عَلَى مدى 42 عامًا ظَلَّ معرض القاهرة الدولي للكتاب يحافظ على دورية انعقادِه، ولكثرة المشاركين فيه من الناشرين العرب والأجانب، يصنف بأنه ثاني أكبر معرض في العالم بعد معرض فرانكفورت الدولي للكتاب. إلا أن هذا العرس الثقافي – والذي ستختتم فعالياته يوم 13 الجاري- كما يصفه منظمُوه في الهيئة المصرية العامة للكتاب كثيرًا ما يتعرض لانتقادات واسعة، وإن كان هذه المرة من أكثر المرات التي تعرض فيها لانتقادات، وإن كان يأتي هذه المرة ضحيةً للموقع الذي يقام فيه، وهو أرض المعارض بمدينة نصر. هذا الموقع تجري له عملية تطوير شاملة في بنيته التحتية، مما أدى بزائريه من جنسيات مختلفة إلى التوصل لانطباع حول المعرض ذاته بأنه يفتقر إلى التكيف مع واقِعِه، ولا يليق بمعرض يصنف بأنه ثاني أكبر معرض في العالم. ومع التطوير الجاري لأرض المعارض، فإن معرض الكتاب سيغادر موقعَه هذا في العام المقبل، لينتقل إلى مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات، في نقلةٍ ستكون هي الأولى من نوعها التي يغادر فيها موقعَه، علها تكون نقطة انطلاق للتطوير ليحافظ على مكانته العالمية. وفي جولة ل "الإسلام اليوم" بأروِقَة المعرض يلاحظ الزائر انخفاضًا ملحوظًا للزائرين هذا العام نتيجة لتزامن إقامتِه مع امتحانات النصف الأول لطلاب المدارس والجامعات. فضلًا عن ذلك فإن حركة البيع داخل المعرض وخاصة في أجنحة الكتب تعد محدودةً للغاية وفق ما ينقله مسئولو هذه الأجنحة، مرجعين ذلك إلى حالة الكساد العامة جراء أزمات اقتصادية طاحنة، لم تنعكس فقط على رواد المعرض، ولكن على الناشرين أيضًا، مما نتج عنه ارتفاع في أسعار الأوراق والمعدات، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الحقوق الفكرية للمؤلفين. وليست الحالة الاقتصادية وتزامن انعقاد المعرض مع امتحانات الدراسة في مصر، هي التي حالت دون غزارة روَّاد المعرض الإقبال عليه، ولكن نتيجة للطقس السيئ خلال الأيام الماضية، وهو ما عبر عنه الزائرون بأنه كان من أحد الأسباب الرئيسة لعدم زيارتهم للمعرض، خاصة مع امتداد ساحة أرض المعارض. وفي المجمل لا تزال الكتب الدينية والتراثية هي الأكثر مبيعًا في أجنحة المعرض، وفق ما يؤكده الناشرون بأن هذه النوعية من الكتب تحظى بأكبر نسبة مبيعات، تليها كتب "الرجيم" والأطفال، فيما يصفون الإقبال على الكتب الثقافية والفكرية والسياسية بأنه ضئيل للغاية. ويرجع الناشرون ذلك إلى الثورة المعرفية التي باتت تقدمها شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت"، فضلًا عن ضعف الإقبال على الكتاب المطبوع بفعل مؤثرات متعددة منها تراجع الإقبال على القراءة، ونتيجة للكساد الاقتصادي. واللافت في فعاليات ندوات المعرض هذا العام أنها خلت من جماهيرها الذين اعتادوا على حضورها في كل عام، لدرجة أن حاضري ندواته في الغالب معدودون على أصابع اليد الواحدة. ويرجع الزوار ذلك إلى عدم وجود علامات إرشادية توجههم إلى هذه الندوات، فضلًا عن عدم وجود برنامج محدد لها، وعدم التزامها بالمواعيد، فيما يرى آخرون أنه نتيجةً لانعقاد بعضِها في أوقاتٍ متأخرة بعد الثامنة مساءًا يصبح من غير المناسب لهم المحافظة على حضورها. ويبدي كثير من زوار المعرض استياءهم من انتشار مندوبي الدعاية داخل أروقة المعرض بشكلٍ لافت، عندما يضايقونهم بضرورة عرض منتجاتهم عليهم، والتي غالبًا ما تكون أجهزة إلكترونية، وهو ما يعلق عليه الزائرون بأنهم يتجنبون شراء المنتجات الرخيصة، "فما بالنا بالمنتجات المرتفعة الأسعار"! ولذلك يؤكد بعض الزوار أنهم يستغلون المعرض في اصطحاب ذويهم لقضاء فسحة من الوقت مستفيدين بذلك من مساحة أرض المعارض المقام عليها المعرض، لتكون جولتهم أشبه بالزيارة الحرة والترفيه والتنزُّه، بعيدًا عن شراء الكتب أو حضور الفعاليات الثقافية. وأهم ما يلفت انتباه الزوار في دورة هذا العام اختفاء "الشيشة" من المقهى الثقافي، في الوقت الذي منعت فيه إدارة المعرض الناشرين من تدخين السجائر داخل أجنحة الكتب، حفاظًا على المعروضات من ناحية، وللوقاية من مرض "إنفلونزا الخنازير" كإجراء احترازي من ناحيةٍ أخرى. المصدر: الإسلام اليوم