(1) بابا. نعم. أنا ونادية صاحبتي دائما مع بعض. طبعا ياحبيبتي فهي صاحبتك. في الفصل وفي الفسحة وساعة الأكل. شيء لطيف وهي جميلة ومؤدبة. لكن في حصة الدين أدخل أنا في حجرة, وتدخل هي في حجرة هذا في درس الدين فقط. كيف يابابا؟ أنت مسلمة وهي مسيحية. لم يا بابا؟ أنت صغيرة وستفهمين فيما بعد. أنا كبيرة يابابا. بل صغيرة ياحبيبتي. لم أنا مسلمة؟ بابا مسلم وماما مسلمة فأنت مسلمة. ونادية؟ باباها مسيحي وأمها مسيحية ولذلك فهي مسيحية. هل لان باباها يلبس نظارة؟ كلا لا دخل للنظارة في ذلك ومن أحسن. المسلمة حسنة والمسيحية حسنة. هل أعمل مسيحية لنبقي معا دائما؟ كلا ياحبيبتي, هذا غير ممكن ولكن لم؟ ألا تنتظرين حتي تكبري؟ لا يا بابا. حسنا.. أنت تعرفين الموضة, واحدة تحب موضة وواحدة تفضل موضة, وكونك مسلمة هي آخر موضة, لذلك يجب أن تبقي مسلمة. يعني نادية موضة قديمة؟ الله يقطعك ويقطع نادية في يوم واحد. هل أقول لها أنها موضة قديمة؟ لا كل دين حسن.. المسلمة تعبد الله والمسيحية تعبد الله ولم تعبده في حجرة وأعبده أنا في حجرة. هنا يعبد بطريقة وهناك يعبد بطريقة وماالفرق يابابا؟ ستعرفين في العام المقبل أو الذي يليه, وكفاية أن تعرفي أن المسلمة تعبد الله والمسيحية تعبد الله. ومن هو الله يابابا؟ (2) لم أجد مفرا من أن أورد لك هذه المساحة المختصرة من قصة( جنة الاطفال) التي كتبها الكبير نجيب محفوظ, ذلك الذي لم تفته شاردة ولا واردة من علل هذا الوطن ومصادر أوجاعه, والتي ضمنها مجموعته القصصية( خمارة القط الاسود) ونشرها قبل أربعين عاما, بالتحديد في عام9691, وأنا طبعا لم أورد لك بقية القصة ليس بسبب ضيق المساحة فقط, ولكن لان الطفلة, ما أن جاء ذكر الله عز وجل, حتي استرسلت في مجموعة من الاسئلة التي تتعلق به سبحانه, والتي كان ممكنا أن تكتب علي لسان طفلة وديعة وتنشر قبل أربعين عاما, ولكننا لن نستطيع أن نطرحها الآن علي لسان طفلة أخري ليقرأها أحد, دون أن تثير ململة, وقانا الله وإياكم. المهم أنه في نهاية أسئلة هذه الزهرة الصغيرة, لايجد الاب مفرا, بغرض التخلص منها, إلا أن يمهلها حتي تكبر وتسأل ما تشاء حينئذ سوف تجد اجابات علي ما تسأل عنه. إلا أنها سوف تكبر, طبعا, ولن تطرح شيئا حتي تذبل, وان فعلت لن يكون هناك ما يقال, لن يبقي في ضميرها, أبدا, إلا ما غرسته المدرسة والمدرسون, وما زالوا: أنت شيء, وصديقتك نادية شيء آخر. (3) أكتب هذا الكلام ثم أتابع استفتاء السودان المؤدي إلي انفصال الجنوب لا محالة. وكنت بالأمس رأيت مسئولا سودانيا يرقص واقفا في صندوق عربة نصف نقل وهو يطوح عصاه عاليا وحوله لمة. بعد ذلك سمعت صحفيا عجوزا يقول, من وراء مكتبه: لقد فشلنا في احتواء التعدد فضاع الجنوب, وإن ظللنا علي فشلنا فلن يبقي من السودان شيء.