عام يمضي ويلملم أوراقه, بأزماته ومشاكله السياسية والاجتماعية, ومنها من تبقي ظلاله وآثاره, وإذا كان2010 قد شهد العديد من الأزمات الحادة فإن الحال لا يختلف كثيرا في السينما. والتي تعكس بشكل كبير الواقع. حيث شهدت السينما العديد من التغيرات المهمة والتي ستنعكس أثارها علي العام المقبل. ومن هذه التغيرات تراجع إنتاج الأفلام ذات الانتاجات الضخمة والعودة إلي الأفلام متوسطة التكلفة أو فوق المتوسطة, كما إننا نستطيع أن نطلق علي عام2010 عام تراجع الإيرادات وانحسارها في موسم الصيف والذي يعد هو الموسم الأهم في السينما المصرية والأكثر تحقيقا للإيرادات, ورغم الكثير من المشاكل والأزمات التي حاصرت صناعة السينما المصرية بعد انسحاب بعض الشركات العربية من سوق الإنتاج السينمائي في مصر, وظهور شركة دولار فيلم بقوة حيث أنتجت بمفردها ما يزيد علي7 أفلام. وأيضا توقفت شركة جودنيوز عن الإنتاج في هذا العام رغم أنها كانت الشركة صاحبة الاعلي ميزانيات في تكلفة الإنتاج وأجورا بالنسبة للنجوم, ورغم الكثير من الأزمات التي حاصرت صناعة السينما المصرية إلا أن أهم ما تحقق في هذا العام هو التنوع والاختلاف الذي شهدته الأفلام التي عرضت طوال العام فكما شاهدنا أفلاما قليلة التكلفة ومتواضعة المستوي شاهدنا أيضا أفلاما تحمل قيمة فكرية وفنية, وظهر العديد من المخرجين الشباب وعادت السينما إلي الأدب علي استحياء حيث شاهدنا عملين مأخوذين عن نصوص أدبية وهما عصافير النيل إخراج مجدي أحمد علي وعن رواية للمبدع إبراهيم أصلان, وتلك الأيام للمخرج أحمد غانم عن رواية بنفس الاسم لوالده الكاتب الكبير فتحي غانم, وجازف اثنان من كبار المنتجين بتقديم ابنيهما كمخرجين للمرة الأولي وهما المنتج محمد العدل والذي أنتج لابنه كريم فيلم ولد وبنت والمنتج جمال العدل الذي قدم ابنه كمخرج لفيلم الكبار والذي شهد عودة الكاتب بشير الديك إلي السينما بعد غياب. ومن المفارقات أن أغلب الأفلام التي عرضت في2010 قد ناقشت الكثير من القضايا المجتمعية الهامة ومنها قضية العنوسة في فيلم بنتين من مصر للمؤلف والمخرج محمد أمين وهو الفيلم الذي حمل رؤية شديدة الواقعية والقسوة للمجتمع المصري وهو ما أثار الكثير من الجدل حول الفيلم, وأيضا فيلم678 للمؤلف والمخرج محمد دياب والذي جاء بمثابة صرخة ضد ظاهرة التحرش الجنسي والتي باتت تحاصر المجتمع المصري, ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هذا العام شهد العديد من الانتاجات التجارية المتميزة ومنها فيلم ابن القنصل للنجم أحمد السقا, وخالد صالح, والفيلم الكوميدي سمير وشهير وبهير والفيلم الاجتماعي عائلة ميكي وفيلم هيليوبليس وغيرها من الانتاجات المتميزة, ومن اللافت أيضا أن عام2010 رفض أن يغادرنا إلا بعد أن شهد تألق الزعيم عادل إمام من جديد وعودته إلي عرش الإيرادات من خلال فيلمه زهايمر, مع التنوع الذي شهده العام السينمائي رغم الأزمات والمشاكل إلا أنه يظل فيلم رسائل البحر للمخرج داود عبد السيد هو أيقونة السينما المصرية في هذا العام ليس فقط لتميزه علي المستوي الفني ولكن لتناوله علاقة الماضي بالحاضر بشكل شديد الرقي ورصده للتغيرات المجتمعية الحادة التي بتنا نعيش فيها, وأيضا لإعادة اكتشافه الفنانة بسمة في دور من أهم الأدوار التي قدمتها سينمائيا, وتأكيده علي نجومية الفنان المتميز أسر ياسين والذي حصل عنه علي جائزة أحسن ممثل من مهرجان قرطاج السينمائي في دورته التي عقدت مؤخرا. موسم جديد للسينما المصرية جاء تراجع إيرادات موسم الصيف إلي أكثر من النصف حيث لم تتجاوز الإيرادات ال75 مليونا في حين إن معدلاتها الطبيعية كانت تتجاوز ال150 مليون