منذ أشهر أعلنت وزارة التنمية الإدارية أنه حفاظا علي أمن المعلومات يجري تطبيق مشروع الأرشيف الإلكتروني في عدد من الأجهزة الحكومية تباعا, وكان المعتقد أن إدخال التكنولوجيا الحديثة في تطوير أنظمة حفظ الوثائق كفيل بتأمينها وحمايتها من الاختراق تماما, غير أنه ما كشف عنه نشر موقع ويكيليكس الإلكتروني لآلاف الوثائق السرية الأمريكية, هو أن الولاياتالمتحدة بقوتها الهائلة وتقدمها العلمي والتكنولوجي غير المسبوق أخفقت في تأمين وثائقها, وأنه ليس هناك وثائق مؤمنة بدرجة001%, وأن علي مصر أن تعي هذه الحقيقة وتتعامل معها بجدية. فقد كشفت الوثائق التي سربها الموقع كثيرا مما تضمنته نصوص مباحثات ورسائل متبادلة بين واشنطن وعدد من دول العالم تناولت تقييم الولاياتالمتحدة ومبعوثيها لكثيرين من زعماء العالم, والتشكيك في قدرات معظمهم وآرائهم السرية في عدد من القضايا الدولية الحساسة, والتعليمات الصادرة من كبار المسئولين الأمريكيين لدبلوماسييهم بالتجسس علي أنشطة بعض الدول.. إلخ, مما شكل مشهدا مأساويا شبهه بعض السياسيين بتفجيرات11 سبتمبر1002, وترتب علي هذا المشهد تصاعد ردود فعل الدول المختلفة واستياؤها لما كشفته وفضحته هذه الوثائق من إساءات لسياسييها وزعمائها, مما اضطر واشنطن إلي إعلان أنها بدأت في إجراء تحقيق حول هذا الفضيحة, وفي مراجعة إجراءات تأمين وثائقها واتخاذ إجراءات أكثر دقة لتأمين هذه الوثائق والمعلومات. وما تجدر الإشارة إليه حول هذه الفضيحة بالنسبة لنا, أنها أفحمت المتشككين في سلامة موقف مصر من العديد من القضايا العربية, بتأكيدها سابقة تحذير الرئيس حسني مبارك للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من غزو العراق, ورفض مصر حصار غزة والهجوم عليها في أواخر عام8002, وطلبها التفتيش الدولي علي المنشآت النووية الإسرائيلية, وفي الوقت نفسه فلعل تلك الفضيحة تشكل تحذيرا للمسئولين في وزارة التنمية الإدارية لاتخاذ أقصي درجات الحيطة والحذر, وتكثيف معايير الأمان في تطبيق مشروع الأرشيف الإلكتروني في الأجهزة الحكومية, وهو ما ينبغي تطبيقه كذلك بالنسبة للعنصر البشري العامل في هذا المجال. فؤاد جاد المدير العام بوزارة الداخلية سابقا