كان بريد الجمعة2010/10/22 في غرفة العمليات درسا بالغ الأهمية للأبناء الذين تصيبهم الغفلة في علاقتهم بالوالدين.. ربما إنشغال بمشاكل الحياة.. أو بطموحاتهم الخاصة.. ودون أي تصور للفراق المفاجئ بالموت.. رغم أن الموت هو الوجه الآخر لعملة الحياة.. وليس مرتبطا بصحة أو سن.. بل غالبا ما يحدث فجأة دون مقدمات.. ولذلك ان قوله تعالي وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت.. ونقول عند كل صلاة صلي صلاة مودع فلربما كانت الصلاة الأخيرة.. ورغم هذه الإشارات الصريحة.. كثيرا ما ننسي.. ونستغرق في لعبة الحياة.. ولدرجة التكاسل عن مداومة التواصل مع من نحب.. خاصة الوالدين.. وربما تحدث جفوة لسبب أو لآخر.. وفجأة يحدث ما لم يخطر علي البال.. فتكون الصدمة الموجعة.. لكن بعد فوات الأوان.. وهذا ما عبرت عنه صاحبة الرسالة بالقول بابا مات من غير ما ودعه.. يعني إيه؟! يعني موش حشوفه تاني؟! هكذا.. منتهي الحيرة المشبعة باللوعة والحسرة والندم.. لأنها كما قالت لم تكن بارة بوالدها كما ينبغي.. لكن الغريب في عدم توقعها رحيل والدها.. ومن ثم تصحيح موقفها منه وهو حي يرزق.. خطأ متكرر.. فالنسيان والغفلة من طبائع البشر.. لذلك كلفنا الخالق عز وجل بالحرص علي اليقظة.. وتحديد الأولويات.. في إطار قوله تعالي وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.. فعبادة الله متبوعة مباشرة بالإحسان إلي الوالدين.. دون توقف.. وبلا شروط.. وخير البر عاجله.. دون تلكؤ أو مماطلة.. وهذا ما لم تدركه وتفعله صاحبة الرسالة.. لكنها انتبهت بموت والدها.. فعادت تتذكره.. وتذكر محاسنه.. حبه وعطفه وحنانه.. ولكن وهو في غرفة العمليات..!! إن تكرار كلمة وتذكرت.. إقرار بأنها كانت في حالة غيبوبة.. مردها إلي اللهو الدنيوي أو العناد البشري.. أو القصور الذاتي.. حالات شائعة بين شباب اليوم.. لدرجة أن يعتدي الابن علي والديه.. قولا.. وفعلا.. لكن صاحبة الرسالة عادت.. استردت الذاكرة مع إحساس بالتقصير.. والندم علي التفريط في حق الأب.. ونقول لها: لا يأس من روح الله.. فمن ساءته سيئته.. وسرته حسنته.. فهو مؤمن.. وخير الخطائين التوابون. وإذا كان ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. منها ولد صالح يدعو له.. إذن ثمة باب للتعويض.. بالإكثار من الدعاء لوالدك رحمه الله.. والله عز وجل يقول في حديثه القدسي:أنا عند حسن ظن عبدي بي.. وأقول للأبناء المقصرين في حق الوالدين: راجعوا أنفسكم.. حاسبوها.. روضوها.. أحسنوا إلي أمهاتكم وآبائكم.. وانتهزوا وجودهم بينكم لإسعادهم.. ونيل رضاهم الذي هو عين رضا الله عز وجل.. حتي لا تفاجأوا برحيلهم.. ثم تتباكوا ندما وحسرة..!! محمد الشاذلي/ مدير عام