جنيه مصري وحدث هذا التراجع في الإيرادات نتيجة لقصر موسم الصيف وانحساره فيما لا يتجاوز الأسابيع الثمانية ومباريات كأس العالم وتقدم شهر رمضان وهو ما أدي لتحوله إلي موسم ذبح للأفلام المصرية وقد ساعد علي هذا التراجع والتدهور نوعية الأفلام التي عرضت في موسم الصيف وكان يغلب عليها الطابع الاجتماعي ورصدت الكثير من المشاكل الحياتية أو كان أبطالها ينتمون للبشر الذين يعيشون علي هامش الحياة في أفلام مثل عصافير النيل, والديلر والكبار وحتي الكوميدية منها كانت تحمل الكثير من المرارة مثل فيلم عسل أسود للنجم أحمد حلمي وهو الموسم الذي وصفه منتجي السينما المصرية بالعشوائي والأكثر سوءا.. وبعد هذا التراجع الشديد في إيرادات موسم الصيف أصبح موسم عيد الاضحي هو الموسم الذي يشهد إقبالا من المنتجين علي توزيع أفلامهم وعرضها في هذا التوقيت من العام وأيضا تحول إلي الموسم الأكثر تحقيقا للإيرادات حيث شهد عرض أفلام لكبار النجوم ومنهم الزعيم عادل إمام بفيلمه زهايمر والنجم أحمد السقا بفيلمه ابن القنصل والنجم أحمد حلمي بفيلمه بلبل حيران, وأيضا فيلم محترم إلا ربع, ويتوقع منتجو وموزعو السينما المصرية ومنهم محمد حسن رمزي أن يصبح موسما عيد الاضحي وأجازة نصف العام هما الموسمين الأهم في العام المقبل. شباب السينما المستقلة رغم أن عجلة الإنتاج السينمائي لم تعد كما كانت في الأعوام السابقة حيث تقلصت إلي ما يقرب من28 فيلما إلا أن السينما المصرية شهدت هذا العام ظاهرة لا يستطيع أحد إنكارها وهي شباب السينما المستقلة والذين أصبحوا يشكلون بحق تيارا سينمائيا له جمهوره وهو ما تأكد من إقبالهم علي العروض التي أقيمت لأفلامهم في مهرجان القاهرة السينمائي وهي الأفلام التي تمكنت أيضا من حصد الجوائز للسينما المصرية ومن هذه الأفلام حاوي لإبراهيم البطوط والذي حصل علي جائزة أحسن فيلم في مهرجان الدوحة ترايبكا وفيلم ميكروفون الذي حصل جائزة التانيت الذهبي من مهرجان قرطاج السينمائي وهو بهذه الجائزة يسجل تميزا لأنه أول فيلم مصري يحصل علي تلك الجائزة في تاريخ المهرجان.. كما مثل الفيلم مصر في مهرجانات دولية وعربية عديدة. عودة وتألق شهد عام2010 عودة العديد من النجوم الكبار الذين تألقوا علي شاشة السينما ومن هؤلاء النجوم الفنانة صفية العمري من خلال فيلم' تلك الأيام' والفنانة لبلبة, والفنانة أنعام سالوسة والفنان أحمد فؤاد سليم ويكفي أن هذا العام شهد تصدر هؤلاء النجوم الكبار لأفيش فيلم عائلة ميكي من إنتاج دولار أما النجمة سوسن بدر فتوجت مشوارها بحصولها علي جائزة أحسن ممثلة مناصفة مع ممثلة فرنسية من مهرجان القاهرة السينمائي عن دورها في فيلم الشوق وهو الدور الذي أتاح لها مساحة من التألق والإبداع نظرا لطبيعة الدور المركب والملئ بالانفعالات المتعددة وفيلم الشوق من إنتاج المنتج المتميز محمد ياسين الذي يعد واحدا من أبرز المنتجين العاملين في السوق السينمائية المصرية خصوصا انه يوازن في إنتاجه ما بين الأفلام التجارية والأفلام التي تحمل بعدا فنيا مثل الشوق والذي حصد الهرم الذهبي من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته ال34. كما تألق العديد من النجوم ومنهم النجم المتميز خالد النبوي من خلال تجسيده لدور علي الحلواني في فيلم الديلر, وتألق النبوي أيضا في فيلم لعبة عادلة مع النجم الأمريكي شون بن والذي جسد فيه النبوي دور عالم نووي عراقي اسمه' حمد' وشارك الفيلم في المسابقة الدولية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الماضية. وأيضا تألق النجم عمرو واكد في العديد من الأدوار خصوصا الفيلم الايطالي الأب والغريب الذي شارك في بطولته.