محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول.. ويشدد على الإجراءات    جامعة عين شمس تشهد مناقشة رسالة ماجستير للمستشارة مروة هشام بركات    بحضور وزير الشئون النيابية.. مجلس الشيوخ يناقش اليوم تعديلات قانون الكهرباء    موعد إعلان نتيجة انتخابات جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 4 جمعيات في 4 محافظات    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 21 ديسمبر 2025    وزير الخارجية: تعزيز التعاون المصري– الإكواتوري على المستوى الاقتصادي والأمني    تقارير رقابية تكشف تحسن الميزان التجاري لمصر في 11 شهرًا من 2025 .. اعرف التفاصيل    مصر تتقدم 47 مركزًا في تصنيف مؤشر نضج الحكومة الرقمية لعام 2025    غرفة المنشآت السياحية: الكارنيه الأمنى وتنقية بيانات العاملين شرط الاستفادة من التدريب    إعلام عبري: المجلس الوزاري المصغر يصدق على خطة لإنشاء 19 مستوطنة في الضفة    وزير الخارجية: أهمية التعاون في نهر النيل لتحقيق المنفعة والمصالح المتبادلة    3 شهداء بنيران الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة    وزير الخارجية يؤكد التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن بالصومال والقرن الأفريقي    الرهان المتبادل    كوريا الشمالية تحذر من طموحات نووية لليابان    خطة أمريكية بقيمة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط    المغرب يلتقي جزر القمر في مستهل مشوارهما بأمم أفريقيا    النادى الذى فقد نجمه!!    مواعيد مباريات اليوم.. المغرب في مواجهة جزر القمر في افتتاح كأس أمم أفريقيا.. وفياريال مع برشلونة    راحة سلبية للاعبي الزمالك بعد الفوز على حرس الحدود    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسبب معاكسة سيدة بالجيزة    إتاحة رابط التسجيل لترشيح رؤساء ومراقبين لجان الثانوية العامة 2026    محاكمة المتهمين بسرقة 370 قطعة أثرية من متحف الحضارة اليوم    سياح العالم يستمتعون بتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. صور    أم كلثوم أكبر من مجرد صوت    الفنون التشكيلية يطلق معرض "فاصل ونعود" للفنانة أمينة عزام الأربعاء المقبل    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    دعاء شهر رجب.. مكانته وأفضل الأدعية المستحبة    الصحة: فحص 8 ملايين طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    القائمة الكاملة لجوائز المسابقات الرسمية لأيام قرطاج السينمائية الدورة 36    فحص أكثر من 8 ملايين طالب ضمن الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    في بلاغ رسمي .. اتهام 4 طلاب بالاعتداء على زميلهم داخل حمام مدرسة بمدينة 6 أكتوبر    توفير 7574 فرصة عمل جديدة في 63 شركة ب13 محافظة    جيهان قمري تتحدى نفسها بدور جديد ومفاجئ في مسلسل "درش" مع مصطفى شعبان    انقطاع الكهرباء عن عشرات آلاف المنازل بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية    الإجابة الوحيدة نحو الثامنة.. لماذا يشعر حسام حسن بالضغط؟    عامل بالإسكندرية يقتل صديقه.. ويقطعه 4 أجزاء لإخفاء جريمته    محمد علي خير يطالب بعودة بطاقة «الكساء الشعبي»: المواطن محتاج سلفة بنك ومعاش العائلة والجيران لشراء كسوة شتاء    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 22 ديسمبر    في عيد ميلادها ال74، نجلاء فتحي «قمر الزمان» تكشف رأيها عن الحب والزواج في حوار نادر    الإسكان الاجتماعي لصاحبة فيديو عرض أولادها للبيع: سنوفر الحلول الملائمة.. والحاضنة لها حق التمكين من شقة الإيجار القديم    «جبر الخاطر».. محمد شاهين يطرح أحدث أغانيه    اندلعت بها