كتب:محمد فؤاد كوريا الشمالية من الدول التي أثارت انتباه العالم نظرا لنظام الحكم المعروف بتشدده وسياساته القمعية مع مواطنيه وكذلك أسلوبه الصلد في التعامل مع جيرانه ومشكلاته الدولية.والحقيقة أن كوريا الشمالية خضعت للاحتلال الياباني عام1905 وذلك بعد الحرب اليابانية الروسية, وبعد الحرب العالمية الثانية عام1945. تم تقسيم كوريا إلي كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. وبعد ذلك بعام واحد تم إنشاء الحزب الشيوعي الأوحد في كوريا الشمالية, وأقيمت حكومة مؤقتة يدعمها الاتحاد السوفيتي ويسيطر عليها شيوعيون تلقوا تدريبهم في موسكو ومن بينهم الزعيم كيم إيل سونج. وفي عام1949, تم إعلان جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وانسحبت القوات الروسية منها. وقد تزامن ذلك مع إعلان الولاياتالمتحدة انسحابها من جنوب كوريا. تلك الحالة أغرت الزعيم كيم إيل سونج علي غزو كوريا الجنوبية بهدف بسط سيطرته علي الأراضي الكورية كاملة. وقد كان ذلك عام1950, إلا أن الولاياتالمتحدة تنبهت لذلك ودفعت بتعزيزات تمكنت من خلالها القوات الكورية الجنوبية من صد الهجوم الشمالي وبالتالي التقدم علي جبهات القتال, الأمر الذي دعا الصين للتدخل لصالح الشطر الشمالي, مما أدي إلي إبرام هدنة بين الشمال والجنوب ما زالت مستمرة منذ ذلك الحين حتي الآن دون إبرام اتفاقية سلام شاملة بين الطرفين. وبنظرة أكثر تعمقا في شخصية مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونج نجد أنه ولد عام1912 والده كيم هونج جيك وأمه كانج بان سونك. الزعيم كيم تاريخه الدراسي لم يكن مشرفا فقد فصل من المدرسة المتوسطة بعد ثلاث سنوات مما اضطره للعمل في إحدي فرق الجيش الروسية في موسكو, ثم عاد بعد ذلك إلي كوريا الشمالية برتبة رائد وكان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية. وبمساعدة الاتحاد السوفيتي تمكن كيم إيل سونج من التدرج في السلطة إلي أن اعتلي رئاسة كوريا الشمالية. وكان كيم إيل سونج يقدم نفسه علي أنه شخصية مناضلة ضد الاستعمار الياباني, ولولا معاركه ضد ذلك الاستعمار لما كانت كوريا الشمالية قد حصلت علي حريتها من قبضة اليابانيين. البعض يشكك في هذه الرواية ويقول أن كيم إيل سونج ليس هو من ناضل ضد الاستعمار الياباني, وإنما شخص آخر يدعي كيم سونج جو وأن هذا الأخير كان يستعمل اسما مستعارا يسمي كيم إيل سونج وبالتالي فإن هناك نوعا من الغموض حول شخصية المناضل الحقيقي ضد الاستعمار الياباني. المهم أن كيم إيل سونج تمكن من أن يسيطر سيطرة كاملة علي كوريا الشمالية عام1958. وأصبح بالفعل الحاكم بأمره في ذلك الجزء من الأرض. ويقال إنه هو الذي وضع قوانين الأراضي والدستور وأشرف علي تأليف الكتب المدرسية. ووصلت الأمور أن الرعية في كوريا الشمالية كانوا يطلقون عليه القائد الرحيم والرجل السماوي وغيرها من الألقاب. والكوريون في الشمال يؤمنون بأن كل مناحي حياتهم من مأكل وملبس ومشرب هي هبة من القائد الرحيم كيم إيل سونج. وعندما مات كيم إيل سونج تم حفظ جثته داخل القصر الرئاسي في بيونج يانج وهذا ما برر انتقال السلطة لإبنه كيم جونج إيل الرئيس الحالي للبلاد فالسلطة تنتقل من الأب إلي سلالة كيم بناء علي أن كيم إيل سونج هو الرئيس الخالد لكوريا الشمالية. وتعتمد أسرة كيم علي هذا المبدأ في تبرير حكم الفرد في كوريا الشمالية. ومن هنا, عندما مرض الرئيس الحالي كيم جونج إيل لم يجد بدا سوي البحث بين أبنائه لتنصيبه خليفة له وهو الإبن كيم جونج أون الذي تم ترقيته إلي منصب جنرال قريبا. وتجري بوتيرة متسارعة عملية انتقال السلطة في كوريا الشمالية حاليا وذلك بسبب صحة الرئيس الحالي كيم جونج إيل المتدهورة واحتمال أن يفقد السيطرة علي قواه قريبا. المهم أن نظام الحكم في كوريا الشمالية يقوم علي البحث عن الأعداء وتضخيمهم لإيجاد مبررات قوية للبقاء في الحكم وتقوية دعائمه. ومن هذا المنطلق يأتي الأسلوب الشديد الذي تتعامل معه كوريا الشمالية مع جيرانها, فهي تسعي للترهيب حتي تحصل علي أكبر قدر ممكن من المزايا وبالتالي تستخدم تلك المزايا والمساعدات في برامج تطوير الصواريخ والأسلحة النووية التي لديها بدلا من إطعام شعبها الجائع.