إنها لحظة يقف العالم كله باحترام لمصر.. البطل المتوج علي رأس كرة القدم الإفريقية, والمدهش في الأمر أن المنتخب المصري فعلها وسحق بلا رحمة المنتخبات التي تأهلت إلي كأس العالم. وكانت البداية بمنتخب النسور نيجيريا مرورا بأسود الكاميرون قبل أن تصل الرحلة إلي ذروتها بهزيمة مدوية لمنتخب الجزائر, وكانت الرسالة واضحة من أبناء المعلم حسن شحاتة: نحن المنتخب البطل, وإنجازاتنا تتحدث عن نفسها, وواقعنا يؤكد ذلك حتي وإن تعثرت المسيرة في لحظة لأسباب لا علاقة لها بكرة القدم فإن البطل ينهض من جديد, وإذا ساورت النفوس غير النقية بعض الشكوك, وحتي لو شطح البعض بخيالهم المريض فإن الأقلام المحايدة وخبراء اللعبة تكفلوا بالرد عن البطل. فقد اضطر الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا تحت وقع الانتصارات المتتالية أن يشيد بالانتصارات الهائلة للفراعنة, وفيما يشبه الشهادة الموثقة التي تعكس الواقع, قال الفيفا: إن الكرة المصرية بقيادة المعلم شحاتة انتقلت إلي العالمية. كما أن جريدة الجارديان البريطانية كتبت تقول: إن الملهم حسن شحاتة يعود إلي بلده, ومصر تنال الاحترام, ومرفوعة الرأس. تري هل في الأمر مبالغة.. بالقطع لا.. فالمنتخب المصري فاز في17 مباراة في كأس الأمم الإفريقية دون هزيمة, وذلك منذ الفوز علي ليبيا بثلاثية نظيفة في افتتاح بطولة2006 بالقاهرة, والآن اقترب المنتخب المصري من الفوز بالبطولة للمرة الثالثة علي التوالي, وذلك في إنجاز تاريخي لم يتحقق من قبل لأي منتخب آخر علي مدي تاريخ البطولة الإفريقية, أو أي بطولة قارية أخري. وتبدو مصر في هذه اللحظة في قمة التحضر, لأن الانتصار لم يذهب بوقارها أو بحضورها الراقي المتواضع, وهذه كلمة السر في أقسي لحظات الاختبار, وذلك عندما تمتحن أمة عظيمة كمصر بانتصارات مذهلة تجعلها محط أنظار الجميع, فالآن ينظر الكل سواء في الشوارع العربية أو العواصمالغربية لكي يرصدوا بدقة كيف يتصرف هؤلاء المصريون, والشيء المدهش أن المصريين كانوا علي الموعد كي يظهروا المعدن الحقيقي لأمة ترفض الهزيمة بكل كبرياء, وعندما تثأر فإنها تتصرف بمنتهي التواضع والنبل, فلم نشهد سلوك الخاسر السيئ, ولا المنتصر حديث العهد بالانتصارات, فمصر عاشت طويلا وكثيرا فوق منصات التتويج, وتحت الأضواء, إلا أن قدميها ظلت ثابتة, وعينها علي المستقبل دوما, وأحلامها لا يحدها إلا.. حدود السماء, ويبقي أن السر في هذه العظمة المصرية أن الجميع توحدوا دوما في هذا البلد الملهم, والذي لايزال يبهر العالم ويدهشه ليس فقط بإنجازاته الحضارية, بل بقدرته الفذة علي أن يلهم أبناءه بروح مصر التي لا تعرف المستحيل, حتي ينتفض المارد المصري من عثرته ليصنع انتصارا هائلا ورائعا يبهر الجميع.. العدو قبل الصديق.. إنها حقا مصر المحلقة دوما فوق الجميع!