طالبت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية رئيسة ومؤسسة حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام بضرورة وضع خطة عمل دولية سريعة وبشراكات قوية علي مستوي المناطق والجنسيات والنوع, لمواجهة الاتجار بالبشر. وأعربت في كلمتها أمس أمام الجلسة الافتتاحية لمنتدي الأقصر الدولي( أوقفوا الإتجار بالبشر الآن)- عن اعتقادها بأن مؤسسات مجتمع الأعمال ككل تستطيع من خلال شبكة اتصالاتها العالمية أن تسهم بشكل كبير في إزالة الأسباب الأساسية للاتجار بالبشر. وقالت: إننا لن نتمكن من تحقيق أي تغيير مستدام إلا من خلال القضاء علي الإقصاء والتمييز الاجتماعي وكذلك علاج مشاكل الفوارق الاقتصادية, وأنظمة الحماية الضعيفة, كما أننا لدينا اليوم الكثير من المعلومات عما كان في السابق حول أساليب استخدام الجريمة المنظمة لمواقع شبكات التواصل الاجتماعي وآخر تقنيات الاتصال الحديثة لتحقيق أهدافهم القاتلة. وأضافت قرينة الرئيس أن العبودية ليست أمرا جديدا وكذلك مكافحتها, ولكننا نجتمع اليوم لتعزيز قدرتنا وعزيمتنا والاستفادة من حكمة من سبقونا من القدماء لمواجهة هذا العدو المشترك الذي لا يعترف بأي حدود. وأشارت إلي أنه ليس من قبيل المصادفة أن يقع الاختيار علي مدينة الأقصر لانعقاد هذا المنتدي, فهي مدينة تمثل إنجازا رائعا حيث إنها مستودع الحكمة القديمة, ومن الملائم أن نأتي إلي هذا المكان في هذا الوقت لكي ننهل من هذا الإلهام, ونحن نتناول كارثة الرق الحديث, وأكثر أشكال التجارة المحظورة مدعاة للأسي, وهي الإتجار بالبشر. وأشارت السيدة سوزان مبارك إلي أنه علي الرغم من أن منتدي الأقصر الدولي يضم العديد من الثقافات واللغات والأعمار فإنهم يرتبطون جميعا برابطة واحدة وهي الإنسانية المشتركة. وقالت موجهة كلامها للمشاركين في المنتدي انظروا إلي الساعات التي في أيديكم بعد مرور ثانية واحدة من الآن سيتم الاتجار بإحدي الفتيات والزج بها إلي عالم تجارة الجنس وتدخل بعدها إلي ظلمات عالم المجهول, ومنذ خمس دقائق تلقت أسرة فقيرة أموالا للسماح لإحدي بناتها بالرحيل إلي المدينة الكبيرة علي وعد بالحصول علي عمل محترم لكنها في الحقيقة ستصبح فتاة ليل في سن الثانية عشرة. وتابعت وفي الوقت الذي تمر فيه الدقائق علي ساعاتنا يوجد أولاد وشباب يجبرون للعمل في مناجم الفحم والماس في ظل ظروف أبعد ما تكون عن الإنسانية بينما هم يدركون جيدا أن هذه ستكون حياتهم القصيرة حتي يصلوا إلي المرحلة التي لا يستطيعون بعدها رفعا ولا حفرا, وبينما أتحدث إليكم الآن هناك طفل في الشارع في مدينة ستظل مجهولة الاسم يتم اختطافه وحين ينام ويستيقظ يجد أن كليته قد اختفت وتباع في الأسواق علنا. ولفتت إلي أن هناك كثيرا من الإحصائيات في هذا الصدد, حيث يتم كل عام في جميع أنحاء العالم بيع أو شراء أو نقل أو احتجاز ملايين من البشر معظمهم من الأطفال والنساء يتم انتهاكهم جنسيا والإساءة إليهم. وتساءلت السيدة سوزان مبارك: أي نوع من العالم نعيش فيه ؟ وكيف سمحنا لسياحة جنس الطفل أن تصبح صناعة منظمة بملايين الدولارات وأن يكون لها مرشدون سياحيون خاصون بها ومواقع علي الإنترنت وخرائط لبيوت البغاء؟.. إنني أجده من الصعب علي أن أستوعب بعض الأشياء المروعة التي أسمعها أو آراها. كما تساءلت: هل تتذكرون ما قرأناه من أخبار حول مؤسس جمعية خيرية شهيرة للأطفال الذي اعترف بأنه كان يقدم وعودا للأطفال بتوفير الغذاء والمسكن والملابس النظيفة لإغراء الأطفال المشردين لاستغلالهم جنسيا ؟.. إنه حقا شيء مفجع إنه حتي هذه اللحظة يكون متاحا من خلال نقرة علي فأرة الكمبيوتر مشاهدة عدد لا حصر له علي الإنترنت من الصور الإباحية لأطفال وفتيات صغيرات يتم اغتيال براءتهم وانتهاك كرامتهم الإنسانية واحترامهم لأنفسهم. وقالت إنه علي الرغم من أن إعلان باليرمو أحدث اختلافا خلال10 سنوات, فإن جهودنا مازالت مستمرة, فمنذ تبني هذا الإعلان رأينا العديد من القوانين والتشريعات تدخل حيز التطبيق للقضاء علي الثغرات القانونية التي كانت تستغل من جانب المهربين لافتراس الضعفاء, وفي نفس الوقت, وجدنا أن هؤلاء المتورطين في هذا النشاط الغامض أصبحوا أكثر خداعا وأكثر تطورا في أساليبهم, ونجد في هذا السياق مهربين يمارسون أنشطتهم بمهارة من خلال أنظمة سوق العمالة يستغلون التناقضات التي تحدث بين الأنظمة القانونية والقومية والمالية المختلفة ويتواءمون بمهارة مع حركة سير العولمة. وأضافت إننا اليوم لدينا الكثير من المعلومات عما كان في السابق حول أساليب استخدام الجريمة المنظمة لمواقع شبكات التواصل الاجتماعي, وآخر تقنيات الاتصال الحديثة لتحقيق أهدافهم القاتلة. وتابعت لقد تعلمنا الكثير لكن مازال هناك العديد من الذين لايبالون بالأمر أو تنقصهم المعرفة الكافية..نعم من حقنا أن نشيد بما تحقق حتي الآن, ولكن يجب ألا ننسي ونحن مجتمعون في هذا المنتدي أن نقوم بتقييم الموقف ومناقشة المزيد من الجهود التي يمكن أن نبذلها. وقالت السيدة سوزان مبارك منذ عدة سنوات لم يكن لدينا الكثير من المعرفة عن الإتجار بالبشر ولكن حين شرعت في العمل عن قرب في القضايا التي تتعلق بالعنف ضد المرأة والطفل, بدأت أتعرف علي الحقيقة المفجعة والتي تمثل أحد أبشع أشكال العنف وانتهاك كرامة الإنسان. وقالت السيدة سوزان مبارك إنه تكريما للعديد من هؤلاء النساء الرائعات ومن أجل دعم جهودهن وكل خطوة يخطونها علي هذا الطريق وللتعبير عن الفخر بمشاركتهن قصصهن من الشجاعة, ومساعدتهن لتحقيق أحلامهن بمستقبل أفضل, قمت بتأسيس الحركة الدولية للمرأة من أجل السلام, منذ ذلك الحين اجتمعت وعملت مع قيادات شجاعة من القطاع الخاص والذين يأخذون زمام المبادرة تجاه قضايا عالمية أخري مثل الصحة والتعليم وحقوق الإنسان والعدالة والسلام ونشر الوعي البيئي وتمكين المرأة. وأشارت إلي أن هذه القيادات الشجاعة قدمت رؤية جديدة لنجاح مجتمع الأعمال ليس فقط من أجل جمع المال وتحقيق المزيد من الأرباح, ولكن أيضا من خلال القيام بدور نشط كمواطنين في المجتمع. وأعربت عن اعتقادها بأن مؤسسات مجتمع الأعمال ككل تستطيع من خلال شبكة اتصالاتها العالمية أن تسهم بشكل كبير في إزالة الأسباب الأساسية للاتجار بالبشر, ولن نتمكن من تحقيق أي تغيير مستدام إلا من خلال القضاء علي الإقصاء والتمييز الاجتماعي وكذلك علاج مشاكل الفوارق الاقتصادية وأنظمة الحماية الضعيفة. وقالت دفعني كل هذا إلي دعوة مجتمع الأعمال للمشاركة في إطلاق الحملة العالمية( أوقفوا الاتجار بالبشر الآن) في عام2006.. وبدأنا بوضع إستراتيجية جريئة وخلاقة والتي تمكنت بفضل جهود شركائنا من تحقيق نتائج ملموسة علي أرض الواقع..