حينما فرغت من قراءة مجموعتها القصصية الأخيرة( عنف الظل), أحسست بالحزن والشجن يسكنان نفسي ويغمران قلبي.ظللت للحظات أتأمل ذلك الإحساس الذي جاش في وجداني, وتساءلت: هل تعمدت هناء عطية أن تسكب فوق حروف قصصها هذه المسحة الحزينة التي غمرت أبطالها؟ أم أنها غمست قلمها الحساس في وجدان البشر, فجاءت الكلمات مفعمة بالألم والحزن والقسوة؟ أم لعلها أرادت أن تقبض علي لحظات الانكسار التي تحيط بحياتنا وتعرض لها علي لسان أبطالها؟ الوحدة.. البحث عن صديق ضاع وتاه وسط زحام الحياة.. البحر الذي يبدو دائما في الخلفية بكل ما يحمل من غضب وغموض وخوف وثورة.. أناس ضعفاء مشوهون يتبدون دوما في الخلفية.. في الظل, حيث الضوء المعتم.. الموت.. صراع الحياة.. اللحظات الخاطفة التي نسرقها من عمرنا الضائع.. هذه اللحظة الآنية التي سرعان ما تموت وتنقضي ربما قبل أن تولد.. اللهاث الدائم.. الصراع بين الخير والشر.. تلك المعركة الأبدية التي لا تنتهي فصولها أبدا.. المشاعر المتناقضة التي تجيش في قلوبنا.. معان عميقة يجدها القارئ بين سطور المجموعة. ويطل الأمل ويشرق, رغم هذا اللون الرمادي الذي يلف الكلمات.. فهناك دائما إحساس بالفرح يتبدي عبر الكلمات, أو ربما شعور بالترقب المفعم بالأمل.. يعكس الظل هنا حالة التشوه والعتمة والغموض التي تلف الأشياء والبشر.. المرء الذي ارتضي لنفسه أن يكون في الظل.. في الخلفية.. مجرد رهن إشارة للآخرين.. أو تلك الأشياء التي تفقد رونقها وبريقها وهي بعيدة عن الضوء, حيث الظل والعتمة والغموض.. تبدو هناء عطية هنا متمكنة من أدواتها وكلماتها المكثفة التي تعكس معها أزمات شخصيات أبطالها.. فهي تملك لغة رصينة معبرة تموج بالمشاعر والحركة والإحساسات المتدفقة التي تراود أبطالها. يذكر أن هذه هي المجموعة القصصية الرابعة للكاتبة, إذ قدمت من قبل ثلاث مجموعات هي: شرفات قريبة, هي وخادمتها, مطر هادئ.. وأخيرا عنف الظل, والتي حازت علي جائزة ساويرس لعام2009. صادرة عن الدار للنشر والتوزيع.