كتب:هاني عسل مظلة الدفاع الصاروخي التي ستغطي أوروبا وأمريكا الشمالية ما هي إلا مشروع خرج من رحم التهديدات بتعرض الأراضي الأمريكية والأوروبية لضربات بالصواريخ من ثلاثة أطراف رئيسية محتملة: إيران, وكوريا الشمالية, و'القاعدة. وقد ظل الخوف مسيطرا علي الغرب منذ هجمات11 سبتمبر2001 من أن تنجح' القاعدة' أو حلفاؤها من جماعات الإرهاب الدولي في الحصول علي قدرات تسليحية صاروخية تحديدا- تؤهلها لمهاجمة الأراضي الأمريكية والأوروبية بالصواريخ التي تحمل رؤوسا بيولوجية أو كيمياوية بهدف إلحاق دمار شامل بالمناطق المستهدفة, ولكن هذه المخاوف تراجعت بعد ذلك بشكل كبير, بعد أن اتجهت' القاعدة' وتنظيماتها إلي التركيز علي التفجيرات والهجمات الانتحارية الفردية أو المزدوجة علي غرار تفجيرات لندن ومدريد, قبل أن يتحول التركيز في الأشهر الأخيرة إلي التهديد بشن عمليات سريعة ومتلاحقة ورخيصة التكلفة بهدف إلحاق أضرار فادحة بالاقتصاد الغربي علي وجه التحديد أكثر من الأفراد, وكان علي رأس هذه العمليات حملة الطرود الملغومة. ومع تراجع خطر' صواريخ' القاعدة, لم يعد هناك سوي خطر صواريخ إيران وكوريا الشمالية, وهما الدولتان اللتان تصنفهما الولاياتالمتحدة ضمن ما يسمي ب'محور الشر' أو قائمة الدول' المشاغبة', باعتبار أنهما تهددان جيرانهما, وترفضان عادة الإفصاح عن حقيقة القدرات العسكرية أو النووية التي تمتلكانها, والمشكلة الحقيقية تكمن في أنهما تملكان من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدي ما يمكن أن يهدد لا الدول المجاورة وحدها, بل والأراضي الأوروبية والأمريكية أيضا. وبإلقاء نظرة علي تفاصيل القدرات الصاروخية التي تتمتع بها كل من إيران وكوريا الشمالية ستتأكد صحة هذه المخاوف, علما بأن المعلومات التالي ذكرها مصدرها إما أجهزة المخابرات الغربية, أو الدولتان اللتان نتحدث عنهما بالفعل, أو ربما من معلومات يتم تسريبها بين الحين والآخر عبر وسائل الإعلام المختلفة. فالترسانة العسكرية الإيرانية تزخر بالصواريخ المتطورة, فمن الصواريخ ذات المدي فوق المتوسط, أي التي يتراوح مداها بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف كيلومتر: الصاروخ بدر110(3 آلاف كيلومتر), وشهاب4(4500 كم), وشهاب5(6 آلاف كم), وشهاب6 العابر للقارات(10 آلاف كم), وهناك صاروخ آخر مداه متقارب مع شهاب6 يطلق عليه اسم' سجيل'. وهناك الصواريخ المتوسطة المدي التي يتراوح مداها بين ألف وثلاثة آلاف كيلومتر, ومن بينها شهاب3(2100 كم) وفجر3(2000 كم). وهناك الصواريخ قصيرة المدي التي يتراوح مداها بين200 كيلومتر إلي ألف كيلومتر, مثل شهاب2(750 كم) وشهاب1(350 كم) وفاتح110(200 كم) وزلزال1 و2و3( حوالي200 كم), والصاروخ فجر ومداه أقل من200 كم. ومشكلة الصواريخ الإيرانية ليست فقط في قدرتها علي بلوغ الأراضي الأوروبية, أو في قدرتها علي حمل رؤوس نووية بحكم التقدم الذي تم إحرازه في البرنامج النووي الإيراني, وإنما في قدرتها علي الوصول إلي أراضي دول مجاورة أخري مثل دول الخليج العربية وقادرة علي استهداف حركة ناقلات البترول في مياه الخليج العربي, فضلا عن إسرائيل بطبيعة الحال, وهي أراض غير مشمولة بمظلة الدرع الصاروخية لأنها خارج أوروبا وأمريكا الشمالية. أما بالنسبة للصواريخ الكورية الشمالية التي يتم التعرف علي كثير منها من خلال التجارب الصاروخية التي تجريها بيونج يانج بين الحين والآخر, وكانت البداية في أواخر القرن الماضي من محاولات تطوير صاروخ' سكود بي' السوفييتي السابق الذي يبلغ مداه نحو300 كيلومتر, ولكن جهود تطوير الصواريخ حققت نتائج تثير القلق في السنوات التالية, ومما يثير الخوف أيضا إمكانية تحميل هذه الصواريخ بالرؤوس النووية أو الكيماوية مع تزويدها بأنظمة توجيه دقيقة تجعلها قادرة علي إصابة أهدافها ببراعة. ومن أبرز الصواريخ التي تمتلكها كوريا الشمالية الصاروخ' تايبو دونج2' الذي يبلغ مداه نحو ثمانية آلاف كيلومتر, مما يعني أنه قادر علي بلوغ أهداف في الساحل الغربي الأمريكي ومناطق أخري نائية مثل أستراليا وجزر هاواي. وهناك الصاروخ' تايبودونج1' النسخة السابقة من تايبودونج2, وهو صاروخ مداه2500 كيلومتر والذي أجريت التجارب علي إطلاقه في عام.1998 ومن الصواريخ الباليستية التي أضافتها كوريا الشمالية إلي ترسانتها صاروخ قادر علي بلوغ معظم أراضي الصين وروسيا والفلبين, حيث يبلغ مداه ثلاثة آلاف كيلومتر. أما الصاروخ' رودينج' فهو صاروخ قصير المدي إذ يبلغ مداه1500 كيلومتر, ويعتقد بأنه قادر علي بلوغ الأراضي اليابانية, ويشبه كثيرا الصاروخ الإيراني' شهاب3' ويمكن تحميله برؤوس نووية. وهناك أيضا الصاروخ' هوا سونج' وهو النسخة الكورية الشمالية من' سكود' ومداه800 كيلومتر, وهو صاروخ قادر علي ضرب أهداف في كوريا الجنوبية. وكما سبق الذكر عند الحديث عن الصواريخ الإيرانية, فالصواريخ الكورية الشمالية معظمها يضع أراضي دول مجاورة حليفة للولايات المتحدة في مرمي نيرانها, وعلي رأسها كوريا الجنوبية واليابان, والأمر لا يتعلق فقط بالصواريخ القادرة علي ضرب الأراضي الأمريكية, وهو ما يعني أنه في حالة نشوب صراع عسكري تكون إيران أو كوريا الشمالية طرفا فيه, فإن الدول المجاورة ستكون في ضوء المظلة الدفاعية الجديدة- هي الهدف الأقرب والأنسب للصواريخ ذات الذراع الطويلة لدي هاتين الدولتين.