وفي حقيقة الأمر يتبني العديد من المؤسسات البارزة وعدد متزايد من كبار سيدات رجال الأعمال حول العالم يوما بعد يوم( مباديء أثينا الأخلاقية) والتي تمثل الأداة الأساسية في الحملة لدعوة مجتمع الأعمال لتبني سياسة عدم التهاون تجاه الاتجار بالبشر. وعبرت السيدة سوزان مبارك عن تقديرها الخاص لما قام به القطاع الخاص في مصر, فقد قرر أن يكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة حيث قام بتعبئة الموارد لمعالجة الأسباب الأساسية لهذه القضية. وقالت إنه من دواعي سروري أيضا أن أري شبابا نشطين من مجتمع الأعمال المصريين يقومون بالعمل في إطار مؤسسات الأعمال ومع نظرائهم من الشباب, لذا يجب علينا تشجيعهم لأن مهمتهم لن تكون سهلة علي الإطلاق. ونوهت بالجهود التي تبذلها الحكومة والمجتمع المدني في هذا الإطار, مشيرة إلي وجود إجراء آخر يتم الإعداد له الآن والذي بمقتضاه لن يبدأ أي مشروع اقتصادي في مصر في ممارسة نشاطه بدون الالتزام ببند عدم التهاون في مسألة الاتجار بالبشر. وأشارت قرينة الرئيس إلي أن البرلمان المصري تبني قانونا شاملا تحت مظلة لجنة التنسيق القومية بمشاركة كل الأطراف ذات الصلة لتجريم الاتجار بالبشر وتوجد استراتيجية وخطة عمل وطنية متكاملة وشاملة جاهزة للتطبيق, فكل هذه السياسات تمثل القوة الدافعة التي ستساعد علي تعزيز جهود كل فئات المجتمع. وتابعت: دعوني أتكلم بصراحة..نحن معنيون بحركة مرتبطة بالقاعدة العريضة من البشر, ولذلك فنحن لا نريد فقط كبار مجتمع الأعمال والمسئولين الحكوميين وشركاء التنمية أن يبذلوا جهودا في هذا الصدد, ولكننا نريد تعاونا من سائق السيارة الأجرة وبائعة الفاكهة والخضار في الأسواق المحلية وأيضا أسر الطبقة المتوسطة في المدن وسكان المناطق الريفية الذين يزرعون في الدلتا, أعني كل شخص يجب أن يدرك كل الإدراك أهمية التعاون سويا والحاجة إلي ذلك التعاون, ففي مصر تتشكل رؤيتنا علي أساس فكرة عالم أفضل للجميع. وقالت إن هناك ثلاثة عوامل مهمة أسهمت في الإنجازات التي تحققت إلي الآن وهي تتمثل في أهمية امتلاك الشجاعة لكسر جدار الصمت وعدم الخجل وكشف كل الحقائق والاعتراف بالحقيقة.. ضرورة أن نبرهن علي تصميمنا وإصرارنا لمناهضة الاتجار بالبشر بكل الوسائل الممكنة مهما كان حجم التحدي. وقالت السيدة سوزان مبارك إن شراكتنا مع الأممالمتحدة تسير علي نحو جيد. فقد كان عملنا مع المجتمع المدني أساسيا وتجربتنا المشتركة مع الخبراء والعلماء كانت ثمينة..هذه الشركات العامة- الخاصة يجب أن تتواصل لتشكل الأساس لكفاحنا المشترك ضد هذا العدو المراوغ. وأضافت: اليوم هناك حكومات وطنية تتولي المسئولية الأساسية لمواجهة الفجوات الموجودة في السياسات والإجراءات والتي تسمح للمهربين بالعمل وهم في مأمن من العقاب..فهذه الحكومات أصبحت الآن مسئولة عن تطبيق القانون ضد الأفراد والأعمال غير المشروعة..