بدأت رحلتي علي طريق المحور الساعة الثامنة صباحا, حيث قمت بمراقبة الطريق والكثافة المرورية التي يعانيها, حيث يتكدس الجمهور يوميا ذهابا إلي مشاغلهم, أو إيابا. لأن هذا الطريق يعتبر همزة الوصل بين الجيزة ومدينة6 أكتوبر. وقد أنشئ المحور منذ ما يقرب من15 عاما لتخفيض الكثافة المرورية من ميدان الجيزة, ولربط الطرق, وتقريب مسافتها, وعلي الرغم من أنه منذ بداية إنشاء المحور وتشغيله كان يعاني كثرة الفواصل, وبعض المنحنيات الخطيرة التي كانت تؤدي بصفة مستمرة يوميا, بل وكل ساعة إلي حادثة تصادم وإصابة العديد, وأيضا موتهم, ومنذ عامين قرر المسئولون غلق أجزاء من الطريق وعمل صيانة وتطوير وتغيير للأسفلت, ووضع بعض العلامات الإرشادية, وأيضا الضوئية, مما نتج عنه تقليل الحوادث, لكن المشكلة مازالت مستمرة, وهي أن مطلع كوبري المحور في بدايته يضيق عرضه, لذلك فالازدحام يزداد, وبعد ذلك في وسط الطريق قبل منحدر طريق مصر إسكندرية الصحراوي لا تلتزم السيارات الملاكي بأي لافتات إرشادية خاصة بالسرعة, وهي90 كم للسيارة الملاكي, أما الأتوبيسات فالسرعة المسموح بها80 كم, ومن هنا تبدأ الكارثة لأنه عند مدخل مدينة الشيخ زايد يوجد العديد من الخدمات, منها الهايبر الذي يتوافد عليه الكثيرون, وهناك علي جانبي الطريق المارة يشتكون من عدم تخصيص أماكن لعبور المشاة, فيتعرض الكثيرون للحوادث, ويموت بعضهم علي الفور, كما يوجد علي جانب الطريق موقف عشوائي للنقل الجماعي والميكروباصات, الذي يعترض نهر الطريق ويتسبب في الوقوف المتكرر للسيارات والازدحام المروري. واستمرت رحلة العذاب إلي مدينة6 أكتوبر, لكنها أقل وطأة من الذي سبق الحديث عنه, ففي بداية الطريق تظهر علامات الحياة السكنية والمجتمعية والخدمات التي تقدم هناك, لكن عندما تتعمق بداخلها تبدأ الكارثة, وهي عدم رصف الشوارع التي لا يوجد بها أي إنارة, أو من تستغيث به في أي حادثة أو أزمة.ويؤكد الدكتور عماد الدين نبيل استشاري الطرق أن الحوادث تمثل عبئا اقتصاديا, لأنها تصيب الأرواح والممتلكات العامة. ويصف الحوادث بأنها مشكلة قومية, لذلك يجب تضافر جميع الجهود للحكومة والمواطنين لمواجهة هذه الظاهرة, ورصد معدلات الحوادث الدولية ومقارنتها بالأرقام المحلية, حيث تصل حوادث المرور الدولية إلي6 ملايين حالة, أما في مصر, بناء علي التقرير الصادر من مركز المعلومات بمجلس الوزراء ل2008, أن الإحصائيات تؤكد وجود23 ألف حادثة خلال عام2007, بزيادة15% علي الأعوام السابقة, ومعدلات الوفاة37% من إجمالي الحوادث, والإصابات نحو50%, ومتوسط معدل الحوادث علي الطرق السريعة نحو12 حادثة في اليوم, والإصابات الناتجة عنها نحو15% من إجمالي أسرة المستشفيات, وتعد الحوادث ثاني سبب للوفاة بعد أمراض القلب, وللأسف فإن مشكلة الحوداث مشكلة مجتمعية حيث يشارك في حلها جميع أطراف المجتمع من حكومة تتمثل في وزارات النقل والإسكان والتعليم العالي, حيث إن لهم دورا حكوميا في حل هذه المشكلة, كما لا يمكن إخفاء دور وزارة الصحة.ويضيف أن وزارتي النقل مسئولة عن الطرق السريعة, لذا فإنه لابد من إعادة تخطيط النقاط السوداء, وهي الأماكن التي تتكرر فيها الحوادث أكثر من5 مرات كل ثلاث سنوات من تقاطع أو منحني حاد, وقد تكون الحلول متماثلة في إعادة تخطيط تقاطعات, وإنشاء حواجز خرسانية, وغلق فتحات العبور العشوائي, مع إنشاء كباري للمشاة,, ودراسات تحويل الطرق السريعة من الكثافات السكانية. أما وزارتا التعليم العالي والتعليم فتقومان بثثقيف الشارع, وإنشاء مدارس للقيادة داخل مدارس الطلاب علي أن يكون منهجا صيفيا لمدة أسبوعين كل عام يهتم بقواعد وآداب المرور, وتدريبا عمليا علي القيادة, ولا يتم استخراج أي رخصة إلا بعد اجتياز الامتحان بنجاح دون وساطة. وزارة التعاون الدولي تقوم بالتدعيم عن طريق المنح لبرامج تدريب الكوادر البشرية للعاملين في مجال المرور ومراكز التأهيل, والمساهمة في إدخال مدارس القيادة في المدارس المصرية. أما وزارة الداخلية فعليها أن تقوم بتطبيق نظام الرخص المتدرجة المعمول بها في معظم دول العالم, حيث يعطي للقائد في العام الأول رخصة قيادة متعلم, ويكون بجواره شخص آخر في أثناء قيادته للسيارة, وفي العام الثاني تعطي له رخصة انتقالية, ولا تعطي له الرخصة القيادية إلا بعد مرور ثلاث سنوات,. أما وزارة الصحة فعليها زيادة سيارات الإسعاف, وإنشاء نقطة إسعاف كل52 كيلو. وفيما يخص المواطنين من سلوك القائد, فإن السبب الرئيسي في الحوادث هو القيادة تحت تأثير مخدر, لذلك يجب التأكد من عدم وقوع قائد السيارة تحت تأثير مخدر. ويجب إنشاء أنفاق وكباري, وبالأخص أن هناك أماكن خدمية متعددة علي الطرق, كما أن هناك النقل الجماعي الذي يشارك بتعطيل الحركة المرورية, ويعرض الكثيرين للخطر, وضرورة إنشاء طريق خدمة وهو مواز للطريق السريع يقوم بتجميع وتوزيع الحركة البينية بين مختلف الأنشطة والمشروعات المقامة علي جانبي الطريق.