اشتركت في فعاليات المؤتمر السنوي لاتحاد الصيدلة الفيدرالي العالمي الذي عقد في مدينة لشبونة بالبرتغال, وطرحت فيه موضوعات عديدة عن الجديد في الصيدلة والصناعات الصيدلية, ومن أهمها بحوث تتعلق بتخصص دوائي جديد وهو جينوميات دوائية وهو- طبقا لمنظمة الصحة العالمية- تخصص يعني بدراسة دور التركيب الجيني( الخريطة الجينية) لفرد ما في تغيير فاعلية الدواء وحدوث اعراضه الجانبية, وبمعرفة تفاصيل الخريطة الجينية للمريض, يمكن تحديد الدواء المناسب والجرعة المناسبة منه, بحيث يحقق استعماله العلاج الأمثل للمرض دون حدوث اعراض جانبية قد تمثل خطرا علي صحة المريض, وأحيانا علي حياته, كما تعرقل العلاج الدوائي. وكانت البداية الحقيقية لتخصص الجينوميات الدوائية في السنوات الأولي من النصف الثاني للقرن العشرين, حيث تبين أن بعض الأدوية قد يسبب في عدد قليل من المرضي دون غيرهم اعراضا جانبية تصل الي حد الخطر, بينما لاتؤثر أدوية اخري في بعض المرضي. ولقد كانت هذه الملاحظات مواكبة لبداية ثورة الجينات التي أدت الي اكتشاف الجينوم البشري, وكان للدواء نصيب من هذا الاكتشاف, حيث بينت البحوث ان افرادا يحملون جينات متغيرة( غير طبيعية) قد يترتب علي وجودها نقص او زيادة في فعالية دواء ما, وقد يحمل بعض المرضي جينات متغيرة تسبب حدوث اعراض جانبية اثر تناول نوعيات من الأدوية, وهناك أمثلة كثيرة لأدوية تنقص او تزداد فعاليتها بسبب التغير الجيني, منها دواء الكودايين الذي يستخدم لتسكين الآلام, ومن المعروف ان الكودايين يتحول في جسم المريض الي المورفين الذي يسكن الألم, ولوحظ ان بعض المرضي يتناولون الكودايين بجرعاته العادية دون ان يسبب تخفيف الألم, وذلك بسبب وجود تغير جيني يؤدي الي بطء تحول الكودايين الي مورفين, وبالتالي انخفاض نسبة الأخير في الدم. وعلي العكس فان الكودايين قد يتحول في بعض المرضي تحولا سريعا يترتب عليه ارتفاع نسبة المورفين في الدم, فاذا كان من بين هؤلاء المرضي ام تتناول الكودايين وهي ترضع طفلها فان نسبة عالية من المورفين تنتقل من دم الأم الي اللبن وهذا يسبب متاعب صحية للرضيع, كما يؤدي الي ادمانه للمورفين, ويتمثل خطر الادمان في اعراض الانسحاب التي تهدد حياته. وهناك أمثلة عديدة للأدوية التي تسبب اعراضا جانبية خطيرة بسبب التغير الجيني, مثل ادوية الملاريا والسلفا والأسبرين التي تسبب تكسير خلايا الدم الحمراء وانيميا في بعض المرضي, وأدوية تسبب حدوث نزيف في عدد من المرضي, وهي الأدوية المضادة للجلطة, وهناك أدوية تسبب اعراض الحساسية في عدد قليل من المرضي بسبب التغير الجيني. ومن المأمول انه بمعرفة الخريطة الجينية( الجينوم) لمريض ما يمكن تحديد نوع الدواءوجرعته المناسبة له بحيث يحدث الدواء مفعولا قويا مع قلة أو انعدام أعراضه الجانبية, ومن ناحية أخري فإنه من المتوقع أن تفيد بحوث الجينوميات الدوائية في اكتشاف أدوية جديدة علي درجة عالية من الكفاءة ضد المرض ولاتسبب الاعراض الجانبية التي تحدث مع الأدوية المستخدمة الآن. وانطلاقا من أهمية هذه البحوث في فتح آفاق جديدة في مجال العلاج الدوائي من حيث ضمان الفاعلية المطلوبة, وتقليل خطر الدواء اناشد المسئولين في كليات الصيدلة والطب ومراكز البحوث ايفاد خريجين متميزين علميا وبحثيا الي دول سبقتنا في بحوث هذا التخصص, وادراج تخصص الجينوميات الدوائية والبرامج التي تخدم هذا التخصص مثل العلاج الجيني وتطبيقات الجينوم البشري في الكشف عن الأمراض والوقاية منها, وتكنولوجيا المعلومات وادوية التكنولوجيا الحيوية التي سوف تفتح آفافا جديدة في مجال علاج الامراض والوقاية منها.. وادراج كل هذه البرامج ضمن مقررات طلاب مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا. د. عز الدين الدنشاري