كتب:فتحي محمود: أكثر من150 ألف قتيل وأكثر من20 ألف مفقود وتشريد مئات الآلاف من اللبنانيين علي مختلف طوائفهم ومذاهبهم, هي حصيلة الحرب الأهلية اللبنانية, التي استمرت15 عاما, واحتفل اللبنانيون في ابريل الماضي بمرور35 عاما. علي اندلاعها, مع تصاعد المخاوف من تكرارها مرة أخري, ولاسيما أن الأسباب التي أسهمت في اندلاعها مازالت قائمة, كالانقسام السياسي والتعدد الطائفي والتنازع المذهبي. والحرب الأهلية اللبنانية لم تندلع فجأة وإنما سبقتها أوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية سيئة, تمثلت في تزايد الخلافات بين المسلمين والمسيحيين بسبب سيطرة الموارنة علي السلطة وعدم الاهتمام بتنمية مناطق المسلمين, بالإضافة إلي زيادة حدة عمليات المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل انطلاقا من لبنان ورد الفعل الاسرائيلي عليها. ومنذ انتهاء تلك الحرب, شهد لبنان حروبا متعاقبة بين حزب الله وإسرائيل, كانت حرب2006 أكثرها دموية; معارك بين الجيش اللبناني وحركة فتح الإسلام المتطرفة عام2007 وسلسلة اغتيالات بين2005 و2007 استهدفت صحفيين وقيادات سياسية كان أبرزها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري, وترافق ذلك مع انقسامات داخلية حادة شلت الحياة السياسية وتركت البلاد بدون رئيس للجمهورية طيلة8 أشهر سنة2008, ورغم ذلك لم تتطور إلي حد الحرب الأهلية لحرص جميع الأطراف علي ضبط الوضع حتي لا يصل إلي حد الحرب, وعدم وجود توافق دولي علي عدم عودة الحرب. لكن ماحدث في7 مايو2008 عندما احتل مقاتلو حزب الله مناطق المسلمين السنة في بيروت, ومنعوا وسائل الاعلام الخاصة بتيار المستقبل من العمل بالقوة, نبه اللبنانيين إلي أن احتمال عودة الحرب وارد في أي وقت, مع تعديل جوهري يتمثل في وجود طرف وحيد يملك أسلحة ثقيلة وصاروخية هو حزب الله يستطيع تدمير لبنان, خاصة أنه يحظي بعلاقة استراتيجية مع الجار العربي الوحيد.. سوريا, بينما في الحرب الأهلية كان هناك توازن في التسليح بين الأطراف الاساسية في الحرب. ومع ذلك يؤكد الخبراء ان الذهاب الي حرب اهلية سيحول لبنان الي ساحة حرب استخباراتية لن تكون في مصلحة حزب الله, لذا فإن الحزب لن يصل إلي هذه المرحلة, كما يدرك لحزب الله ان اشعاله حربا جديدة مع اسرائيل ستكون طاحنة ولن ينفع اعتذار نصرالله الي اللبنانيين هذه المرة, خاصة مع وجود قوات اليونيفيل الدولية والجيش اللبناني علي الحدود, ومنع القرار الدولي1707 مقاتلي حزب الله الاقتراب من الحدود. لكن المشكلة الحقيقية أن جميع عناصر الحرب الأهلية مازالت موجودة: الأحزاب التي خاضت الحرب لا تزال علي الساحة, والتوترات الطائفية علي حالها وكذا التدخل الأجنبي وتسلح المخيمات الفلسطينية وبعض الأحزاب اللبنانية. أما المسئولون باستثناء سعد الحريري فما هم إلا أمراء الحرب السابقون, فتركيبة الحكم في لبنان تحمل بذور الحرب, ومع كل مشكلة, يختلف المسئولون ويشلون البلد شللا كاملا. وإذا كان تخوف حزب الله وسوريا من اتهام المحكمة الدولية لهما باغتيال الحريري قد يدفعهما إلي تفجير الوضع في لبنان, إلا أن السماح باندلاع حرب أهلية يحتاج إلي توافق دولي واقليمي غير متاح الآن لأسباب متعددة, الأمر الذي يعني أننا سنكون بصدد حوادث أمنية متفرقة وحروب إعلامية ومحاولات لشل حركة مؤسسات الدولة كبديل عن الحرب الأهلية, خاصة أن الهدف واحد في الحالتين وهو تدمير سلطة الدولة لصالح موازين القوي الطائفية.