لم أكن أتصور أن ما جاء بعمود سلامات بالأهرام صبيحة يوم الاثنين0102/21/6 تحت عنوان أقباط0102 صادر علي صفحات الأهرام, والذي نعتز به جميعا, وعلي الأخص حرص ملايين الأقباط في الداخل والخارج علي اقتنائها يوميا كما لو كانت استكمالا لقوت الشعب المصري ولم أكن أتصور أيضا أن يوصف البابا شنودة بأنه الداعي إلي الفتنة الطائفية, والاستقواء بالخارج. وقبل أن أتكلم عن قداسة البابا أعتقد أن فقهاء وعلماء ومفكري مصر من المسلمين, وبصفة خاصة رئيس تحرير الأهرام الأستاذ أسامة سرايا يمكن أن يتكلموا ويتحدثوا ويصفوا وطنية قداسة البابا وحبه وعشقه لمصر والمصريين, واهتمامه بالقضايا العربية أكثر من أي مفكر وعالم قبطي علي وجه البسيطة. ومن ناحية ثانية أسمح لنفسي كرجل قانون أن أشير إلي ما يلي: - إن وصف البابا انه يدعو إلي الطائفية والفتن الطائفية, فهذا مؤثم قانونا بنص المادة89 مكرر عقوبات, وعقوبة هذه الجريمة( حال ثبوتها) من ستة أشهر إلي ثلاث سنوات. الطامة الكبري أنه نسب إلي البابا شنودة أنه عام3791 دعا إلي طرد الغزاة المسلمين من مصر, وأنه وصف الاخوة وأشقاء الوطن من المسلمين بأنهم غزاة ويجب طردهم, وهي كبري الجرائم. وصف الكنيسة بأنه ينبغي ألا يترك ما قيل عنها بأنها تخزن أسلحة, وينبغي أن يؤخذ ذلك علي مأخذ الجد ويجب دراسة وطرح ما زعمه الدكتور العوا منذ شهرين من أن الكنيسة تحوي أسلحة وذخائر. ثم نسب إلي الكنيسة ورجال الدين المسيحي تهمة التحريض ضد الدولة, وتجميع الشباب القبطي من الصعيد للتجمهر وتخريب وإتلاف المال العام والخاص, وهذه جرائم توصف في القانون بالجنايات, لأن عقوبة إتلاف المال العام هي الأشغال الشاقة. أنتقل إلي تحليل آخر عن شخصية البابا الذي كما قلت يحبه مسلمو مصر قبل أقباطها, ويكفينا أن مصر تردد جميعها, بأقباطها ومسلميها, عبارة البابا شنودة: إن مصر ليست وطنا نعيش فيها.. بل هي وطن يعيش فينا. وليسمح لي قراء الأهرام أن أذكر بعضا من كثير عن مواقف البابا تجاه مصر, بل الوطن العربي, قصدت ألا أدلل بل لأذكر فقط: 1 أن البابا شنودة ألا تكفي قوميته ووطنيته ومناصرته ليس في قضايا مصر فحسب, وإنما القضية الفلسطينية, فهو صاحب القرار الشهير بحظر سفر الأقباط إلي القدس إيمانا بأن ذهابهم إلي القدس هو لون من ألوان التطبيع مع إسرائيل التي مازالت تحتل القدس. 2 ألا يعتبر البابا صماما للأمان في جميع القضايا التي تحيط وتحاك ضد أبناء هذا الوطن وتحاول الوقيعة بينهم, انظر كيف كان موقفه وهو علي سرير العلاج في أمريكا بحكمة بالغة الذي أوصل أحداث دير أبو فانا إلي بر الأمان, وبهدوء بالغ دون أي إثارة عالج مذبحة نجع حمادي مطالبا بتفعيل القانون. 3 وكم كانت لحكمته أبلغ الأثر في تهدئة النفوس وعدم تصعيدها في أحداث العمرانية الأخيرة. 4 أليس هو البابا الذي رفض ومازال يرفض استقبال أي مسئول إسرائيلي, كما رفض مرارا استقبال لجنة الحريات الأمريكية برغم أنه قد استقبلها الكثير من المسئولين ورجال المجتمع المدني. 5 أليس هو البابا الذي تربطه وفضيلة شيخ الأزهر ووزير الأوقاف روابط ووشائج المودة والمحبة, والحوار المشترك. 6 أليس هو البابا الذي يحرص في كل رحلة إلي الخارج لأمريكا أو استراليا أو أوروبا علي أن يزور ويجتمع بسفراء مصر وقناصلها في الخارج. 7 أليس هو البابا الذي يحرص الأهرام علي استقبال مقاله أسبوعيا له. 8 أليس هو البابا الذي يحرص أمراء دول الخليج علي الترحاب به, ولا يتأخرون عن فتح كنائس للأقباط حتي باتوا يلقبونه بمواقفه ومناصرته للقضايا العربية بأنه بطريرك العرب. أما عن الكنيسة ورجالها وكما قال كاتب الأهرام: إن الدولة تدللهم وتطبطب عليهم فحدث ولا حرج, فإذا كان هذا هو حال الكنيسة فلماذا كان الآلاف من المسلمين قبل الأقباط مطالبين بإخراج قانون بناء العبادة الموحد منعا وتفاديا للاحتقانات, وما كان للأقباط في احتياج إلي قرار من المحافظ لمجرد ترميم دورة مياه, وما كان الأقباط في حاجة إلي استصدار قانون للأحوال الشخصية. وما كان الأقباط في حاجة إلي مطالبة بإدراج الحقبة القبطية والتاريخ القبطي في المناهج التعليمية التي عمرها يربو علي ألفي سنة, ومازالت تدرس في وريقات بسيطة في مناهج التاريخ, وإذا كانوا مدللين, حسب قول الكاتب, ما كانت تسب عقائدهم ويتهم إنجيلهم بالتحريف, ويهمشون في قطاعات كثيرة حساسة في الدولة, وما كان مصيرهم في البرلمان القديم أو الجديد نصفا في المائة, وإذا كانوا مدللين وأن الحكومة تطبطب عليهم ما كانوا في حاجة إلي رفع المئات من القضايا بغية تحقيق المواطنة, وعلي الأخص حقهم في حرية الاعتقاد قضايا العائدين إلي المسيحية. أخيرا.. أذكر أستاذنا الجليل أسامة سرايا حينما كان معنا عبر الهاتف وكنت أنا في بيروت بلبنان مؤخرا في برنامج مثير للجدل علي قناة أبوظبي الفضائية عن مستقبل الأحزاب في الوطن العربي, وكنت أعاتبه غاضبا علي ما جاء بعمود الأهرام فطلب مني تعقيبا علي هذا المقال, وأنه عملا بحق الرد فإنني بعثت إليه بهذا الرد.