لأنه اقدم طريق أثري.. والوحيد في العالم بهذا الطول والحجم والتاريخ.. ولأنه سوف يصبح أهم وأجمل الطرق الاثرية في العالم خرجت تعليمات واضحة من القيادة السياسية موجهة الي وزير الثقافة ومحافظ الاقصر بالانتهاء من إعادة الحياة الي طريق الكباش مع نهاية شهر مارس القادم. ولأن المهمة شاقة الي أقصي الحدود.. فإن ما يحدث الآن فوق الطريق العجوز صاحب ال5 آلاف عام والذي هده الزمن وحوله إلي أطلال.. أمر يثير الاعجاب.. ويذكرنا بذلك الحشد الوطني فوق جبال أسوان أيام بناء السد العالي. مئات من العمال ينتشرون فوق الطريق العجوز.. معاول الهدم تخلص الطريق من مبان تسللت في أزمان سابقة لتمحو معالم الطريق وتدفن تماثيله الرائعة في قلب التراب علي بعد وصل الي4 أمتار في أعماق الترابة.. وعشرات من السيارات تحمل أكوام التراب لتكشف معالم الطريق لتحقيق الحلم الذي راود كل الاثريين طوال السنوات الماضية في ان يعود طريق الكباش الي سابق عهده فوق أرض طيبة عاصمة مصر.. ويعود الإنسان المصري وآلاف من السياح للسير من معبد الاقصر الي معبد الكرنك عبر طريق الكباش الاسطوري حيث كان يشهد المواكب المقدسة للملوك والآلهة في احتفالات أعياد الأوبت من كل عام والذي يتقدمه الملك وعلية القوم وكبار الكهنة خلف زوارق مقدسة تحمل تماثيل الآلهة بينما يصطف أبناء الشعب علي جانبي الطريق واستطاع الرجل تحقيق معجزة إقناع أصحاب1750 منزلا بقبول تعويضات للإخلاء.. او الانتقال الي بيوت جديدة يتم إنشاؤها.. بميزانية قدرها240 مليون جنيه منحة من وزارة التعاون الدولي.. وكان نجاح محافظ الاقصر في تحقيق هذا الجلاء وإزالة المباني هو الخطوة الاولي والمهمة في إنجاح تحقيق إعادة الحياة الي طريق الكباش حيث لم يكن من المتصور إجراء أي تدخل لرجال الآثار الا بعد إزالة المباني والبيوت المنتشرة فوق قلب الطريق. أسرار الطريق * وما ان انتهت هذه المرحلة المهمة حتي بدأت المهمة الثانية التي يقودها الآن الوزير الفنان فاروق حسني لإعادة الحياة إلي طريق الكباش الاسطوري والذي يمتد الي2.72 كم والذي يصل عرضه الي70 مترا وينتشر علي جانبيه1200 تمثال كانت تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي تقام علي هيئته: الاولي تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان فالأسد رمز اله الشمس.. والثانية علي شكل جسم كبش ورأس كبش وهو رمز من رموز الاله خنوم أحد الآلهة الرئيسية في الديانة المصرية القديمة وهو رمز الاله الخالق الذي صنع البشرية علي عجله الفخراني طبقا للديانة المصرية القديمة.. وكانت تحيط بهذا الكباش أحواض زهور ومجار للمياه وبين كل تمثال وتمثال فجوة تقدر ب4 أمتار.. بالاضافة إلي ما ذكرته الملكة حتشبسوت علي جدران مقصورتها الحمراء بالكرنك بأنها قامت بتشييد سبعة مقاصير علي طول طريق الكباش. العشوائيات تردم الطريق وكان هذا الطريق الاسطوري الذي بناه في مرحلته الاولي الملك نختنيو الاول من الاسرة الثلاثين المصرية ثم أتمه الملك تحتمس قد تعرض علي طول سنواته الخمسة آلاف للدمار بعد أن انتشرت فوقه الارض الزراعية وتسللت بيوت ومنازل عشوائية أقيمت فوق هذه التماثيل حتي اختفت معالم واحد من أهم وأجمل الطرق الاثرية في العالم.. وتدفن تحتها تلك التماثيل المقدسة وتدمرها مياه الري والصرف الصحي. وكان العمل في إنقاذ هذا الطريق قد بدأ في يناير2005 بالجزء من معبد الاقصر حتي مبني المحكمة الوطنية بطول375 مترا ثم تلاه العمل في القطاع الثاني خلف مكتبة مبارك والذي يعتبر أكبر قطاع في طريق الكباش والذي مازال يخضع للعمل المكثف حيث يصل طوله الي600 متر بعرض70 مترا ويعتبر في المنتصف بين معبدي الاقصر والكرنك, والموقع محاط بمساكن حديثة وزراعات.. وتم الحفر في الجزء العلوي منه آليا بمعدات من القوات المسلحة وقد اتضح بعد عمليات الحفر ان طريق الكباش يقع علي عمق3.5 متر حيث تعرض للردم بطبقات الاتربة وترسيبات نهر النيل في هذه المنطقة بالذات. 5مارس امتداد الرؤية ويؤكد المهندس منصور زين مدير آثار الاقصر ان رفع كل التعديات علي امتداد الطريق والتي تحجب الرؤية سوف تنتهي تماما خلال أسبوع.. وقد تقرر ان يكون يوم5 مارس القادم هو اليوم الذي تتحقق فيه إخلاء الطريق من التعديات تماما وسوف يمكن للواقف أمام معبد الكرنك مشاهدة معبد الاقصر في نهاية الطريق وعلي مرمي البصر. علي ان المثير للدهشة ان عمليات الحفر خلال إعداد الطريق الاثري العالمي قد كشفت عن عديد من الاسرار التي ردمها الزمن ودفنها في قلب التراب خلال رحلة التاريخ الطويلة عبر خمسة آلاف سنة من عمر الزمن. فقد كشف الحفر عن مجموعات هائلة من الفخار كان يتم تسجيله طبقا لموقع الكشف عليه.. وفي منطقة حديقة خالد بن الوليد تم الكشف عن العديد من تماثيل أبو الهول وبقايا رؤوس للتماثيل وقد امتلأت مخازن هيئة الآثار بهذه القطع التي سوف يعاد ترميمها ووضعها في موقعها علي جانبي الطريق العالمي.. كما عثر أمام الكباش علي كتلة حجرية ضخمة عليها خرطوش للملكة كليوباترا السابعة. كما تم العثور علي العديد من الاواني الفخارية والمسارج ومقابض الاواني التي عليها أختام.. وفي القطاع الثاني خلف مكتبة مبارك كشف الحفر عن ان هذه المنطقة تحولت إلي منطقة صناعية لصناعة النبيذ وأحواض لعصر العنب وإناءين من الفخار للتخمير. ولعل أهم ما كشف عنه الحفر عديد من الاواني الفخارية وبقايا لوحات من العصر الروماني.. واحدة منها للإمبراطور تيبروس يتعبد لثالوث طيبة.. وأهم لوحة لوحة من حجر الكوارتريت للكاهن باك خونسو تؤرخ للعام الثالث من قلم الملك ست نخت مؤسس الأسرة العشرين الفرعونية عليها17 سطرا تحكي النشاط الذي قام بها الملك بالكرنك, وخلال ايام سوف يعلن وزير الثقافة ملامح الطريق الذي يحقق ابهارا أثريا مدهشا.. وجذبا سياحيا كأحد أهم وأجمل واقدم الطرق الاثرية في العالم.