عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    وزير الكهرباء: التوليد المائي ومحطات تخزين الطاقة ضرورة لضمان أمن واستقرار الشبكة    آخر موعد لتقديم إنهاء طلبات المنازعات الضريبية    قرقاش: طهران مطالبة بترميم الثقة مع محيطها الخليجي بعد طي صفحة الحرب    خطة وقف إطلاق النار في غزة على طاولة حكومة الاحتلال الأحد.. ما تفاصيلها؟    احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة    تحذيرات من عواصف وأمطار رعدية في الصين    بالميراس وبوتافوجو يُعيدان مشهدًا نادرًا في كأس العالم للأندية لم يحدث منذ 25 عامًا    نقل حي ومُباشر لمبارايات الأدوار الإقصائية لكأس العالم للأندية من أمريكا حصريًا على شاشة MBC مصر2    مشجع بالنادي المصري يهدي وزير الرياضة "بوكيه ورد"    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة عدد من المجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    تعرف على شهيدات الكرامة والعمل.. قصص ضحايا حادث المنوفية الإقليمي    الثانوية العامة 2025|التعليم تنفي إصدار قرارات بمجازاة مسؤولين في امتحان الفيزياء    هشام عاصي: مسئولو محافظة المنوفية يتهربون من الحديث عن كارثة حادث الإقليمي ولا يردون على اتصالاتنا    الطائفة الإنجيلية تنعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    صحة الشرقية: استعدادات مكثفة لتنظيم احتفالية اليوم العالمي للتبرع بالدم    وفاة 12 حاجًا من حجاج السياحة    وزيرة البيئة: "جرين شرم" يقود تحول شرم الشيخ لأولى الوجهات السياحية الخضراء    رونالدو: لسنا سعداء ولكنني أؤمن بمشروع النصر    الأهلي يضع 3 بدائل تحسبًا لرحيل وسام أبو علي    نادر السيد: مشاركة الأهلي في مونديال الأندية مشرّفة.. والزمالك أولوية نجلي    "بصورة مع الأهلي".. زيزو يوجه رسالة لعبد الشافي بعد اعتزاله الكرة بقميص الزمالك    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    حقيقة خصخصة الجامعات الحكومية وإلغاء مجانية التعليم| مجلس الوزراء يكشف    أسعار مواد البناء في مصر اليوم السبت    عاجل... مجمعة التأمين تصرف 100 ألف جنيه لكل متوفى بحادث المنوفية    الأرصاد تحذر: حرارة محسوسة 39 درجة بالقاهرة الكبرى.. وارتفاع الرطوبة يزيد الإحساس بالطقس    الحبس سنة لمتهم قتل شخصا في الإسكندرية.. ووقف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات    إسفكسيا الغرق وراء وفاة شاب بمياه الرياح الناصري    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    الجيش الروسي يحرر بلدة تشيرفونا زيركا في دونيتسك    وزير الثقافة يشهد احتفالية البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بذكرى 30 يونيو    في هذا الموعد.. شيرين عبدالوهاب تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين ب المغرب    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    تحت رعاية وزير الثقافة.. انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    عاجل| الحكومة تقرر صرف 1500 جنيه لهؤلاء المواطنين بعد شهريين: شوف لتكون منهم    "الصحة" تعلن توقيع 10 بروتوكولات ومذكرات تفاهم بمؤتمر صحة إفريقيا    للتخلص من السعال وبرد الصيف.. طبيبة تنصح بتناول هذا المشروب    