معرض القاهرة الدولي للكتاب, الذي افتتح الرئيس حسني مبارك فعالياته أمس, ليس مناسبة لبيع وشراء الكتب أو لعقد الندوات والمنتديات, فحسب لكنه قبل كل ذلك تأكيد علي مدي أهمية الكتاب وبالتالي المعرفة في حياة أي أمة أو شعب. ومن أجل تحويل المعرض إلي قوة دافعة للمعرفة, فإن هناك ضرورة للتركيز علي القضايا المهمة الخاصة بهذه المسألة مثل تشجيع النشء علي الاهتمام بالكتب والوسائل التي تنمي روح الابتكار والتقدم وتلك التي تقوم بتبسيط العلوم والمعارف. لكن الأهم هو أن ننظر إلي المعرض كنافذة بل كواحة للحرية والتسامح ولذلك ينبغي السماح بعرض كل الآراء والمواقف والنظريات والابتعاد عن الرقابة التي عشنا في كنفها زمنا طويلا. ثم إن هذا التجمع الجماهيري الهائل يجب أن يتعرف علي أفكار التسامح والوحدة وحب الغير, فمئات الآلاف تتوجه إلي المعرض رائدها العلم والمعرفة وحب الاستطلاع ولا تمييز بين شخص وآخر ولا بين دار نشر وأخري, بل تشتري ما ترغب فيه وتستمع إلي مفكرين ومثقفين من مشارب ومذاهب شتي. روح المعرض إذن هي التسامي علي الصغائر والشوق إلي المعرفة. وهذه مسألة شديدة الأهمية فلو ترسخت هذه المباديء لدي الناس في الشارع وفي أماكن العمل لما وجدنا هذه النعرات وأشكال التعصب والعنف المختلفة التي بدأت للأسف الشديد تسود بيننا. ومن المفيد أن نستغل أيام المعرض للتركيز علي هذه القيم ودعوة الناس إلي التمسك بها لأن فيها خلاص مصر وتقدمها. أما الانحياز للأفكار الضيقة والمتشددة فهو وصفة للتخلف والصراع والنزاع. وقد أكد الرئيس مبارك في عدة مناسبات حديثة آخرها عيد العلم أهمية أن ندخل عصر مجتمع المعرفة وأن ننمي قدرات الابتكار والتفكير الحر لدي الشباب المصري, كما أكد في خطابه بمناسبة عيد الشرطة ضرورة وجود خطاب ديني عقلاني تسامحي يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يؤدي إلي الخلاف. وأشار الرئيس إلي الدور الغائب للأزهر والكنيسة في هذا الصدد. إن معرض الكتاب فرصة ذهبية للدعوة إلي كل تلك القيم شريطة أن ننظر نظرة جديدة إلي فلسفة المعرض فالمسألة ليست كما علي الاطلاق بل هي رؤية متفتحة ومستقبلية تستشرف مستقبلا أفضل لمصر. هذه الرؤية أساسها العلم والمعرفة والتسامح والحرية.