الله ربنا ونحن عبيده.. خلقنا علي الصورة التي أراد في أي صورة ما شاء ركبك( الإنفطار8) ولو لم يرد أن نوجد أصلا لما وجدنا.. وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا( مريم9) فنحن مدينون له أول شيء بوجودنا.. وهو سبحانه خلقنا لنعبده وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون( الذاريات56) وعلينا أن نظهر له عبوديتنا بالكيفية التي حددها لنا, وإلا كنا مارقين.. حدد لنا أن نصلي فلنصل.. وحدد لنا أن نصوم فلنصم.. وأن نخرج زكاة أموالنا فلنفعل والذين هم للزكاة فاعلون( المؤمنون4).. علي أن هناك نقطة علي جانب كبير من الأهمية, وهو أننا قد نصلي, ولكننا نصلي متثاقلين.. أو نصوم ولكننا نصوم كارهين.. وكأن الصلاة أو الصوم عقوبة نؤديها مضطرين.. وهذا يقلل من الأجر.. في حين أننا إذا صلينا مرتاحينأرحنا بالصلاة يابلال( حديث شريف) وصمنا راغبين, ضاعف الله لنا الأجر والثواب علي ما نفعل, وأضرب مثالا ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون( إبراهيم25) لو أن عندنا عاملا أجيرا نكلفه بشيء فيؤديه متحمسا نشيطا, وعندنا عامل آخر يؤدي ما نكلفه به وهو كاره متبرم.. هل يتساوي الاثنان لدينا؟! بالطبع لا.. الأول نكافئه بسخاء, والثاني لا نرغب في تكليفه بشيء, أو حتي لا نرغب في رؤية وجهه.. والإثنان أديا ما طلب منهما!! ورسم لنا ربنا سلوكيات في التعامل فيما بيننا.. منها أنه حرم علينا أن يظلم بعضنا بعضا بأي صورة من الصور ياعبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا( حديث قدسي) إلي آخر هذه المنظومة المتكاملة.. أمور تعبدية لله عز وجل, وأمور في حسن التعامل بين الناس الدين المعاملة( حديث شريف).. وهل لذلك مقابل؟ بكل تأكيد.. فالله خالقنا وعدنا إن نحن أظهرنا له عبوديتنا كما رسمها لنا, فجزاؤنا جنات عرضها السماوات والأرض ننعم فيها إلي مالا نهاية وبغير حدود ياعباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين. ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون( الزخرف68 71) هذا وعد الله خالقنا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا( النساء123).. أما الذي ينكر وجود الله, أو يقر بينه وبين نفسه أن هناك إلها لهذا الكون ولكنه يستنكف عن عبادته, فهؤلاء وأولئك سيحشرهم الله إليه ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا( النساء172) ثم يلقون مصيرهم المحتوم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين( غافر60) أما الذين يؤمنون بالله ولا يؤدون ما افترضه عليهم لاظهار عبوديتهم له أو يؤدون شيئا ويعرضون عن شيء آخر, مثل الذي يصوم ولا يصلي, أو الذي لا ينتظم في الصلاة, يصلي فرضا ويهمل آخر, أو يصوم ويصلي ولا يؤدي الزكاة, فهؤلاء أمرهم موكول إلي الله, ان شاء رحمهم وإن شاء عذبهم إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء( النساء48).. وهناك أشياء أخري, ليست عبادات وليست معاملات, ولكنها مع ذلك إظهار للعبودية لله تبارك وتعالي, وأهمها الصبر علي الابتلاءات, فالمؤمن الصابر المحتسب أي الذي يصبر علي ما ابتلاه الله به ويحتسبه عند ربه, هذا المؤمن جزاؤه الجنة ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولي, لم أرض لك ثوابا إلا الجنة( حديث قدسي) لأنه لا يعترض علي قضاء الله, وهذا إظهار صادق لعبوديته لله سبحانه إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير( هود11)..