اليوم، امتحان مادة "اللغة الإنجليزية" لطلاب القسم العلمي للثانوية الأزهرية    الأهلي يتحرك لحسم ملفات الموسم الجديد.. جلسة فنية بين ريبيرو ويوسف.. الأحمر ينهي صفقة جديدة.. إغراء أبو علي للاستمرار مع الفريق.. واجتماع حاسم للإدارة    6 علاجات منزلية للتخلص من أعراض القولون العصبي    طريقة عمل الباستا فلورا، لتحلية مسائية بأقل التكاليف    الدقهلية تستعد لاستقبال رئيس هيئة السكة الحديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إذا أردت أن تتصدق علي صحة جسدك.. فعليك بإقامة تلك الصلاة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : شهداء لقمة العيش!    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    «الجبهة الوطنية»: صرف 100 ألف جنيه لأسر المتوفيين و50 ألف للمصابين بحادث المنوفية    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    رسميًا.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد قرار رئيس الوزراء    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يمن يغضب لنا؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 10 - 2010

شدني الشأن العام للكتابة حين يفيض بي الكيل‏,‏ وتصبح الكلمات والحروف في غيره نوعا من الرفاهية البلاغية‏,‏ وللأمانة التي يفترضها القارئ في الكاتب أن الإبحار في النفس البشرية والقضايا الإنسانية. هي في كثير من الأحيان هروب من الولوج في أمور الشأن العام‏,‏ خاصة حين يتناقص اكسجين الأمل في رئتي‏,‏ والملاحظ أن الناس تآلفت مع القبح والركاكة واستسلمت للواقع السيئ‏,‏ ولست سوداوي المزاج ولا ملتهب القولون النفسي‏,‏ ولا أعاني من اكتئاب مزمن‏,‏ بل علي العكس تماما‏,‏ فأنا أشكو من حماس زائد ومن تفاؤل مفضوح‏,‏ وعندي قناعة بأنه اذا لم أكن متفائلا بالغد وعندي أمل‏,‏ فالأولي أن أقود حركة‏(‏ لطم الخدود‏)‏ التي تشيع الحماس الي مثواه الأخير‏.‏
يشدني الشأن العام حين أشعر كمواطن من‏80‏ مليونا‏,‏ أن قضايا وشئونا حياتية تحتاج الي همسة أو صيحة أو شخطة أو للدقة غضبة‏(‏ بتسكين الضاد‏),‏ هذه الغضبة‏,‏ أقرؤها في العيون وتصلني علي الموبايل‏,‏ وهي حديث الناس في المقاهي والأندية وقزقزة المجتمع المخملي أيضا‏,‏ الناس عادة تبرطم بالمعاناة ثم يسكتون‏,‏ فالسلوك الذي يسيطر عليهم هو الصمت الثرثار مشفوعا بعبارة‏(‏ آدي الله وآدي حكمته‏),‏ ومازال المجتمع المدني يطل علي استحياء ومازال الاعتراف بدوره وفاعليته محدودا‏,‏ ومازالت المبادرات الفردية ضئيلة ولكنها تذوب وتتلاشي في بحر من البشر طوله وعرضه ثمانون مليونا‏.‏
من يغضب لنا؟ من يغضب اذا فاض بنا الكيل وطفح؟ هل هي الحكومة كجهاز تنفيذي؟
من منا لا يشكو من الكثافة المرورية وحركة سير السيارات كالسلاحف والغيظ الساكن في الصدور‏,‏ وهدة الحيل التي يعانيها البسطاء قبل الذهاب لأعمالهم فلا ينتجون شيئا‏,‏ هل اهتم أحد أو غضب لأن الناس بتتبهدل‏,‏ والشوارع صارت جراجات والشلل في الطريق يهدد بحالات ضغط دم وسكر؟‏..‏
الوحيد الذي غضب لنا هو رئيس الدولة‏,‏ صحونا علي صحف الصباح تعليق أن الرئيس ناقش في اجتماع موسع‏(‏ الخنقة المرورية‏)‏ واستبشرنا خيرا‏,‏ وبعد أيام قليلة عقد الرئيس اجتماعا ثانيا لنفس ذات الغرض واستبشرنا خيرا‏,‏ لم يضع الجهاز التنفيذي يده في يد الخبراء في هذا المجال‏,‏ لأن العقد تسيطر علي الحكومة عند الاستعانة بالعقول المصرية‏,‏ تركبها العفاريت اذا حاولت الجامعات أن تتعاون معها‏,‏ يعني هوه أحمد زويل قرف من قليل؟‏.‏