النيران.. سقوط سيارة نقل من كوبري ترسا بالجيزة | صور    مصرع شخص غرقا أثناء الصيد في نهر النيل بمنشأة القناطر    الحماية المدنية تسيطر على حريق سيارة نقل بعد انقلابها أعلى دائرى ترسا.. فيديو    مسئول بنقابة صيادلة القاهرة: لا نقص في علاج البرد وفيتامين سي.. وأدوية الأمراض المزمنة متوفرة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    لأول مرة.. "الصحة": أعداد المواليد لم يتجاوز مليوني مولود سنويًا    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    إنبي يخطف فوزًا قاتلًا من طلائع الجيش في كأس الرابطة المصرية    كورتوا: حمل شارة قيادة ريال مدريد كان حلما.. ومن الصعب إيقاف مبابي    وزير البترول: صادراتنا من الذهب تفوق مليار دولار    بعد ابتزازه بمقاطع فاضحة.. «ناصر» يستنجد بالهارب محمد جمال والأخير يرفض التدخل    يوفنتوس يحسم قمة روما ويواصل انتصاراته في الكالتشيو    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ومن التجسس تستخلص الدروس والعبر

فضيحة التجسس الإسرائيلي الأخيرة علي مصر جديرة بأن يستخلص منها ما ينبغي من الدروس والعبر‏ قد تبدو قصص التجسس بين الدول في حال العداء أمرا معروفا كضرب من ضروب الخداع ومباريات الذكاء في معرفة ما يفكر فيه العدو‏. لكن وجه الاستنكار الأكبر في التجسس الإسرائيلي المستمر علي مصر أن هناك اتفاقية سلام لم تكن إسرائيل لتحلم يوما باتفاقية مثلها مع دولة كمصر‏.‏ ثم إن الناس لا تنسي أبدا أن الصراع مع إسرائيل لم يكن لسبب طاريء أو لنزاع مؤقت علي حدود أو مصالح لكنه يتعلق بمشروع توسعي لا يؤمن إلا بالحديد والنار بدءا من اغتصاب وطن والسعي لاقتلاع شعب من جذوره‏,‏ ولا يبدو أنه يريد أن يتوقف عند هذا الحد فقط‏!‏ وحين تتأمل القضية التي أماطت النيابة العامة اللثام عنها مؤخرا فإن هناك دروسا لايمكن تجاهلها ينبغي أن تظل حاضرة في الأذهان لنستخلص منها بعض العظات والعبر‏.‏
الدرس الأول أن خطورة إسرائيل ونواياها المريبة تبدو في حالة السلام بقدر ما هي في حالة الحرب‏.‏ فقصص ومحاولات التجسس الإسرائيلي علي مصر لم تنقطع يوما منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد‏.‏ التي يفترض أنها أنهت حالة الحرب وأخرجت مصر واقعيا وقانونيا من دائرة الصراع مع إسرائيل وما لحق ذلك من تصريحات متكررة عن أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب‏,‏ وأن السلام هو خيار استراتيجي لمصر‏.‏ كل هذا لم يشفع لإسرائيل في أن تغير من سلوكها ونواياها في مواجهة مصر‏.‏ والواقع أن جوهر المسألة هنا يكمن في عقلية إسرائيلية ما زالت تحارب السلام وترفضه بل وتخشي علي وجودها التوراتي منه‏.‏ وإسرائيل تدرك يقينا أن مشروعها الديني التوراتي هو عقيدة الدولة وأساس وجودها واستمرارها مهما بدت علمانيتها الظاهرة‏.‏
إن هذا الدرس مثير للقلق والتشاؤم لأنه يجعل من حديث إسرائيل المزعوم عن السلام أكذوبة كبري يصعب أن نصدقها مهما حاولنا وحلمنا بذلك‏.‏ ولربما يكمن خوف إسرائيل الأكبر علي نفسها من السلام ذاته‏.‏ فهذا مجتمع ولد منذ أنفاسه الأولي في عام‏8491‏ مهيئا لأجواء الحرب والصراع ومعتادا علي تبعاتها ومتكيفا تمام التكيف مع متطلباتها لأن جزءا من تماسكه الداخلي مبعثه الشعور بالخطر‏.‏ في هذا السياق التاريخي ستظل قضية السلام تحديا واختبارا للعقلية اليهودية المعاصرة قبل أن تكون موقفا سياسيا للدولة أو الكيان الإسرائيلي‏.‏