وكما أن الجريمة المنظمة تمتد عبر الحدود يجب أيضا أن تمتد جهودنا عبر كل الحدود وبين كل البلدان. وطالبت بضرورة أن تواصل أجهزة الإعلام إثارة القضايا الصعبة وتسليط الضوء علي التهريب حيثما كان ويجب عليها كذلك أن تعطي فرصة التعبير لمن لا يجدون وسيلة للتعبير عن أنفسهم إلي جانب دق ناقوس الإنذار للجمهور الأوسع, لافتة الانتباه إلي تعقيدات وتحديات وأخطار الاتجار بالبشر فهذه الأجهزة لها دورها الفعال في استمرار هذه القضية علي الأجندة السياسية الدولية. وتابعت: يضم جمعنا هذا اليوم شخصيات عامة مرموقة تصل شهرتهم وقدرتهم جميع المنازل والبيوت لتوضيح الجانب الإنساني من تهريب البشر والألم الذي يسببه للضحايا الأبرياء.. تلك الشخصيات قادرة علي أن تعكس حقائق العبودية الحديثة وتحدياتها علي نحو يوضح للمواطنين حجم المشكلة ويدفعهم للتعاون في هذا المجال. وقالت: إن الشباب هم إحدي قواتنا الخاصة في المعركة ضد الاتجار بالبشر, فقد تطوعوا لمساندة جهودنا بما لديهم من أحدث المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات وشبكات التواصل الاجتماعي بروح تتسم بالثقة والتفكير العملي, فهم يتواصلون عبر كل الحدود في جزء من الثانية ويبذلون طاقات تفوق أعمارهم. وأضافت: أعتقد أننا متفقون أنه يجب علينا أن نتجاوز زماننا الحالي وننتقل إلي مرحلة مستقبلية من الزمن نري فيها مباديء أثينا الأخلاقية. وقالت: إننا نطلق هنا في الأقصر جائزة( رواد الأعمال الدولية) الأولي بالتعاون مع مبادرة الأممالمتحدة الدولية لمناهضة الاتجار بالبشر ومبادرة( كومباكت) التابعة للأمم المتحدة حملة( أوقفوا الاتجار بالبشر الآن) وذلك لتكريم جهود وإبداع رواد الأعمال لهذا العام. وتابعت لقد مكنتنا عملية منح الجائزة من اكتشاف الأبطال الحقيقيين, والكثير منهم بيننا اليوم والذين برهنوا علي أن فكرة المواطن الذي ينتمي إلي جماعة ليست فقط مسألة حس عام, ولكنها أيضا تعني اقتصادا ناجحا. وقالت: اعترف بأننا قد لا نكسب الحرب ضد الاتجار بالبشر غدا أو السنة القادمة, لأنه ليس هناك جدول زمني محدد لذلك, ولكنني علي يقين بأننا سننجح علي المدي البعيد. وكانت السيدة سوزان مبارك قد افتتحت أمس المنتدي الدولي حول مكافحة الاتجار بالبشر الذي يعقد بالأقصر من10 الي12 ديسمبر الحالي, بمشاركة500 شخص يمثلون منظمات الأممالمتحدة والمجتمع المدني ورؤساء الأجهزة المعنية وكبار الشخصيات النسائية, بهدف التعريف بمشكلة الاتجار بالبشر وكيفية التصدي لها. وقد استمعت السيدة سوزان مبارك والمشاركون في المنتدي الي كلمة من الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة قرينة ملك البحرين, تحدثت فيها عما تم انجازه منذ إعلان المنامة قبل عامين خلال المؤتمر الذي عقد بعنوان الاتجار بالبشر في مفترق الطرق وتحدثت الأميرة ماتيلدا من بلجيكا, مؤسسة صندوق دعم المستضعفين في بلادها, عن أهمية حماية الأطفال من الاستغلال. وأكد السيد ديكسي تيلرسون مدير شركة اكسون موبيل الأمريكية حرص شركته علي الحفاظ علي حقوق الإنسان وتطبيق قوانين العمل الدولية التي تمنع عمالة الأطفال. ووجه السيد بان كي مون السكرتير العام للأمم المتحدة كلمة مصورة, وجه فيها الشكر للسيدة سوزان مبارك علي جهودها لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر, وأشار الي أن مشكلة الاتجار بالبشر من أعقد المشكلات وأن الأممالمتحدة وضعت خطة للتصدي له, وخصصت صندوقا لدعم ضحاياه.