ولا أظن أن الرئيس سوف يطلب اجتماعا ثالثا لأن الرجل مشاغله أكبر‏,‏ برغم أنه في أزمات كثيرة حياتية مرت بالبلد كانت له غضبته وتوجيهاته‏,‏ شرح رئيس الدولة المشكلة ويبقي دور الأجهزة المعنية لتطرح مقترحاتها‏,‏ وعرض ذلك عبر حوار مجتمعي‏,‏ فأنا وأنت وهي وهو‏..‏ أطراف في المعادلة ولكن لا شئ تبدل أو تغير‏,‏ فمازال الخروج الي الشارع وركوب مواصلات أو سيارات خاصة مغامرة بكل المقاييس‏,‏ ربما يتحمل الناس جزءا من المشكلة‏,‏ ولكن هناك حتمية قرارات جادة لابد من اتخاذها دون بطء أو تردد‏,‏ ولكل إصلاح أو تطوير أو علاج ثمن‏.‏
الذي غضب لنا هو رئيس الدولة حين أصدر توجيهات بغضب للحكومة بتشديد الرقابة علي مخالفات السرعة بالطرق وعدم تمديد مهلة عمل المقطورات‏(‏ العالم كله يعمل بالشاحنات وتم إلغاء المقطورات التي تسبب الكثير من الحوادث‏),‏ فهل تناولت استوديوهات تحليل الحوادث التي زرعت مآتم في البيوت؟ لا أظن‏!‏ لقد انتهت الزيارة الرئاسية وستظل حوادث دماء الأسفلت من جديد والمتابعة في المشمش‏!‏
حين حدث اعتداء علي أرض جزيرة آمون في أسوان وفاحت الرائحة الكريهة وتهامس الناس‏,‏ فمن غضب؟ هل أوقفت الحكومة عقد البيع وهل جرؤ أحد علي التصدي للصفقة؟ لا أحد‏!‏ لكن رئيس الدولة وقد تحري كعادته من أطراف كثيرة‏,‏ قال‏:‏ قف‏!‏ هو الذي غضب وجاءت غضبته في صحف الصباح بإلغاء الصفقة فورا‏.‏
معني هذا‏,‏ أن رئيس الدولة صاحي ويقظ‏,‏ وحتي بطء قراراته تدبير لأن في رقبته‏80‏ مليون نسمة‏,‏ انه عين الصقر التي تري أوضح‏,‏ الفضائيات العاقلة والشاشات المتزنة تضع الحقائق ربما المسكوت عنها أمام الرأي العام‏,‏ وهذا دور إعلام مرئي موضوعي الهوية بديلا عن تقارير وردية أو مجاملة لا تقول الحقيقة‏,‏ واذا حجبنا الجرأة العفيفة في تناول عيوبنا‏,‏ فسوف تبقي العيوب وتستفحل‏:‏
من يغضب لنا من الاعتداءات الجسورة علي الأرض الزراعية التي تقلصت؟
من يغضب لنا من استيراد الفول المدمس والزيت‏,‏ وجبة ملايين المصريين؟ ومن يغضب لنا من جشع الوسطاء وتربح التجار وخط الفقر في هبوط؟ ومن يغضب لنا وفي مصر عقول مضيئة يستعان بها في دول أخري إلا مصر؟ ومن يغضب لنا من تجاهل العلماء ورجال العلوم الإنسانية علي مائدة صاحب القرار؟ ومن يغضب لنا اذا شعر المعوقون بأنهم مهمشون بسبب العجز؟ ومن يغضب لنا من سيطرة المال السياسي في الانتخابات؟ ومن يغضب لنا من تعثر الحرب علي الأمية والحرب علي الكثافة السكانية وهما عائقان خطيران مؤثران في مسيرة أمة؟ ومن يغضب لنا وينشر المظلومون استغاثات له في الصحف بعد خرس الأجهزة؟ ومن يغضب لنا اذا تأزمت أمور فشلت الأجهزة في حلها فيجيء هو بقرار؟ ومن يغضب لنا غضبا حكيما مقننا ليس كغضب العامة لأنه فوق كرسي المسئولية؟ ومن يغضب لنا عندما تسد إسرائيل كل الطرق المؤدية للسلام‏,‏ فيضبط أعصابه ويضعها في ثلاجة وهي في قمة الغليان؟ ومن يغضب لنا حين تنفلت الألسنة العاقلة أو المفروض كذلك لتشعل حطب الفتن الطائفية‏,‏ فيحكم قبضته علي هذا الجرح؟

المزيد من مقالات مفيد فوزى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.