الدرس الثاني يتعلق بالمصريين الذين تجاوبوا مع محاولات تجنيدهم من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية‏.‏ كان الاعتقاد العام لدينا أن المصريين شعب متجذر في أرضه شديد الانتماء لوطنه مهما كانت قسوة ظروفه ومعاناته‏.‏ ولهذا كان علماء الاجتماع يقولون إن المصري هو الوحيد الذي يقسم بغربته كما يقسم الناس بدينهم أو شرفهم أو حياة أبنائهم‏.‏ ما الذي طرأ علي انتماء بعض المصريين لبلدهم في مواجهة عدوهم‏,‏ وكيف نفسر أن يسعي مصري بنفسه للاتصال بأجهزة استخبارات إسرائيل عارضا عليهم خدماته؟ هل هو الفقر والحاجة والبطالة والحرمان؟ هناك من يعتقد في ذلك‏.‏ وقد يري البعض أن الشاب المهاجر بصورة غير شرعية الذي يرمي نفسه في قارب صغير متهالك في عرض البحر مدركا أن احتمالات غرقه تساوي احتمالات نجاحه في مغامرته لا يختلف حاله كثيرا عن شاب يبادر بالاتصال بجهاز استخبارات أجنبي ليعمل جاسوسا ضد بلده‏,‏ ففي الحالتين يبدو السبب هو الفقر والحاجة واليأس‏.‏
الواقع أنه يصعب قبول فكرة أن الفقر وحده ما يدفع شابا مصريا لأن يخون بلده لسببين أولهما أن الفقر ليس جديدا علي حياة المصريين‏,‏ ربما بلغ الفقر مستوي بائسا ويائسا غير مسبوق لكن المجتمع المصري في عمومه لم يكن مجتمعا غنيا مترفا‏,‏ فلماذا تنامت هذه الظاهرة الآن فقط؟ ثم إن بعض من ثبت بحقهم التجسس لم يكونوا دائما من الفقراء الباحثين عما يسد رمقهم بقدر ما إن هذا المجتمع يزخر في الوقت ذاته بعدد كبير من الفقراء الذين يضرب بهم المثل في صدق انتمائهم وأمانتهم‏.‏ أما السبب الثاني الذي يضعف فكرة اعتبار الحاجة المادية سببا لخيانة الوطن هو ما ثبت من أن المتهم بالتجسس لصالح إسرائيل في القضية المثارة حاليا لم يكن يتقاضي مبالغ مالية كبيرة بل كان يحصل علي مبالغ شهرية متواضعة كان بوسعه الحصول علي مثلها أو شيئا منها لو أنه اشتغل بائعا للخضراوات أو عاملا في محطة بنزين‏.‏ ثم هل كان المسئول السوري الذي قيل إن الجاسوس المصري تعامل معه فقيرا بدوره حتي يبيع معلومات لإسرائيل عن مرفق حساس في بلده؟ وهل كبار الجواسيس الآخرين الذين اكتشفوا في مصر أو خارج مصر يعانون الفاقة والحرمان بالضرورة؟ علينا في الواقع أن نبحث عن سبب آخر لعله يكمن تحديدا في حالة الضياع والشعور بالتيه القومي الذي يعاني منه جيل من الشباب‏.‏ نحتاج إلي باحثين وعلماء اجتماع لكي يقولوا لنا ما هي أسباب هذا الشعور بالضياع والتيه الوطني والقومي؟ تري هل هي حركة العولمة الجارفة التي تسعي لمسخ الأرواح وتشتيت العقول بحكم ما تمثله من إبهار واغراء وقدرة علي غسل الأدمغة؟ أم تري يكون السبب هو غياب محفزات الانتماء الوطني والقومي لعدم وجود مشروع ما أو حلم ما يؤمن به الشباب ويتكاتف حوله فيعوضه مؤقتا عما يعيشه في الواقع من حاجة وحرمان لأن لديه أملا في مشروع أكبر وحلم أكبر يسهم في بنائه؟
المؤكد أننا نحتاج لرؤية سوسيولوجية تفسر لنا لماذا يشعر بعض شبابنا بهذه الحالة من حالات الضياع والتيه‏.‏
الدرس الثالث أن قطاع الاتصالات أصبح يمثل لأجهزة الاستخبارات الأجنبية أهمية استراتيجية قد لا تقل عن الأهمية التقليدية لقطاعات عسكرية وأمنية أخري‏.‏ وما تم كشفه عما قامت به إسرائيل في لبنان من التنصت علي شبكات الاتصالات الخلوية وزرع جواسيس لها في بعض هذه الشبكات لا ينفصل عما أدلي به المتهم المصري بالتجسس من اعترافات حول محاولة لا تنضب موارده يتيح التعرف علي ما لا يخطر ببال أحد‏,‏ ولعل هذا الدرس لن يمضي دون أن تأخذه الجهات المعنية بما يستحق من اهتمام‏.‏ فالتجسس الالكتروني سواء علي شبكة الانترنت أو شبكات الهاتف سيلقي من الآن فصاعدا علي أجهزة الرقابة الوطنية مجموعة تحديات كبيرة‏.‏
ما ينبغي تسجيله في نهاية المطاف وما يثلج صدورنا أيضا أن في مصر أجهزة وطنية ساهرة ويقظة تحمي في صمت ودأب مصالح الوطن العليا‏,‏ هؤلاء هم حراسنا وأملنا ومبعث فخرنا في زمن اختلاط الرؤي وضبابية الأشياء‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.