لا تملك وأنت تشاهد برنامج مصر اليوم الذي يقدمه الدكتور توفيق عكاشة, رئيس قناة الفراعين, إلا أن تضحك بدهشة, وتقول بصوت مسموع وأنت تضرب كفا بكف: يا نهار اسود! الراجل ده بيقول إيه؟ وهذا لا يحدث طبعا لأنه يلقي النكات في برنامجه, الذي يقدمه يومي السبت والأحد من كل أسبوع نظرا لانشغاله في مجلس الشعب.. ولكن لأنه يتحدث بطريقة عفوية, ويستخدم ألفاظا تلقائية لدرجة غير متوقعة فتثير الضحك.. فأنت تشعر بأنك تجلس أمام رجل بسيط يجلس علي مصطبة أمام الدوار ويتحدث إلي أبناء قريته البسطاء محدودي الثقافة والتعليم, وإذا لم تكن تعرفه جيدا لتوقعت أنه أحد مقدمي برامج الكوميديا علي قناة نايل كوميدي أو موجه كوميدي أو غيرهما.. فليس من الطبيعي أن تسمع مقدم برنامج ينطق ألفاظا مقززة لا تسمعها إلا في الشارع, ثم يستدرك معتذرا للمشاهدين مبررا قوله بأنها بقت حاجة تقرف! وليس من السهل علي المشاهد العادي تصور أن مقدم برنامج يجلس أمام الكاميرا ليتحدث بمفرده أكثر من ساعة, رغم أنه بدأ الحلقة أصلا متأخرا حوالي ساعة, تاركا ضيوفه يجلسون في الاستديو علي نار منتظرين لحظة السماح لهم بالدخول.. وفي حديثه هذا لا يتردد في تهديد الوزراء والإشارة بيده متوعدا أي وزير يذهب إلي مكتبه ويرفض مقابلته بأنه سيفضحه علي قناة الفراعين ولن يسكت, وذلك بعد حديث طويل لإثبات أن نائب مجلس الشعب يأتي في المرتبة الأولي لأنه عضو في المؤسسة التشريعية, التي تأتي أولا, ثم تأتي بعدها المؤسستان التنفيذية والقضائية بالتساوي, ورغم اللحظات التي تمر علي الدكتور عكاشة خلال التقديم فيسخن ويبدأ في استخدام ألفاظ وحركات مضحكة متقمصا شخصية عادل إمام مؤديا بعض حركاته الكوميدية.. وهو رغم طريقته الكوميدية في التقديم كان من أول وأبرز المتابعين لمأساة كنيسة القديسين في الإسكندرية.. ورغم صدمة الحدث الإرهابي, لم يتمالك مشاهدو برنامجه أنفسهم من إطلاق بعض الضحكات الممزوجة بالصدمة, والمشبعة بالمرارة, وهم يرونه يحلل أسباب الحادث الإرهابي, مؤكدا أن الهدف من ورائه هو تفتيت الدول العربية والإسلامية لخلق الشرق الأوسط الجديد, وأن مصر طبقا لهذه الخطة ستقسم إلي ثلاث دول, شمالية قبطية, ووسط إسلامية, وجنوبية نوبية.. وسرعان ما سخن وبدأ يمثل كيف ستضرب هذه الدول المفتتة من الجميع خاصة أمريكا وإسرائيل, قائلا إن حدوث ذلك سيجعل العالم كله يضربنا علي قفانا كدا هو ورفع كفه أمام الكاميرا ضاربا الهواء بينما تشكلت ملامح وجهه بتعبيرات أشبه بتعبيرات عادل إمام في مسرحية الزعيم, ثم تراجع قائلا: لا.. دول هيضربونا بالجزمة! وطبق ورقة بيضاء أمامه بشكل طولي باعتبارها الجزمة, قائلا: لو ما كانتش جزمتي ضيقة كنت خلعتها! ثم أخذ يضرب كل دولة من الثلاث بالورقة التي يمسكها بأداء تمثيلي مضحك! وكثيرا ما يقف الدكتور عكاشة أمام الأخبار التي يقرؤها خلال الجزء الأول من برنامجه, فيصمت قليلا بعد أن ينتهي من قراءة الخبر ثم يقول ذ ذ يكون هكذا.. ويبدأ في إعادة قراءة الخبر بصيغة مختلفة مرتجلة.. ولا يقتصر تعديله علي محرري الأخبار فحسب, وإنما علي المخرج أيضا, فقد كان يتحدث عن خبر جديد عندما نقل المخرج إلي لقطة بعيدة, فقال معترضا: المفروض الأستاذ عماد وانا بقول الخبر الجديد يجيب علي كلوز!