. وقد دافع حامل جائزة نوبل للسلام ميخائيل جورباتشوف عن هذا الغزو, بحجة الخطر الوشيك المزعوم للأصولية الإسلامية في أذربيجان, واستغل بعض المسئولين الرسميين الآخرين التوتر بين أرمينيا وأذربيجان حول منطقة قاراباغ الجبلية الأذربيجانية باعتبارها حجة لاحتلال البلاد. وأشارت منظمة هيومان رايتس واتش( مراقبة حقوق الإنسان) في تقريرها حول الأمر بعنوان يناير الأسود في اذربيجان الي انه يمكن اعتبار العقاب الذي أنزل بباكو علي يد الجنود السوفييت إنذارا للحركات القومية ليس فقط في أذربيجان, بل أيضا للجمهوريات الأخري للاتحاد السوفيتي. يبدو أن الغزو لم يحقق للقيادة السوفيتية ما أرادته, وتحول يناير الأسود الي منعطف في تاريخ أذربيجان, فقد بدد الجيش الأحمر آخر خيوط الأمل لدي الآذريين في امكانية إصلاح الاتحاد السوفيتي, وتسلح الشعب الآذري, بإصرار لم يشهده من قبل, علي مواصلة مسيرة تحرره. وفي جلسة تاريخية عقدت في الثامن عشر من أكتوبر لعام1991, أصدر المجلس الأعلي لجمهورية أذربيجان بالإجماع القانون الدستوري حول استقلال الدولة في جمهورية أذربيجان, وتلا هذا القرار استفتاء وطني في جمهورية أذربيجان في29 ديسمبر1991, وضمت ورقة الاقتراع في هذا الاستفتاء سؤالا واحدا هو: هل تؤيد القانون الدستوري لاستقلال الدولة في جمهورية أذربيجان؟, وصوت شعب أذربيجان بالإجماع تأييدا لتجديد وضع استقلال الدولة. ولم تفل من عزم الشعب الأذربيجاني علي بناء بلد ديمقراطي مستقل ومزدهر فظائع يناير الأسود وما تلاها من عدوان أرمينيا ضد أذربيجان, واحتلالها لمساحة20% من أراضيها, فضلا عن الصعوبات السياسية والاقتصادية التي تمتد جذورها الي الأيام الأولي لاستقلال البلاد. وفي يوم20 يناير من كل عام يزور شعب أذربيجان مرقد الشهداء للإشادة بمن ضحي بحياته من أجل استقلال البلاد وحريتها وتطورها المزدهر.