بدأت مسألة الرقابة علي الانتخابات عندما استقلت العديد من الدول في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وتخصلت من المستعمر أو من نظم ديكتاتورية, بعضها كان اسوأ من الاستعمار. تطلعت شعوب تلك الدول إلي حياة ديمقراطية ومشاركة سياسية واتجهت إلي إنشاء مجالس نيابية اختلفت أسماؤها واختصاصاتها حسب ظروف كل دولة وقدراتها. ولما كانت اغلب هذه الدول محدودة الكفاءات أو ينقصها الخبرات الدستورية والقانونية فإن الدول التي سبقتها في هذا المضمار اقدمت علي معاونة الديمقراطيات الوليدة في ارساء قواعد الانتخابات وتنظيم العملية الانتخابية فيما يشبه المعونة التقنية التي أصبحت بعد ذلك من اختصاص الأممالمتحدة, ظهرت الحاجة أيضا إلي تلك المعونة, والإرشاد والرقابة في الدول التي يسودها صراعات عرقية أو قبلية لضمان حياد العملية الانتخابية, وبظهور عدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي ترتبط بالديمقراطية والحكم الرشيد والمشاركة وحقوق الإنسان, رأت بعض الدول ان تنصب نفسها وصيا علي تنفيذ هذه المبادئ, ثم أصبحت حقوق الإنسان.. والانتخابات بمثابة ذريعة للتدخل في شئون الدول الأخري, أحيانا بحسن نية وأحيانا بدافع من الرغبة في الهيمنة, أو اهتماما أجندات خاصة! أصبحت مسألة الرقابة الدولية علي الانتخابات قضية مثارة, البعض يقبلها والبعض يرفضها. عبارة الرقابة الدولية تعتبر فضفاضا واسعا غير دقيق بالنسبة لمداه ولمن يقوم به.. فهناك فرق كبير بين الإرشاد والرقابة والتفتيش والرصد والمتابعة والتوجيه, وهنا أيضا فرق بين رقابة دولية بها حكومات أجنبية, أو منظمات دولية, أو منظمات مدنية غير وطنية, أو شخصيات عامة أجنبية تعتقد ان لها خبرة مطلوبة أو يهمها دس انفها في شئون الدول الأخري, والفرق كبير بين الرقابة والمراقبة أي المتابعة, الرقابة تحمل معني التفتيش لكن المراقبة تعني المتابعة دون أي حقوق, مثل الصفة الاستشارية التي تمنحها الأممالمتحدة للمنظمات الأهلية المتميزة فيكون لها حق حضور بعض الاجتماعات يتعلق الأمر أيضا بخبرة الدولة وتاريخها البرلماني وخبراتها الدولية.. إلي جانب نظرتها للأجانب. ومصر دولة عريقة في الحياة البرلمانية والدستورية, هذه ليست خبرة جديدة بالنسبة لها تحتاج فيها لتوجيه وارشاد وتوعية أو تعريف بالوسائل والانظمة الانتخابية, بل قدمت الخبرة لأغلب الدول الشقيقة وليست في حاجة لخبراء أجانب في هذا المجال, وهذا امر اتفقت عليه الأحزاب باختلاف توجهاتها. ونحن من الدول التي عانت من الأجانب في تاريخ طويل من الاحتلال فأصبح تدخلهم مرفوضا شعبيا وليس رسميا فقط, وهذا يختلف عن الاوضاع في دولة مثل الولاياتالمتحدة التي لاتري غضاضة في رقابة الأجانب لانهم في نهاية الأمر جميعهم كانوا في مرحلة ما اجانب جاءوا إلي تلك البلاد من اماكن أخري فليس لهم تلك المشاعر التي تعاني منها الشعوب العريقة, نحن لنا ان ندعو من نشاء ليعايش هذه المرحلة لكن لايفرضها أو يطالبنا بها احد, خاصة ان مصر توفر نوعا من الرقابة داخليا. لدينا في مصر آليات لتنظيم ومتابعة ورقابة العملية الانتخابية وضمانات كافية تغني عن الاتجاه إلي رقابة خارجية, بعضها استحدث قريبا, منها اللجنة العليا للانتخابات المنوط بها الاشراف علي متطلبات نزاهة وشفافية الانتخابات, وهناك منظمات المجتمع المدني والجمعيات الاهلية التي اصبح متاح لها الرقابة وتقدمت للآن10 آلاف جمعية لمراقبة الانتخابات ويقيني أنها سوف تستثمرها. هذا إلي جانب: اشراك القضاء المصري في الاشراف الذي يشارك فيه0002 قاض. السماح لمندوبي السفارات بمتابعة العملية الانتخابية. تمكين الاعلام الدولي من نقل الانتخابات والتصريح لنحو400 مراسل و22 محطة عالمية لتغطية الانتخابات. رفع القيود علي عمل وكالات الأنباء. التزام الحكومة علنا بتنظيم انتخابات بشفافية وضمان الحقوق المتساوية لكل المواطنين. محاولات توفير الفرص المتكافئة في الاعلام للأحزاب جميعها. والمهم هنا الإشارة إلي ان مصر كانت من الدول التي دعت في الاتحاد البرلماني الدولي لصدور وثيقة المعايير الدولية للانتخابات التي صدرت في باريس في الدورة1154 للاتحاد وتتضمن التزامات تعمل علي توفيرها لايتسع المقال لسردها منها: احترام وضمان حقوق الإنسان وكفالة حسم انتهاكات هذه الحقوق والشكاوي المتعلقة بالانتخابات بمعرفة هيئة مستقلة ومحايدة.. مما يصل بالحديث إلي دور مجلس حقوق الإنسان, ومسئولية مجلس حقوق الإنسان المصري في متابعة ومراقبة الانتخابات متعددة الجوانب, نشير إلي بعضها بايجاز: الحصول علي تصريح بالمراقبة للجمعيات الأهلية. توفير غرفة عمليات بها70 خطا تليفونيا من01512717331 إلي0151271770 لتلقي الشكاوي والعمل علي حلها فورا. توفير كشوف الناخبين ومقار لجانهم للمرشحين جميعا. وضع ضوابط لحسن اختيار أعضاء اللجان الفرعية. تدريب الموظفين في اللجان الانتخابية. استصدار قرار قيام المواطنين بالادلاء باصواتهم بالرقم القومي طالما ان اسمائهم مقيدة بالجداول. متابعة وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرءوة لضمان الحيدة والمساواة. تفعيل واحترام احكام القانون وقرارات اللجنة العليا للانتخابات والاحكام القضائية ومحاسبة المخالفين.. وقائمة الانجازات والضوابط طويلة. بعد كل هذا بل قبله فإن أهم مصادر الرقابة اثنان هما: وعي الشعب نفسه بأهمية نجاح العملية الانتخابية وابعادها المستقبلية. إلي جانب المشاركة التي هي الضمان الأول للنزاهة والوسيلة المثلي لسيادة الديمقراطية وتفعيل واجب المواطنة.